
تأكيدا لما انفردت «الصباح» بنشره، في صفحتها الأولى أمس، يصل الى الكويت اليوم الإثنين، الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والوفد المرافق له، في زيارة دولة يجري خلالها مباحثات رسمية مع أخيه صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، حول العلاقات الثنائية الوثيقة بين البلدين الشقيقين، وسبل تطويرها في كل المجالات، إضافة إلى بحث المستجدات الإقليمية والدولية، وفي الصدارة منها تعزيز الأمن العربي، والتطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، والمساعي المبذولة لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وخطط إعمار القطاع.
وكان المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية محمد الشناوي قد أوضح، في بيان صحافي نشره على صفحة الرئاسة بموقع «فيسبوك»، بأن زيارة الرئيس السيسي إلى الكويت، المحطة الثانية في جولته الخليجية، تأتي تأكيداً لعمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وحرصهما المشترك على توسيع آفاق التعاون الاقتصادي والاستثماري.
ومن المقرر أن يلتقي الرئيس السيسي في الكويت، سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، وسمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد، ، وعددا من كبار المسؤولين في الدولة.
وتأتي هذه اللقاءات تأكيدا على عمق العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة والكويت، والحرص المشترك على توسيع آفاق التعاون في مختلف المجالات، لا سيما الاقتصاد والاستثمار، وفقا لما صرح به المتحدث الرسمي.
وتكتسب جولة الرئيس السيسي أهمية استثنائية في ظل التوقيت الإقليمي الحساس، حيث تشهد منطقة الشرق الأوسط تصاعدًا ملحوظًا في التوترات، وفي القلب منها تستمر الحرب المدمرة في قطاع غزة، التي خلفت أزمة إنسانية غير مسبوقة.
كما تأتي هذه الجولة في أعقاب تعثر الهدنة السابقة التي توسطت فيها مصر وقطر والولايات المتحدة، مما يضاعف من الضغوط على الوسطاء لإيجاد صيغة جديدة تنهي هذا الصراع الدامي.
ويرى خبراء ومحللون أن الرئيس المصري يحمل على عاتقه أهدافا متعددة خلال هذه الجولة. ففي قطر، بالإضافة إلى الملف الفلسطيني الذي يحتل الأولوية القصوى نظرا للدور الحيوي الذي يلعبه البلدان في جهود الوساطة، يسعى السيسي إلى تعزيز العلاقات الثنائية وتنشيط التعاون الاقتصادي من خلال الحوار مع مجتمع الأعمال القطري، في محاولة لجذب الاستثمارات وتعزيز الشراكات الاقتصادية.
أما بالنسبة للكويت، فتمثل المحطة الثانية أهمية خاصة في سياق تعزيز العلاقات الاستراتيجية وتوسيع التعاون الاقتصادي والاستثماري. وتسعى مصر من خلال هذه الشراكات الإقليمية إلى تنويع مصادر الاستثمار ودفع عجلة النمو الاقتصادي.
كما تسعى مصر من خلال هذه الجولة إلى حشد الدعم العربي والدولي لجهود إعادة إعمار قطاع غزة بمجرد انتهاء الحرب، والتأكيد بشكل قاطع على رفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وهو ما تعتبره القاهرة خطًا أحمر لما يحمله من تهديدات للأمن القومي المصري والاستقرار الإقليمي.
وتدرك القاهرة تمام الإدراك أن استمرار التصعيد في غزة ينذر بعواقب وخيمة على الأمن الإقليمي برمته، ولذلك تسعى بالتنسيق الوثيق مع قطر والكويت والجهات الدولية الفاعلة إلى إيجاد حل سلمي يوقف نزيف الدماء ويجنب المنطقة المزيد من الفوضى وعدم الاستقرار، مع التأكيد على أهمية الحل السياسي الشامل والعادل للقضية الفلسطينية.
يضيف الخبراء أن الخليج تجمعه علاقات مهمة مع دول العالم، خاصة مع استضافة السعودية المفاوضات الروسية الأمريكية واستضافة عمان المفاوضات الإيرانية الأمريكية، لافتين إلى أن العلاقات مع دولة الكويت مهمة، خاصة وأن الكويت تدعم العمل العربي والسياسة المصرية.
في سياق متصل تحدث مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد حجازي، عن أهمية توقيت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لدولتي قطر والكويت.
وقال «حجازي»، في مداخله هاتفية على فضائية «إكسترا لايف» المصرية، أمس الأحد، إن اللقاء المصري القطري في هذا التوقيت شديد الأهمية، لافتًا إلى أن قوة الرئيس السيسي في منطقة الخليج ولقاءه بالأشقاء في قطر والكويت مهمة للغاية، في هذا التوقيت والذي تدخل في عملية الوساطة مرحلة حرجه وشديدة الأهمية .
وأشار إلى أن هناك ترتبيات حالية لزيارة مهمة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمنطقة والمملكة العربية السعودية تحديدا، ما يستدعي تنسيق المواقف خاصة فيما يخص العلاقات المصرية القطرية.
تجدر الإشارة إلى أن العلاقات المصرية الكويتية تتميز بخصوصية شديدة وترابط وثيق راسخ عبر عقود مديدة، بفضل التعاون المثمر بين البلدين، والتضامن الكامل عبر مختلف المحطات الفارقة، وعلى نحو برهن التزامهما بحماية مصالحها المشتركة وحرصهما على التنسيق الوطيد بشأن القضايا الإقليمية والدولية.
وشكلت هذه العلاقات ذات الطابع الأخوي والتاريخي نموذجا يحتذى في العلاقات العربية – العربية، اذ كانت مصر من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال دولة الكويت عام 1961 مرورا بموقفها المؤيد والداعم للكويت ابان الغزو العراقي عام 1990.
وكما أن لمصر مواقف مشرفة في هذا الإطار فإن دولة الكويت كانت ولاتزال من أوائل الدول التي ساندت مصر في كل الأوقات العصيبة، لاسيما ابان العدوان الثلاثي في عام 1956 وحربي 1967 وأكتوبر 1973 وايضا في الأحداث التي مرت بها في السنوات الماضية داخليا وخارجيا.
بيد أن هذه العلاقات بين البلدين شهدت مرحلة جديدة وتاريخية بقيام صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد، بزيارة دولة إلى مصر تلبية لدعوة كريمة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أبريل من عام 2024، وذلك في أول زيارة رسمية لسموه إلى مصر، بعد توليه مقاليد الحكم.
وخلال الزيارة قلد الرئيس المصري أخاه صاحب السمو أمير دولة الكويت وسام «قلادة النيل»، التي تعتبر أرفع الأوسمة المصرية قدرا وأعظمها شأنا، وتهدى للملوك والأمراء والرؤساء، وذلك تعميقا وتجسيدا للعلاقات المتينة التي تجمع البلدين، وتقديرا للمكانة المرموقة والمنزلة الرفيعة، وتوثيقا لعرى الصداقة وروابط الوداد لصاحب السمو أمير البلاد.
كما عقدت بالقاهرة في 12 سبتمبر الماضي أعمال الدورة الثالثة عشرة للجنة المشتركة المصرية – الكويتية، التي تناولت مراجعة شاملة للعلاقات الثنائية في كافة المجالات، ووضع رؤية مستقبلية لتطوير هذه العلاقة.
وتم التوقيع خلال أعمال الدورة على عشر مذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية، في مجالات حماية المنافسة وتنمية الصادرات الصناعية وحماية البيئة والسياحة الشباب والنشء والإسكان والتعمير والإعلام والرياضة والتعاون العلمي والفني في مجال التخطيط.