
نيويورك – «كونا»: أكدت دولة الكويت أن السلام العادل والشامل لا يمكن أن يتحقق، من دون إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة كافة، معتبرة الصمت على الجرائم المرتكبة في غزة «تواطؤا مع الجلاد ضد الضحية».
جاء ذلك في كلمة ألقاها وزير الخارجية عبد الله اليحيا، أمام المؤتمر الدولي رفيع المستوى لتسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية، وتنفيذ حل الدولتين في مقر الأمم المتحدة بنيويورك.
وقال اليحيا: «نجتمع اليوم تحت وطأة ظروف استثنائية ومأساوية تمر بها الأراضي الفلسطينية، وتحديدا قطاع غزة، الذي يتعرض لعدوان عسكري إسرائيلي غير مسبوق خلف عشرات الآلاف من الشهداء، غالبيتهم من النساء والأطفال، ودمارا واسعا طال البنية التحتية والمستشفيات والمدارس ومرافق المياه والكهرباء وحتى الملاجئ».
ونبه إلى أن الحصار الجائر المفروض على غزة وقطع الغذاء والدواء والكهرباء والمياه، نتج عنه كارثة إنسانية تهدد حياة أكثر من مليوني إنسان، معظمهم من المدنيين الأبرياء، موضحا أن هذه الأوضاع تجاوزت حدود المأساة، لتتحول إلى تحدٍ صريح للضمير الإنساني والقانون الدولي.
وأشار اليحيا إلى أن «استمرار التمادي العسكري وتجاهل المبادئ الإنسانية والقانونية، يعد تراخيا من المجتمع الدولي عن أداء مسؤولياته، ويشجع على الإفلات من العقاب، ومن هنا تبرز الحاجة الماسة إلى تحرك دولي فوري وفعال».
وسلط وزير الخارجية الضوء على ثوابت دولة الكويت التاريخية والراسخة، التي تؤكد أولا على الاعتراف الكامل بدولة فلسطين ضمن حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
ورحب في هذا السياق بالخطوات المتخذة مؤخرا من عدة دول، داعيا الدول التي لم تعترف بعد إلى اتخاذ الخطوة ذاتها باعتبار ذلك أساسا لتحقيق العدالة والسلام.
ودعا إلى الوقف الفوري والشامل للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة كافة، ووقف استهداف المدنيين والبنية التحتية، وضمان عدم تكرار مثل هذه الأفعال الإجرامية.
وشدد اليحيا على ضرورة فتح جميع المعابر بشكل دائم وغير مشروط، بما يضمن تدفق المساعدات الإنسانية والطبية وتمكين عمليات الإغاثة من الوصول إلى مستحقيها من دون صعوبات.
وأعرب عن رفض أشكال التهجير القسري كافة، التي تستهدف تغيير الواقع الديموغرافي في الأراضي الفلسطينية ،مؤكدا على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وفق القرار الأممي رقم «194».
وحث الوزير على دعم الحكومة الفلسطينية ومؤسساتها الوطنية وتوسيع سلطتها على كامل الأراضي الفلسطينية، باعتبار ذلك خطوة أساسية لبناء الدولة الفلسطينية المستقلة.
وناشد المجتمع الدولي ضمان حماية المدنيين، وإيقاف الانتهاكات، ومحاسبة مرتكبي الجرائم أمام محكمة العدل الدولية وتفعيل آليات العدالة الدولية لضمان عدم الإفلات من العقاب.
كما دعا اليحيا إلى دعم الجهود السياسية والدبلوماسية كافة، لإحياء عملية السلام وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية لعام 2002 ورفض كل السياسات التي تؤخر تحقيق حل الدولتين.
ولفت إلى أنه «آن الأوان للمجتمع الدولي أن يضع حدا لهذه المأساة المتكررة، ويتحرك لحماية الأبرياء وإيقاف العدوان وإنهاء الحصار وإلزام الاحتلال الإسرائيلي باحترام القانون الدولي الإنساني».
وقال اليحيا في ختام كلمته: «إننا أمام مشهد إنساني مفجع لا يقبله ضمير حي حيث يقتل الأبرياء على أبواب المستشفيات وتجفف الملاجئ وتحرم غزة من الماء والغذاء والدواء .. فهل من مغيث؟ وهل من نصير لأهل غزة؟»
ويأتي انعقاد هذا المؤتمر في ظل تطورات متسارعة، تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة، واستمرار الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني، وهو ما يستدعي توحيد المواقف الدولية لدعم حقوقه المشروعة.
وقد أكد المشاركون في الجلسات الافتتاحية على مركزية القضية الفلسطينية، وضرورة تكثيف التحركات السياسية والدبلوماسية لإحياء عملية السلام، وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
من جهة أخرى، التقى وزير الخارجية عبدالله اليحيا، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وذلك على هامش أعمال المؤتمر الدولي الرفيع المستوى، لتسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية، وتنفيذ حل الدولتين المنعقد في مقر المنظومة الأممية بمدينة نيويورك.
وجرى خلال اللقاء استعراض الجهود الدولية الرامية، إلى التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وسبل تعزيز التنسيق المشترك، لدعم عملية السلام إلى جانب مناقشة آخر التطورات الإقليمية والدولية ذات الصلة، والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
إلى ذلك، التقى وزير الخارجية عبد الله اليحيا، نظيريه الأردني أيمن الصفدي، والباكستاني محمد إسحاق دار، خلال أعمال المؤتمر الدولي الخاص بفلسطين، في مقر الأمم المتحدة.
