شهدت الكويت أمس الخميس عددا من التحركات والفعاليات، التي تترجم على أرض الواقع، التوجيهات السامية لصاحب السمو أمير البلاد، بوضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، والحفاظ التام على أمنها وأمن شعبها والمقيمين على أرضها، والضرب بيد من يد حديد على أيدي كل من تسول له نفسه العبث بهذا الأمن.
في هذا الإطار جاء إعلان وزارة الداخلية، عن إسقاط عصابة دولية خطيرة، تستهدف الأمن السيبراني للكويت، إضافة إلى تكريم رئيس مجلس الوزراء بالإنابة وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف، اثنين من المفتشين الجمركيين، لجهودهما في إحباط محاولة تهريب أموال بطريقة غير مشروعة عبر منفذ العبدلي.
فضمن جهود وزارة الداخلية لتعزيز الأمن السيبراني ومكافحة جرائم النصب والاحتيال، تمكن قطاع الأمن الجنائي، ممثلًا بإدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية، من ضبط تشكيل عصابي دولي من الجنسية الصينية، متورط في تنفيذ هجمات سيبرانية واسعة، استهدفت بعض أبراج الاتصالات والمصارف في دولة الكويت.
وتعود تفاصيل الواقعة إلى ورود بلاغات من بعض شركات الاتصالات والمصارف حول تعرض شبكاتها لهجمات سيبرانية، وعلى الفور، باشرت الفرق الأمنية المختصة عمليات البحث والتحري، حيث تبيّن وجود تأثير خارجي ناجم عن استخدام أجهزة إلكترونية متطورة مكّنت العصابة من اختراق شبكات الاتصال، وبث رسائل احتيالية مكثفة تنتحل صفة بعض المصارف، بهدف سرقة بيانات الحسابات البنكية والاستيلاء على الأموال. ومن خلال أجهزة تتبع الإشارة، تم تحديد مصدر الإشارات المشتبه بها من قبل الفريق المختص، والتي تبين أنها صادرة من إحدى المركبات في منطقة الفروانية.
وقد انتقلت الفرق الأمنية فورًا إلى الموقع المحدد، حيث تم رصد المركبة المشبوهة، وأثناء الاقتراب منها، لوحظ تأثر شبكة الهواتف المحمولة، مع سماع أصوات أجهزة إلكترونية من داخلها، وتم ضبط سائق المركبة، وهو من الجنسية الصينية، إلى جانب الأجهزة الإلكترونية التي كانت بحوزته، وتم التحفظ عليها جميعًا. وبعد استصدار إذن من النيابة العامة لتفتيش مقر إقامته، عُثر على أجهزة إضافية ووسائل فنية تُستخدم في تحليل البيانات المخترقة.
وخلال التحقيق، أقرّ المتهم بمشاركته مع آخرين في اختراق شبكات الاتصالات وإرسال رسائل احتيالية تنتحل صفة المصارف وشركات الاتصالات بهدف النصب والاحتيال. وبعد استكمال عمليات البحث والتحري، تم تحديد هويات باقي أفراد التشكيل العصابي وضبطهم. كما أظهرت نتائج الاستعلام عن طريق البصمة البيومترية، أن هوياتهم الفعلية لا تتطابق مع الهويات المستخدمة، ما كشف عن تورطهم في عمليات تزوير لإخفاء هوياتهم الحقيقية والتخفي عن الجهات الأمنية.
وتمت إحالة المتهمين إلى جهات الاختصاص، لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم.
وأكدت وزارة الداخلية التزامها التام بالتصدي لكل من تسوّل له نفسه المساس بأمن البلاد، مشددة على أهمية تعزيز الأمن السيبراني كجزء أساسي من استراتيجياتها لحماية الوطن والمجتمع، لافتة في الوقت نفسه إلى أنها تواصل تطوير أنظمتها وتقنياتها الأمنية، لمواكبة التحديات الحديثة، بما يضمن الحفاظ على الاستقرار وحماية البيانات والمعلومات من أي تهديدات رقمية.
