
«كونا»: وجه صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، بسرعة تكويت القضاء والوظائف المساندة، داعيا سموه إلى أهمية التحلي بتقوى الله ومخافته في إصدار الأحكام القضائية، وسرعة البت في الخصومة وفصل الخطاب، وعدم رفع الجلسات لأبسط الأسباب، مؤكدا سموه في الوقت نفسه أن القضايا والمسائل المتعلقةبالجنسية، هي من صميم أعمال السيادة.
جاء ذلك في كلمة ألقاها سمو الأمير، خلال زيارة قام بها مساء أمس الأول، إلى المجلس الأعلى للقضاء، وبمعيته سمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد، ورئيس مجلس الوزراء بالإنابة الشيخ فهد اليوسف، حيث كان في استقبال سموه رئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس محكمة التمييز المستشار الدكتور عادل بورسلي، ووزير العدل ناصر يوسف السميط، ووكيل وزارة العدل بالتكليف طارق العصفور.
وشدد صاحب السمو على ضرورة جعل مصلحة الكويت ونصرة المظلوم، وتحقيق العدالة، وتجنب تعارض الأحكام المتشابهة في الوقائع والحيثيات، فوق كل اعتبار.
وقال سموه: ونحن نؤمن بأن القضاء ركيزة تحقيق العدل، فإننا نفتخر بالقضاء الكويتي النزيه، وما يتميز به من مهنية وكفاءة في حفظ الحقوق وإعلاء العدل، وكما أن للوطن حماة يصونون أرضه، وعيونا ساهرة تحفظ أمنه، فأنتم - أيها القضاة- للحق حماة وللعدل رعاة.
أضاف سموه: وقد أكدنا - ونؤكد - أن أساس تحقيق تطلعاتنا وطموحاتنا سيعلو بناؤه بعدة أعمدة وركائز، أهمها أمن شامل يعم الوطن بمختلف أنحائه، وقضاء شامخ ينطق بالعدل في أحكامه، ونعتز بأن لدينا في القضاء الكويتي قامات يزهو بهم الوطن وأبناؤه، وترفع بهم الهامات.
وقال صاحب السمو أيضا: مع تأكيدنا على أنه لا سلطان لنا على القاضي في حكمه، إلا أننا نلاحظ في الآونة الأخيرة بعض الأمور والمسائل التي تمس العدالة، وتوقع الشك والحيرة في منظومة بعض الأحكام، عندما تصدر أحكام متعارضة ومتناقضة فيما بينها، فقاض يأتي بحكم، ويقوم قاض آخر بنقض هذا الحكم، مع تشابه القضايا بكافة الوقائع والحيثيات دون زيادة أو نقصان فيها؛ مما يثير الشك والريبة في الأحكام.
وتابع سموه: أود التأكيد في هذا المقام على أن الفزعة في إصدار أحكام القضاء لنصرة الباطل وتصفية الحسابات وتحقيق المصالح الشخصية على حساب نصرة المظلوم تعد أمورا تكرس العصبية والحمية الجاهلية، وتهدد مصالح البلاد والعباد؛ لهذا فإنه حرصا منا على نزاهة مرفق القضاء؛ باعتباره الملجأ والملاذ الأخير للجميع لصون الحقوق والحريات، وليبقى رمزا منيرا شامخا للعدالة، فإني أوجه أعضاء السلطة القضائية إلى أمر وطلب ورجاء واعتبار.
وأوضح سموه أن الأمر هو ضرورة الإسراع بتكويت القضاء والوظائف المساندة.. وأما الطلب، فتقوى الله ومخافته في إصدار الأحكام.. وأما الرجاء، فسرعة البت في الخصومة وفصل الخطاب، وعدم رفع الجلسات لأبسط الأسباب.. وأما الاعتبار، فجعل مصلحة الكويت ونصرة المظلوم وتحقيق العدالة وتجنب تعارض الأحكام المتشابهة في الوقائع والحيثيات فوق كل اعتبار.. مؤكدين أن القضايا والمسائل المتعلقة بالجنسية من صميم أعمال السيادة.
وقال سموه: ومما يدعو للفخر مشاركة المرأة الكويتية إخوانها القضاة في أداء رسالتهم السامية، في خطوة تاريخية نحو تمكينها من مشاركتها في خدمة وطنها في هذا المجال الحيوي؛ مما يعكس التزام دولة الكويت بتعزيز المساواة بين الكويتيين رجالا ونساء، والمساواة قرينة العدل، والعدل أساس الملك والحكم.
