«وكالات»: وسط ترحيب عالمي كبير، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمس، أوامر اعتقال بحق كل من رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن السابق يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.
وقالت المحكمة الجنائية في بيان إن الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة، «أصدرت بالإجماع قرارين برفض الطعون المقدمة من قبل إسرائيل، بموجب المادتين 18 و19 من نظام روما الأساسي».
وقال المتحدث باسم الفريق القانوني أمام المحكمة الجنائية، إن قرار المحكمة بات ونهائي وغير قابل للطعن.
وجاء في بيان المحكمة أن «جرائم الحرب المزعومة ضد نتنياهو وغالانت تشمل استخدام التجويع سلاح حرب»، مضيفاً أن هناك «أسبابا منطقية» تدعو للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت أشرفا على هجمات على السكان المدنيين.
وقالت المحكمة الجنائية: «يتحمل كل منهما المسؤولية الجنائية عن الجرائم التالية باعتبارهما مشاركين في ارتكاب الأفعال بالاشتراك مع آخرين: جريمة الحرب المتمثلة في التجويع كأسلوب من أساليب الحرب؛ والجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد وغير ذلك من الأفعال اللاإنسانية. كما وجدت الدائرة أسباباً معقولة للاعتقاد بأن السيد نتنياهو والسيد غالانت يتحملان المسؤولية الجنائية عن جريمة الحرب المتمثلة في توجيه هجوم متعمد ضد السكان المدنيين».
أضافت أن المحكمة رأت أن «هناك أسبابًا معقولة للاعتقاد، بأن كلا الفردين حرموا عمدًا وعن علم السكان المدنيين في غزة من أشياء لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك الغذاء والماء والأدوية والإمدادات الطبية، فضلاً عن الوقود والكهرباء، من 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 20 مايو 2024 على الأقل»، مضيفة: «يستند هذا الاستنتاج إلى دور نتنياهو غالانت في إعاقة المساعدات الإنسانية في انتهاك للقانون الإنساني الدولي وفشلهما في تسهيل الإغاثة بكل الوسائل المتاحة لها. ووجدت الدائرة أن سلوكهما أدى إلى تعطيل قدرة المنظمات الإنسانية على توفير الغذاء والسلع الأساسية الأخرى للسكان المحتاجين في غزة. كما كان للقيود المذكورة أعلاه إلى جانب قطع الكهرباء وتقليص إمدادات الوقود تأثير شديد على توفر المياه في غزة وقدرة المستشفيات على تقديم الرعاية الطبية».
كما «لاحظت الدائرة أن القرارات التي تسمح أو تزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة كانت مشروطة في كثير من الأحيان. ولم يتم اتخاذها للوفاء بالتزامات إسرائيل بموجب القانون الإنساني الدولي أو لضمان تزويد السكان المدنيين في غزة بالسلع المحتاجة بشكل كافٍ. في الواقع، كانت هذه الإجراءات استجابة لضغوط المجتمع الدولي أو طلبات من الولايات المتحدة. وفي كل الأحوال، لم تكن الزيادات في المساعدات الإنسانية كافية لتحسين قدرة السكان على الوصول إلى السلع الأساسية»، وفق البيان.
ورأت المحكمة أنه «لا يمكن تحديد أي حاجة عسكرية واضحة أو مبرر آخر للقيود المفروضة على وصول عمليات الإغاثة الإنسانية».
وقالت إن إسرائيل لم تسمح إلا بالحد الأدنى من المساعدات الإنسانية «على الرغم من التحذيرات والمناشدات التي وجهها، من بين جهات أخرى، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والأمين العام للأمم المتحدة والدول والمنظمات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني بشأن الوضع الإنساني في غزة».
أضافت المحكمة الجنائية أنها وجدت «أسباباً معقولة» للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت يتحملان المسؤولية الجنائية عن جريمة الحرب المتمثلة في التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، مشيرة إلى أن نقص الغذاء والماء والكهرباء والوقود والإمدادات الطبية المحددة، خلق ظروفاً معيشية من شأنها أن تؤدي إلى تدمير جزء من السكان المدنيين في غزة، مما أدى إلى وفاة المدنيين، بما في ذلك الأطفال بسبب سوء التغذية والجفاف. وأردفت أن «هناك أسباباً معقولة للاعتقاد بأن جريمة القتل ضد الإنسانية قد ارتكبت».
