
تأكيدا لما انفردت به " الصباح " في عددها أمس الأول، قام وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي جان نويل بارو بزيارة إلى الكويت أمس، التقى خلالها سمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد ، كما التقى رئيس مجلس الوزراء بالإنابة الشيخ فهد اليوسف، حيث سلمه رسالة موجهة إلى سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد العبد الله، من رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا باريو، تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين .وكان وزير الخارجية عبد الله اليحيا قد استقبل أمس في مطار الكويت الدولي، نظيره الفرنسي جان نويل بارو، بمناسبة زيارته الرسمية والوفد المرافق للكويت ، وتوجه اليحيا وبارو إلى قصر بيان مباشرة لاجراء المقابلات الرسمية.
وذكرت السفارة الفرنسية في الكويت في بيان اصدرته امس، ان الوزير جان نويل بارو، أعرب عن تقديره للصداقة العريقة والعميقة التي تجمع بين البلدين، والتي تشمل مجالات الدبلوماسية والاقتصاد والثقافة والدفاع والتعليم والبحث العلمي والصحة. وتُغذّى هذه العلاقة بروابط إنسانية وثيقة، وتتجسد من خلال العديد من مشاريع التعاون والتبادل، بالإضافة إلى الفرنكوفونية الحية والديناميكية.
أضاف : ويساهم في هذه العلاقة بشكل فعّال المجتمع الفرنسي المقيم في الكويت والذي يبلغ عدده نحو 800 شخص، إلى جانب العديد من الكويتيين الذين يزورون فرنسا سنوياً.
وفي إطار التحضير لعام 2026، الذي سيصادف الذكرى الخامسة والستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين فرنسا والكويت، عبّر الوزير عن رغبته في تعزيز الشراكة بين البلدين وتكريسها في المستقبل من خلال مشاريع طموحة ومبتكرة تخدم الأجيال القادمة. كما أعرب عن سروره بقرب زيارة رسمية إلى باريس هذا العام لسمو امير البلاد الشيخ مشعل الأحمد وسمو ولي العهد، وذلك تلبيةً لدعوة من رئيس الجمهورية.وقد تناول الوزير طعام الغداء في اجتماع عمل مع نظيره اليحيا.
وعلى المستوى الثنائي، ومن أجل تعزيز الشراكة بين فرنسا والكويت، وقع الوزيران عدة مذكرات تفاهم في مجالات الكفاءة والانتقال الطاقي بالإضافة إلى اتفاق حكومي بشأن تبادل المعلومات المصنفة في مجال الدفاع .
وهنأ الوزير الفرنسي الكويت على توليها رئاسة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مؤكدا أهمية تعزيز التنسيق الثنائي في مواجهة الأزمات الإقليمية، مشددا على ضرورة احترام القانون الدولي ودعم التعددية.
وحول تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط، أكد الوزير الفرنسي رفض بلاده القاطع لأي حلول تقوم على التهجير القسري للشعب الفلسطيني، لما يمثله ذلك من انتهاك صارخ للقانون الدولي. وأعرب الوزير عن قلق بلاده حيال استئناف العمليات العسكرية الإسرائيلية التي أسفرت عن سقوط العديد من الضحايا المدنيين، مدينا الهجمات التي استهدفت العاملين في المجال الإنساني. وأكد التزام فرنسا بوقف إطلاق النار، إطلاق النار، والإفراج عن جميع الرهائن، والانخراط في مفاوضات بشأن خطة موثوقة لمرحلة «ما بعد النزاع»، بما يتماشى مع المبادرات التي تتضمنها الخطة العربية لغزة. كما أشار إلى أن فرنسا والسعودية ستترأسان مؤتمرا دوليا في صيف 2025 لدعم حل الدولتين كسبيل وحيد لتحقيق سلام دائم.
وفيما يخص سوريا، جدد الوزير التأكيد على موقف فرنسا الداعم لانتقال سياسي حقيقي وشامل يحترم التعددية السورية ويأخذ بعين الاعتبار التحديات الأمنية المشتركة، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب.
وبخصوص لبنان، عبر الوزير عن قلق فرنسا العميق إزاء التصعيد المتزايد في جنوب البلاد، داعيا جميع الأطراف إلى الالتزام بما تم الاتفاق عليه في وقف إطلاق النار في نوفمبر 2024، لتجنب تصعيد قد يؤدي إلى عواقب خطيرة على استقرار المنطقة.