من جهة أخرى، أوضحت وزارة الداخلية، أن تكريم رئيس مجلس الوزراء بالإنابة وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف أمس، بحضور المدير العام للادارة العامة للجمارك مطلق العنزي، للمفتشين الجمركيين حميد الظفيري وعنود العنزي، جاء تقديرا لجهودهما في إحباط محاولة تهريب أموال بطريقة غير مشروعة عبر منفذ العبدلي، حيث تمكن المفتشان من ضبط رجل وامرأة من جنسية عربية، أثناء محاولتهما مغادرة البلاد على متن مركبة عبر منفذ العبدلي، عثر بحوزتهما على مبلغ 250 ألف دولار.
أضافت أنه تم الاشتباه بهما لظهور علامات ارتباك واضحة، مبينة أنه وخلال إجراءات التفتيش المعتادة عثر بحوزتهما على المبلغ مخبأ بطريقة غير اعتيادية بحوزة المرأة، وتمت إحالتهما إلى جهة الاختصاص لاتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة بحقهما.
وأعرب الشيخ فهد اليوسف وفق البيان، عن شكره وتقديره لجهود مفتشي الجمارك، مؤكدا أن ما قاما به يعكس التفاني في العمل ويجسد نموذجا يحتذى به في تعزيز الأمن وحماية البلاد.
من جهة أخرى ذكرت مصادر مطلعة، أن النيابة العامة أمرت بحجز متهمين يحملان جنسية أجنبية لاتهامهما بمباشرة نشاط من شأنه الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، وذلك من خلال استخدام شبكات اتصال غير مشروعة للوصول دون وجه حق، إلى أكبر عدد من البيانات البنكية للأفراد.
وأشارت المصادر إلى أن التحقيقات كشفت عن دخول المتهمين إلى البلاد - بالاتفاق مع آخرين في جمهورية الصين يتلقون منهم التعليمات - بغرض تنفيذ هجمات سيبرانية تستهدف أبراج الاتصالات باستخدام أجهزة إلكترونية متخصصة، مما مكنهما من تحويل عدد غير محدود من الرسائل الاحتيالية إلى مستخدمي تلك الأبراج، وصولًا إلى بياناتهم البنكية عبر الدخول غير المشروع إلى هواتفهم المحمولة.
أضافت أن النيابة باشرت استجواب المتهمين اللذين اعترفا بارتكاب الجريمة، كما أمرت بالتحفظ على الأجهزة الإلكترونية المستخدمة في الواقعة وإحالتها إلى الإدارة العامة للأدلة الجنائية لفحصها فنياً، موضحة أن التحقيقات لا تزال مستمرة لاستكمال باقي الإجراءات.
في سياق متصل، أكدت السفارة الصينية لدى الكويت، "دعمها الجانب الكويتي بشكل كامل في مكافحة الاحتيال في مجال الاتصالات وفقًا للقانون"، مشددة في بيان أصدرته أمس، على أن "مكافحة الاحتيال في مجال الاتصالات وحماية سلامة ممتلكات المواطنين مسؤولية مهمة تقع على عاتق جميع الحكومات".
أضافت السفارة في بيانها: "حسب ما علمنا من وزارة الداخلية الكويتية، فإن العصابة المذكورة في التغطية الإعلامية ذات الصلة، تضم مواطنين صينيين ومواطنين من دول أخرى. وهم يستخدمون في الكويت بعض المعدات الخاصة كأبراج اتصالات مزيفة لإرسال رسائل نصية احتيالية إلى الهواتف المحمولة. وإذا ضغط مستقبلو الرسالة على رابط الرسالة النصية، فستحصل العصابة على المعلومات المهمة الخاصة ببطاقاتهم المصرفية، وستسرق أرصدة حسابات بطاقاتهم المصرفية".
