«وكالات»: بدأت غزة التي نُكبت بحرب إبادة شنها الكيان الصهيوني ضدها، لمدة 15 شهرا، بالنهوض من تحت الرماد، وشرع سكانها في محاولة استعادة مظاهر الحياة التي افتقدوها طويلا.. فبعد تأخير لنحو ثلاث ساعات، دخل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ رسمياً ظهر أمس، عقب إعلان الحكومة الإسرائيلية تسلمها أسماء ثلاث محتجزات جرى الإفراج عنهن، حيث بدأ آلاف النازحين بالعودة إلى منازلهم في القطاع.
وهرع آلاف الفلسطينيين إلى الشوارع في أنحاء قطاع غزة مع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار، بعضهم للاحتفال، والبعض الآخر لزيارة قبور الأقارب، بينما عاد كثيرون لتفقد منازلهم.
ومر مقاتلو حركة «حماس» بسياراتهم عبر مدينة خان يونس في جنوب القطاع وسط هتافات وهدير الجماهير، على الرغم من تأخير بدء تنفيذ اتفاق الهدنة الذي يأتي بعد 15 شهراً من الحرب المدمرة.
وانتشر رجال شرطة تابعون لـ «حماس»، وهم يرتدون زي الشرطة الأزرق، في بعض المناطق بعد شهور من محاولتهم الابتعاد عن الأنظار لتجنب الضربات الجوية الإسرائيلية.
وبعد تأخير قارب الثلاث ساعات، أعلن أبو عبيدة، المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس»، عبر تطبيق «تلغرام»، أسماء ثلاثة محتجزات إسرائيليات من المقرر إطلاق سراحهن في اليوم الأول من وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وقال المتحدث إن الحركة ستطلق سراح رومي جونين «24 عاماً» وإميلي دماري «28 عاماً» ودورون شطنبر خير «31 عاماً» أمس الأحد.
بدوره، أعلن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن إسرائيل تسلمت قائمة المحتجزات المقرر إطلاق سراحهن، وأن أجهزة الأمن «تتحقق من التفاصيل». أضاف: «بدأنا إخطار عائلات الرهائن المقرر إطلاق سراحهن الأحد».
وأكدت «حماس»، أمس الأحد، التزامها بتنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه. وقالت الحركة، في بيان، إنه «مع دخول وقف إطلاق النار، نؤكّد التزامنا بتنفيذ بنود الاتفاق، الذي هو ثمرة صمود وصبر شعبنا». وأضافت أنها تتابع عمليات إدخال المساعدات، مشيرة إلى «بذل كافة الجهود لتوفير كل متطلبات الدعم والإسناد اللازمة لإعادة دورة الحياة في قطاع غزة إلى طبيعتها».
وقالت الحركة إنها تنتظر أن تسلّم إسرائيل قائمة تتضمن 90 اسماً لمعتقلين من نساء وأطفال من المتوقع الإفراج عنهم من السجون الإسرائيلية اليوم، في إطار المرحلة الأولى من تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن في وقت سابق مهاجمة أهداف في قطاع غزة مع تعثر تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي كان من المنتظر أن يكون قد بدأ سريانه الساعة 06:30 بتوقيت غرينيتش.
وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان، إنه «يواصل العمل حالياً ويهاجم أهدافاً في قطاع غزة... قبل قليل، تم استهداف عدة أهداف في شمال القطاع ووسطه باستخدام نيران المدفعية والطائرات».
وأعلن الدفاع المدني في قطاع غزة مقتل 19 شخصاً وإصابة 36 آخرين في القصف الإسرائيلي.
وقال المتحدث في كلمة متلفزة تزامنت مع بدء سريان
من جانبها، أكدت حركة «حماس»، التزامها بوقف إطلاق النار، موضحةً أن التأخر في إعلان أسماء الرهائن المطلق سراحهم يرجع لأسباب فنية وميدانية.
وينص الاتفاق في مرحلة أولى تمتد ستة أسابيع، على الإفراج عن 33 رهينة محتجزين في غزة. في المقابل، ستُفرج إسرائيل عن 737 معتقلاً فلسطينياً، على ما أعلنت وزارة العدل الإسرائيلية، السبت.
