«كونا» : تمثل زيارة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، التي استهلها أمس إلى المملكة المتحدة، تلبية لدعوة شخصية من ملك المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية الملك تشارلز الثالث، مرحلة مهمة في مسيرة العلاقات التاريخية الوثيقة الممتدة بين البلدين 125 عاما. وتعد هذه الزيارة الأولى لسمو أمير البلاد إلى المملكة المتحدة، منذ تولي سموه مقاليد الحكم في 20 ديسمبر عام 2023، خلفا لسمو أمير البلاد الراحل الشيخ نواف الأحمد، طيب الله ثراه.
وقد وصل صاحب السمو أمير البلاد، والوفد الرسمي المرافق له عصر أمس إلى اسكتلندا بالمملكة المتحدة. وكان في مقدمة مستقبلي سموه على أرض المطار، ممثل جلالة الملك لمنطقة ايرشير وارن اللورد ايونا مكدونالدز، والمدير التنفيذي للشراكة في مؤسسة الملك وهايجروف هاوس قسطنطين إينيميه، والمدير التنفيذي للتطوير في المؤسسة كولن ماكنزي بلاكمان، وسفير دولة الكويت لدى المملكة المتحدة بدر المنيخ.
ويرافق سموه وفد رسمي يضم كلا من، وزير شؤون الديوان الأميري الشيخ محمد العبد الله ووزير الخارجية عبدالله اليحيا، وعدد من كبار المسؤولين بالديوان الأميري ووزارة الخارجية.
وسبق لسمو أمير البلاد أن زار المملكة المتحدة حينما كان وليا للعهد أربع مرات ،كانت الأولى في 18 سبتمبر 2022، ممثلا عن سمو أمير البلاد الراحل لتقديم واجب العزاء بوفاة ملكة بريطانيا الملكة إليزابيث الثانية، حيث التقى سموه خلالها الملك تشارلز الثالث.
وجاءت زيارة سموه الثانية إلى بريطانيا في السادس من مايو عام 2023، ممثلا لسمو أمير البلاد الراحل لحضور مراسم تتويج الملك تشارلز ملكا المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية.
وأعقبت تلك الزيارة زيارة ثالثة في 28 أغسطس عام 2023، تلبية لدعوة رسمية من رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، حيث شمل سموه برعايته وحضوره احتفالية مكتب الاستثمار الكويتي في المملكة المتحدة، بمناسبة الذكرى الـ 70 لتأسيسه، فيما كانت الزيارة الرابعة في 24 أكتوبر عام 2023، تلبية لدعوة رسمية من الملك تشارلز الثالث.
وتعكس زيارة سمو أمير البلاد، إضافة إلى الزيارات المتبادلة التي يقوم بها حكام دولة الكويت وملوك بريطانيا إلى البلدين الصديقين، قوة الوشائج التاريخية والصداقة الوطيدة بين الأسرتين الحاكمتين والشعبين الصديقين ومتانة العلاقات بينهما التي تتسم بالتطور المستمر في جميع المجالات.
وتستند العلاقات بين البلدين إلى أسس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، والتنسيق حيال القضايا الإقليمية والعالمية ذات الاهتمام المشترك، واستثمار الصلات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية التي تجمع بينهما في تعزيز أواصر تلك العلاقات وترسيخها.
وتطورت العلاقة بين البلدين خلال العقود الماضية بصورة مستمرة، فيما أطرتها الاتفاقيات الموقعة بينهما في شتى المجالات، ,التي كان أولاها الاتفاقية الموقعة في يناير العام 1899 التي مثلت انطلاقة العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين الصديقين ودونت عبر تلك السنوات سجلا زاخرا بمجالات متعددة للتعاون والشراكة الاستراتيجية.
وتميزت العلاقات الثنائية طوال العقود السبعة الأولى من انطلاقتها بالاستقرار، حتى جاء العام 1961 الذي بدأ فيه أمير الكويت الراحل الشيخ عبدالله السالم خطوات مهمة، باتجاه مرحلة جديدة أكثر عدالة وعمقا في العلاقات بين البلدين، عندما خطا بالكويت الخطوات الأولى نحو الاستقلال.
وكانت أولى تلك الخطوات في 19 يونيو 1961، عندما أعلن الشيخ عبدالله السالم استقلال الكويت وإلغاء معاهدة 1899 مع بريطانيا، فيما استمرت الحكومة البريطانية بمساعدة الكويت في الدفاع عن سلامة أراضيها من الأطماع الخارجية وأرسلت قواتها العسكرية إلى الكويت حين كانت تتهددها الأطماع العراقية.
وحينما حدثت كارثة الغزو العراقي للكويت العام 1990، شكلت المملكة المتحدة الحليف الأول للولايات المتحدة الأمريكية في موقفها الرافض للعدوان العراقي وفي تحركها العسكري نحو تحرير الكويت.
وتؤدي مجموعة التوجيه المشتركة الكويتية - البريطانية التي تشكلت العام 2012، وتعقد اجتماعات نصف سنوية، دورا بناء ومهما في ترسيخ العلاقات الثنائية، وتحويل ما تم الاتفاق عليه الى واقع يحقق مصلحة البلدين.
وتتضمن أبرز المجالات التي تبحثها اجتماعات المجموعة التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي والتعليمي، إضافة إلى التعاون في البرامج الإنمائية المتعلقة بتحول الطاقة والمناخ والبيئة والأمن الغذائي والتعاون في مجال الصحة الذي يتضمن القطاع الدوائي ورقمنة القطاع الصحي وبرامج تدريب الطواقم الطبية.
واستمرارا لحرص البلدين على تعزيز تلك العلاقات، فقد قررا في يناير الماضي اعتبار 2024 «عام الشراكة الكويتية ـ البريطانية»، بموجب الاتفاقية الموقعة في 29 أغسطس 2023 على هامش زيارة سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد إلى المملكة المتحدة حينما كان سموه وليا للعهد.
وصدر في ذلك الشهر من العام 2024 بيان مشترك عن وزارتي الخارجية الكويتية والبريطانية، أكدتا فيه أن العلاقة الوثيقة والمتجذرة بين البلدين الصديقين نمت بشكل مطرد على مدار 125 عاما، و»شهدت خلالها دعما وتعاونا مشتركا لمواجهة مجموعة من التحديات الإقليمية والعالمية وللدفاع عن قيمنا المشتركة وتعزيزها».
ويسعى البلدان من خلال الزيارات المتبادلة والاجتماعات الدورية، إلى تدشين حوارات استراتيجية عديدة ووضع خريطة طريق لمستقبل أكثر إشراقا لعلاقاتهما استكمالا للمسيرة التاريخية من التعاون والعمل المشترك، وترجمة للتطلعات الثنائية الطموحة وتحقيقا للرؤية المشتركة لقيادتيهما نحو افاق أرحب تحقق المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الصديقين.