وأكد الوزير أهمية التنسيق والتحضير المشترك لعقد المؤتمر الثالث للأمم المتحدة حول المحيطات "UNOC3"، المزمع عقده في مدينة نيس الفرنسية في الفترة من 9 إلى 13 يونيو 2025، والذي تشترك فرنسا في رئاسته مع كوستاريكا.
وفي إطار زيارته، التقى الوزير برفقة وفد من ممثلي الشركات الفرنسية، بوزيرة المالية والاقتصاد والاستثمار نورة الفصام، بحضور المدير التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار، ووزيرة الأشغال العامة ووزيرة البلدية نورة المشعان، ووزير الكهرباء د.صبيح المخيزيم.
وأشاد الوزير بطموحات خطة التحول الاقتصادي الكويتية، مبديا استعداد الشركات الفرنسية للمساهمة الفعالة في تنفيذها، مستندة إلى خبراتها المعترف بها عالميا، خاصة في مجالات النقل، والمدن المستدامة، والانتقال الطاقي، والخدمات اللوجستية، والربط الإقليمي.
كما استعرض استراتيجية «فرنسا 2030»، وجدد استعداد بلاده لتعزيز الاستثمارات المتبادلة في المجالات الابتكارية التي تحقق منافع مشتركة، واقترح إطلاق برنامج استثماري مشترك لهذا الغرض.
كما تم بحث سبل تعزيز الشراكات الاستراتيجية واتفاقيات المشاريع المشتركة بين الهيئة العامة للاستثمار والشركات الفرنسية، في ظل رغبة كلا الجانبين إلى تعميق التعاون الاقتصادي الثنائي.
وسلط الاجتماع الضوء على نهج الكويت الاستباقي في توسيع حضورها الاستثماري على الصعيد العالمي، وجهود فرنسا لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأكد الجانبان أهمية دعم الاستثمارات طويلة الأمد في قطاعات مثل التكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي، والطاقة، والتعليم.
كما تم التطرق إلى إمكانية قيام الشركات الفرنسية بإنشاء مقرات إقليمية لها في الكويت، في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز مكانة الدولة كمركز إقليمي للاستثمار والابتكار، إلى جانب دعم الشراكات المؤسسية وتبادل المعرفة بين المؤسسات الفرنسية والكويتية.
وفي هذا السياق، قالت الوزيرة نورة الفصام: «ترتبط الكويت وفرنسا بعلاقة شراكة راسخة تقوم على رؤى وطموحات مشتركة، وعكست المناقشات حرص البلدين على تعزيز التعاون الاقتصادي المستدام، استنادا إلى أولويات استراتيجية وفرص واعدة للتعاون المستقبلي».
وأشارت إلى التاريخ الطويل للهيئة العامة للاستثمار في فرنسا، لاسيما باعتبارها أول صندوق ثروة سيادي من نوعه، يفتتح مكتبا ويستثمر بشكل مباشر في السوق الفرنسية، موضحة أن هذا الإرث التعاوني يشكل أساسا قويا لاستكشاف فرص جديدة تتماشى مع الأهداف الاقتصادية الاستراتيجية الكويت.
وجددت الفصام التزام الكويت بالمضي قدما في بناء اقتصاد متنوع وقادر على الصمود، استنادا إلى توجيهات صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد.
واستعرضت أولويات الوزارة التي تشمل الإصلاح المالي والاقتصادي، وتنويع الإيرادات غير النفطية، والاستثمار في قطاعات تمكن الشباب وتحسن جودة الحياة، بما في ذلك التعليم، والرعاية الصحية، والإسكان، والسياحة، والأمن الغذائي.
وأكدت الوزيرة على التزام الكويت بأجندتها البيئية والتنموية طويلة الأمد، مشيرة إلى الهدف الوطني بالوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2060، وتوافق الجهود الوطنية مع مبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، ومع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
وأضافت: «حماية إرث الكويت والاستفادة من ميزاتها التنافسية تشكلان محورا أساسيا في رؤيتنا الاقتصادية. فموقع الكويت الاستراتيجي يؤهلها لتكون رائدة في قطاع الخدمات اللوجستية من خلال مشاريع تحولية مثل ميناء المبارك الكبير، وشبكة السكك الحديدية الوطنية، وتوسعة المطار، ومدينة الشحن. وستسهم هذه المشاريع في خلق فرص عمل، ودعم ريادة الأعمال، وتحقيق نمو مستدام طويل الأمد».
واختتم الاجتماع باتفاق مشترك على تشكيل فرق عمل مشتركة تتولى متابعة تنفيذ ما تم التوصل إليه، بما يضمن اعتماد نهج منظم قائم على النتائج الملموسة لتحقيق الأولويات المشتركة.