من جهتها، أعلنت مصر التي تؤدي دور وساطة في التهدئة بين إسرائيل و«حماس»، أن إسرائيل ستطلق أكثر من 1890 فلسطينياً معتقلين لديها مقابل الإفراج عن 33 رهينة في المرحلة الأولى من الهدنة.
وبحسب الرئيس الأميركي جو بايدن فإن المرحلة الأولى تتضمن أيضاً انسحاباً إسرائيلياً من المناطق المكتظة بالسكان في غزة وزيادة المساعدات الإنسانية للقطاع الذي تقول الأمم المتحدة إنه مهدد بمجاعة.
من جهة أخرى أعلنت وكالة تشغيل وغوث اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، أمس الأحد، أنها جهزت 4 آلاف شاحنة محملة بالمساعدات لإيصالها إلى قطاع غزة، مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
وأوضحت الوكالة أن نصف هذه الشاحنات تحمل الغذاء والدقيق، لافتة إلى أن الهجمات على قوافل المساعدات في قطاع غزة قد تنخفض بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس.
وأعرب المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، عن تفاؤله بأن الهجمات على قوافل المساعدات داخل قطاع غزة قد تتراجع مع توقع تكثيف الجهود الإنسانية.
وقبل ذلك، وثقت كاميرا الفضائيات صورا خاصة ببدء دخول شاحنات المساعدات إلى غزة من معبر رفح مع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع.
فيما أعلنت مصادر مصرية لـ»العربية.نت» دخول أكثر من 200 شاحنة مساعدات لغزة، أمس الأحد، بينها أكثر من 5 شاحنات وقود، والباقي مساعدات غذائية وطبية.
وكشفت أن هناك أكثر من 16 شاحنة وقود أخرى في طريقها للقطاع، مشيرة إلى أن المساعدات وصلت إلى الجانب الآخر من القطاع، فضلا عن وصول شاحنات أخرى عبر معبري كرم أبو سالم والعوجة.
إلى ذلك ألقى أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» أمس الأحد، كلمة مصورة عقب سريان وقف إطلاق النار في غزة.
وتحدث أبو عبيدة عن مجريات المعركة التي خاضتها المقاومة مع الاحتلال الإسرائيلي على مدى 15 شهرا والتحولات التي أحدثتها معركة طوفان الأقصى في المنطقة وما فرضته من معادلات جديدة في الصراع مع المحتل.
وقال: إن 471 يوما على معركة طوفان الأقصى التاريخية التي دقت المسمار الأخير بنعش الاحتلال الزائل دون شك، مؤكدا أن التضحيات والدماء العظيمة التي بذلها شعبنا لن تذهب سدى.
أضاف: إن شعبنا قدم من أجل حريته ومقدساته تضحيات غير مسبوقة، ونشعر بالآلام الكبيرة التي يعانيها أبناء شعبنا وهي ثمن لتحرير الأرض والإنسان والمقدسات.
ولفت إلى أن التوصل لاتفاق لوقف العدوان الصهيوني على شعبنا كان هدفا لنا منذ شهور طويلة بل ومنذ بدء العدوان، مضيفا: نعلن وفصائل المقاومة التزامنا التام باتفاق وقف إطلاق النار مع تأكيدنا أن كل ذلك مرهون بالتزام العدو، وندعو كافة الوسطاء إلى إلزام العدو بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار
وشدد أبو عبيدة على أن معركة طوفان الأقصى بدأت من تخوم غزة ،لكنها غيرت وجه المنطقة وأدخلت معادلات جديدة في الصراع مع الكيان الصهيوني، وأدت إلى فتح جبهات قتال جديدة وأجبرت الكيان على اللجوء إلى قوى دولية لمساندته، معتبرا أن كل محاولات دمج هذا الكيان في المنطقة ستواجه بطوفان الوعي ومقاومة الشعوب الحرة.
وقال: إننا نتلقى الملايين من رسائل الدعم من كل أنحاء أمتنا العربية والإسلامية، ونعلم أننا منكم وأنتم منا.