وشدد سموه على عدم تأبيد المناصب في القضاء وفي النيابة العامة، لافتا كذلك إلى أهمية إعداد وتأهيل وتدريب المزيد من الكوادر الوطنية المتميزة، للانضمام إلى السلك القضائي، وصقل خبرات القضاة وأعضاء النيابة، وتقييمهم، ومتابعة أعمالهم، وتشجيع البحوث والدراسات القانونية؛ لتعزيز الأداء القضائي، وترسيخ التعاون الثنائي مع الجهات المناظرة في دول مجلس التعاون والدول الشقيقة والصديقة، ودعم مشاركة القضاة وأعضاء النيابة العامة في الندوات والفعاليات الدولية والمؤتمرات القانونية.
وأمر سموه بإيجاد تشريعات تطور العمل القضائي، وأنظمة تسهل إجراءاته؛ لتسريع البت في القضايا، وعدم تكديسها وتأخيرها، تحقيقا لمصالح العباد، والعمل على ضرورة استكمال التحول الرقمي في مرفق القضاء والنيابة العامة.
واختتم سموه كلمته بالقول: وإذ نؤكد أننا جميعا شركاء في بناء وتقدم وطننا الغالي، وأن السلطتين القضائية والتنفيذية في الوقت الحالي هما جناحا القيادة، فعليكم مساندة الحكومة لتحقيق مصالح الكويت وأهلها، في إطار الدستور، وتجسيد هيبة القانون، وتطبيقه على الجميع دون استثناء، وتعزيز الشفافية، وترسيخ قيم الأمانة والنزاهة والعدل، مضيفا سموه: إن ثمة مبدأ راسخا لدينا، مفاده عدم التدخل في أحكام القضاء، ودعم استقلاليته، وتنفيذ أحكامه على الكبير قبل الصغير؛ لحماية حقوق المواطنين والمقيمين على حد سواء. ونذكركم بأن هناك فوق سلطتكم رقيبا وضميرا، وكما تحاكمون ستحاسبون؛ فاستشعروا مراقبة الله لكم، وانطقوا بالحق، تسترح ضمائركم، وتستقم أموركم.
كما ألقى رئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس محكمة التمييز، المستشار الدكتور عادل ماجد بورسلي، كلمة بهذه المناسبة.. جاء فيها: باسمي ونيابة عن إخواني أعضاء المجلس الأعلى للقضاء وكافة أعضاء السلطة القضائية، وبقلوب يملؤها الولاء العارم الممزوج بالفخر والاعتزاز، وبألسن تلهج بالشكر والعرفان لهذه السنة الحسنة، التي ترسيها سموكم في هذا الشهر الفضيل، بتشريف أبنائكم القضاة بهذه الزيارة الميمونة التي منحتنا شرف اللقاء بسموكم في هذه الليلة الغراء من شهر الصوم.
وقال إن تكرم سموكم بهذه الزيارة، لهو أنصع تعبير على دعمكم ومساندتكم، ومتابعتم الحثيثة والمتواصلة للسلطة القضائية وأجهزتها، صونا لدعائم دولة القانون، وإعلاء لشأن العدالة تنفيذا لتوجيهات سموكم بأن القانون يطبق على الجميع، ودفعا لمسيرة التنمية المستدامة، لتظل دولة الكويت دوما شامخة عزيزة أبية موطنا للأمن والأمان والعدل.
أضاف بورسلي: حضرة صاحب السمو.. الأمير والقائد: عهدا وولاء من أبنائك القضاة بالمضي قدما نحو تعزيز وترسيخ قواعد الحق والعدل فكرا وتطويرا وأحكاما وتنفيذا وأداء، حتى يرقى ويتكامل عمل كافة الأجهزة القضائية في مختلف المجالات، وعلى كل الأصعدة، لكي يصلوا إلى مصاف حرصكم الدائم على تذليل كافة العقبات أمام الأفراد، من خلال تسهيل الوصول إلى الخدمات المقدمة وتطويرها وتيسيرها على جميع المراجعين لدور العدالة، وذلك وفق منظومة قضائية شاملة متطورة تراعي ظروف المكان وتستوعب الزمان وتحقق القدرة على التعامل الفاعل والمباشر مع كافة المستجدات، بكل الجهد والإخلاص.