واستعرض اليحيا مع الوزيرين، العلاقات الثنائية بين دولة الكويت وكل الأردن وباكستان، وسبل تطويرها في مختلف المجالات، كما بحث معهما عددا من القضايا ذات الاهتمام المشترك، إضافة إلى تبادل وجهات النظر حول آخر المستجدات الإقليمية والدولية، لا سيما الجهود المبذولة لتحقيق التسوية السلمية وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
من ناحيته، أكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي، أن الاستقرار الإقليمي يبدأ من تثبيت هوية الدولة الفلسطينية على الخريطة القانونية والدبلوماسية للعالم، داعيا المجتمع الدولي إلى الانضمام لتحالف حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين، تمهيدا لإعادة بناء الثقة وإرساء سلام حقيقي.
وذكرت الأمانة العامة للمجلس في بيان، أن ذلك جاء في كلمة ألقاها البديوي أمام أعمال المؤتمر الدولي الرفيع المستوى لتسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية، وتنفيذ حل الدولتين في مقر الأمم المتحدة بنيويورك.
وأكد البديوي أن «القضية الفلسطينية لم تغب عن وجدان مجلس التعاون لدول الخليج العربية، منذ تأسيسه في عام 1981»، وستظل في صدارة الأولويات باعتبارها «قضية حق وعدالة لا تقبل المساومة».
ودعا في هذا الصدد الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين، إلى اتخاذ هذه الخطوة السيادية التي تمثل ضرورة سياسية وأخلاقية، لإطلاق مفاوضات سلام حقيقية.
وجدد البديوي تأكيد حرص المجلس على إبقاء هذه القضية حاضرة في ضمير المجتمع الدولي، وفي التصدي المستمر لأي محاولات لتهميشها أو تجاوزها.
ولفت إلى أن عام 2002 كان «علامة فارقة»، حين أعلن المجلس دعمه الكامل للمبادرة العربية للسلام التي تقدمت بها السعودية باعتبارها رؤية استراتيجية متكاملة لتحقيق سلام عادل ودائم.
أضاف أن تلك المبادرة أرست قاعدة صلبة لمعادلة السلام الممكن، بالدعوة الصريحة إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، بوصفها «الشرط الجوهري» لأي تسوية واقعية تعيد التوازن والاستقرار إلى المنطقة.
وأشاد البديوي بالدول التي ارتقت بمواقفها إلى مستوى المسؤولية التاريخية، واتخذت قرارا سياديا بالاعتراف بدولة فلسطين، في تعبير صريح عن التزامها بمبادئ العدالة الدولية وتجسيد وعي سياسي بأن السلام لا يبنى على الإنكار.
ووجه الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي دعوة صادقة إلى تلك الدول التي لم تتخذ بعد خطوة الاعتراف بدولة فلسطين، بأن استمرار إنكار الاعتراف الدولي لأحد طرفي النزاع، يكرس اختلالا جوهريا في بنية العملية السياسية ويفرغ مفاوضات السلام من مضمونها.
وشدد على أن الاعتراف الصريح بدولة فلسطين، أصبح ضرورة سياسية وأخلاقية تؤسس لعملية تفاوض متكافئة، وتهيئ أرضية صلبة لإطلاق سلام حقيقي ودائم.
وسلط البديوي الضوء على مواقف مجلس التعاون الثابتة وفي مقدمتها دعم قيام دولة فلسطينية مستقلة، على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وإدانة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وإعادة الإعمار ورفض السياسات الاستيطانية التي تقوض حل الدولتين.
وأعرب عن إدانته لاعتداءات الاحتلال التي طالت أراضي إيران ولبنان وسوريا، محذرا من خطورة استمرار هذه الانتهاكات على الأمن والسلم الدوليين وحرية الملاحة الدولية، وميثاق الأمم المتحدة القائم على احترام السيادة وحل النزاعات بالوسائل السلمية.
واعتبر مصادقة برلمان الاحتلال «الكنيست» على مشروع قرار يقضي بفرض السيادة على الضفة الغربية والأغوار الفلسطينية في الأراضي المحتلة، تحديا صارخا للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
ونبه إلى أنه من شأن هذه الخطوة التصعيدية تقويض الأمن والاستقرار وفرص السلام في المنطقة، مجددا الدعوة للمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية كافة تجاه تلك الانتهاكات.
في سياق متصل، ذكرت الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن الأمين العام للمجلس جاسم البديوي، أكد أن الاجتماع الوزاري الخليجي المشترك يأتي تأكيدا لدعم مبادرة المملكة العربية السعودية، بتأسيس التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين، وبحث الجهود المشتركة الرامية لحل القضية الفلسطينية.
في بيان، أن وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ناقشوا خلال الاجتماع عددا من الموضوعات ذات الصلة، وفي مقدمتها مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية وقطاع غزة، والتنسيق بشأن الموضوعات المطروحة في المؤتمر الدولي لتنفيذ حل الدولتين.
وأشار البيان إلى أن وزراء الخارجية بحثوا التطورات الإنسانية في القطاع، وخاصة في ظل الأوضاع غير المسبوقة التي أدت إلى نقص حاد في المساعدات الإنسانية بسبب تعنت وحصار قوات الاحتلال الإسرائيلي، واستخدامها لسياسة التجويع ضد الشعب في قطاع غزة المخالفة للأعراف والمواثيق والقوانين الدولية والأممية كافة.
وأوضحت أن انتهاكات الاحتلال أدت إلى تفشي المجاعة ونقص حاد في الأدوية الطبية، حيث طالب الوزراء باستمرار الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لفتح جميع المعابر من أجل أن يتم التمكن من إيصال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني.
وذكرت الأمانة العامة أن البديوي دعا إلى بذل الجهود الإقليمية والدولية، بالتعاون مع الدول والمنظمات والمؤسسات في العالم لفك الحصار عن الشعب الفلسطيني الشقيق وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية كافة بشكل عاجل ومن دون قيود.