«وكالات»: لم يكد الرئيس الأمريكــي دونالد ترامب،يعلن عن خططه الرامية إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وتوطينهم في عدّة دول «أو منطقة واحدة كبيرة»، وسيطرة بلاده على القطاع، حتى قوبلــت تصــريحات بعاصفة احتجاج غاضبة جدا، على الصعيدين العربي والــــدولي، ورفض شامل وقاطع، لمجمل تصريحاته التي أدلى بها، خلال مؤتمره الصحفي في واشنطن، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
أول الردود جاء من المملكة العربيّة السعودية، حيث أعلنت وزارة الخارجية السعودية، في بيان رسمي، أن موقفها من قيام الدولة الفلسطينية «راسخ وثابت لا يتزعزع»، لافتة إلى أن وليّ العهد رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، «أكد هذا الموقف بشكل واضح وصريح لا يحتمل التأويل بأي حال من الأحوال».
وأكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أمس الأربعاء، أن موقف مصر «ثابت حيال القضية الفلسطينية». وقال مدبولي في الاجتماع الأسبوعي للحكومة المصرية: «هناك موقف ثابت لمصر أيضاً بشأن أهمية إعادة إعمار قطاع غزة».
أضاف: «تحرص الدولة المصرية على التنسيق المستمر مع الدول العربية وجميع الأصدقاء من مختلف دول العالم لمواجهة التحديات المختلفة»، مشيراً إلى اتصالات هاتفية جرت أخيراً بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وعدد من القادة ورؤساء الدول والحكومات، منهم الملك عبد الله الثاني عاهل الأردن، والملك حمد بن عيسى ملك البحرين.
وشدّد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، على أهمية تولي سلطة فلسطينية الحكم في قطاع غزة، بعد ساعات من اقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترامب «سيطرة» الولايات المتحدة على القطاع.
وأعرب عبد العاطي، خلال اجتماع مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، عن «دعم مصر الكامل للحكومة الفلسطينية وخططها الإصلاحية»، مشدداً «على أهمية تمكين السلطة الفلسطينية سياسياً واقتصادياً، وتولي مهامها في قطاع غزة، باعتباره جزءاً من الأراضي الفلسطينية المحتلة».
وفي السياقذاته ، قالت عضو مجلس النواب الديمقراطية الأميركية من أصول فلسطينية رشيدة طليب إن «الفلسطينيين لن يذهبوا إلى أي مكان». ورأت أن ترامب «لا يستطيع سوى أن يبث الهراء المتعصب بسبب الدعم الحزبي في الكونغرس لتمويل الإبادة الجماعية والتطهير العرقي»، مطالبةً رفاقها الديمقراطيين بـ»دعم حل الدولتين وإعلاء الصوت». وتقاطع موقف طليب مع موقف زميلها السيناتور الديمقراطي كريس فان هولن؛ إذ عدّ اقتراح ترامب بطرد مليوني فلسطيني من غزة والاستيلاء على أرضهم بالقوة «إذا لزم الأمر»، بأنه «تطهير عرقي تحت مسمى آخر». ولفت إلى أن ترامب «يتحدى الدعم الأميركي الحزبي على مدى عقود لحل الدولتين»، مطالباً الكونغرس بـ»الوقوف في وجه هذا المخطط الخطير والمتهور»، على حد وصفه.
وفي الإطار، كتب السيناتور الأميركي الديمقراطي كريس ميرفي في منشور على منصّة «إكس» أن ترامب «فقد عقله تماماً»، معتبراً أن «غزو الولايات المتحدة لغزة سيفضي إلى مذبحة لآلاف الجنود الأميركيين وحرب في الشرق الأوسط لعقود. إنها مثل مزحة رديئة».
وندّد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، بمشروع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لنقل الفلسطينيين خارج قطاع غزة، واصفاً إيّاه بـ»غير المقبول». وقال فيدان في تصريحات لوكالة أنباء الأناضول التركية إن «تصريحات ترامب بشأن غزة غير مقبولة»، مؤكّداً أن «طرد الفلسطينيين من غزة مسألة غير مقبولة، لا من جانبنا، ولا من جانب بلدان المنطقة. ولا حاجة حتّى لمناقشتها».
بدوره قال رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر، إن شعب غزة «يجب أن يُسمح له بالعودة إلى دياره»، ويجب أن تكون المملكة المتحدة «معهم» في إعادة البناء على الطريق إلى حل الدولتين. أضاف، رداً على سؤال السير إيد ديفي في مجلس العموم بشأن تصريحات الرئيس ترامب: «القضية الأكثر أهمية بشأن وقف إطلاق النار، هي أنه مستدام، ونرى ذلك من خلال المراحل».
من جانبه، علّق وزير الخارجية، ديفيد لامي، في رد مكتوب بعناية على سؤال في مؤتمر صحافي في كييف: «لقد كنا دائماً واضحين في وجهة نظرنا أنه يجب أن نرى دولتين، ويجب أن نرى الفلسطينيين قادرين على العيش والازدهار في وطنهم في غزة، وفي الضفة الغربية. هذا ما نريد الوصول إليه».
ورفضت فرنسا أيضا تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن الولايات المتحدة ستسيطر على غزة، بعد إعادة توطين سكان القطاع في أماكن أخرى، قائلة إن ذلك انتهاك للقانون الدولي، ويؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية كريستوف لوموان في بيان: «فرنسا تكرر معارضتها لأي تهجير قسري للسكان الفلسطينيين في غزة، الذي من شأنه أن يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، وهجوماً على التطلعات المشروعة للفلسطينيين، ويعد أيضاً عقبة رئيسية أمام حل الدولتين وعاملاً رئيسياً لزعزعة استقرار شريكينا المقربين، مصر والأردن، والمنطقة بأسرها أيضاً».
وأعلنت الصين أنها تعارض «النقل القسري» للفلسطينيين من قطاع غزة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان، رداً على سؤال عن خطة ترامب في مؤتمر صحافي دوري: «لقد أكدت الصين دائماً أن الحكم الفلسطيني للفلسطينيين هو المبدأ الأساسي للحكم في غزة بعد الحرب، ونحن نعارض النقل القسري لسكان غزة».
من جانبه، قال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، إن روسيا تعتقد أن التسوية في الشرق الأوسط ممكنة فقط على أساس حل الدولتين. وشدد بيسكوف على موقف موسكو بأن السبيل الوحيد لحل الصراع في الشرق الأوسط هو إنشاء دولة فلسطينية جنباً إلى جنب مع دولة إسرائيل. وقال للصحافيين: «هذه هي الفرضية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذي الصلة، وهذه هي الفرضية التي تتوافق عليها الغالبية العظمى من البلدان المعنية بهذه المشكلة. ننطلق منها ونؤيدها، ونعتقد أن هذا هو الخيار الوحيد الممكن». وأضاف بيسكوف أن فكرة ترامب بشأن إعادة التوطين قوبلت بالرفض من قبل العواصم العربية الكبرى.