وتابع البيان أن «الشخصين «نتنياهو وغالانت» مسؤولان أيضاً عن إلحاق معاناة شديدة من خلال أفعال لاإنسانية بأشخاص يحتاجون إلى العلاج. وهذا يرقى إلى مستوى الجريمة ضد الإنسانية وأعمال غير إنسانية أخرى». أضافت المحكمة أن «السلوك المذكور «استهداف المشافي» حرم جزءاً كبيراً من السكان المدنيين في غزة من حقوقهم الأساسية، بما في ذلك الحق في الحياة والصحة، وأن السكان كانوا مستهدفين على أساس سياسي و/أو وطني. وبالتالي وجدت الدائرة أن جريمة الاضطهاد قد ارتُكبت».
وخلصت المحكمة إلى «وجود أسباب معقولة» للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت «يتحملان المسؤولية الجنائية عن جريمة الحرب المتمثلة في توجيه هجمات متعمدة ضد السكان المدنيين في غزة. وعلى الرغم من وجود تدابير متاحة لهما لمنع أو قمع ارتكاب الجرائم أو ضمان إحالة الأمر إلى السلطات المختصة، فشلا في القيام بذلك».
وفي ردود أعلنت دول غربية عن التزامها بقرار المحكمة الجنائية الدولية، إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن السابق يوآف غالانت، بتهمة ارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة، فيما رحبت دول عربية بالقرار.
وقالت فرنسا إن «رد الفعل الفرنسي على أمر المحكمة سيكون متوافقا مع مبادئ المحكمة»، فيما أعلنت الخارجية الهولندية إن هولندا مستعدة للتحرك بناء على أمر الاعتقال إذا لزم الأمر.
من جانبه، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إن مذكرات الاعتقال التي أصدرتها «الجنائية الدولية» بحق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الأمن السابق يوآف غالانت «ليست سياسية».
أضاف في مؤتمر مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي: «يجب احترام قرار المحكمة وتنفيذه. القرار ملزم ويجب أن ينفذ من قبل جميع الدول والشركاء في المحكمة».
بدوره أكد رئيس وزراء أيرلندا إن قرار إصدار مذكرات اعتقال بحق بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت رئيس وزراء أيرلندا «خطوة بالغة الأهمية».
أضاف سايمون هاريس، بحسب وكالة رويترز، إن أيرلندا تحترم دور المحكمة الجنائية الدولية، وإن أي شخص في وضع يسمح له بمساعدتها في أداء عملها يجب أن يفعل ذلك «على وجه السرعة».
وقال عمدة مدينة ديربورن بولاية ميشيغن، حيث يعيش عدد كبير من الأميركيين من أصل فلسطيني، على موقع إكس، إن مدينة ديربورن ستعتقل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن السابق يوآف غالانت «إذا وطأت قدماهما حدود المدينة».
وقال: «ينبغي للمدن الأخرى أن تعلن نفس الشيء. قد لا يتخذ رئيسنا أي إجراء، لكن قادة المدينة يمكنهم ضمان عدم ترحيب نتنياهو وغيره من مجرمي الحرب بالسفر بحرية عبر هذه الولايات المتحدة».
وقالت بيترا دي سوتر، نائبة رئيس وزراء بلجيكا، الخميس، إنه يتعين على الاتحاد الأوروبي الامتثال لمذكرتي الاعتقال الصادرتين بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع المقال يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
كما أعربت جنوب أفريقيا عن ترحيبها بقرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو وغالانت.
وقالت صحيفة «ذا غارديان» إن أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية تمثل «زلزالاً على المشهد القانوني العالمي»، مشيرة إلى أنها «المرة الأولى التي يتم فيها اتهام حليف غربي من ديمقراطية حديثة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من قبل هيئة قضائية عالمية».
وقالت الصحيفة: «في العالم كما يُرى من لاهاي، إن موافقة قضاة المحكمة الجنائية الدولية على أوامر الاعتقال ستغير إلى الأبد مكانة المحكمة. إن الولايات المتحدة التي ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية على أية حال سوف ترد بعنف ولكن على حساب مصداقيتها الدولية، ومطالبتها المتبقية بالدفاع عن العدالة العالمية». وأضافت الصحيفة أن دولاً حليفة أخرى لإسرائيل مثل ألمانيا سوف تنأى بنفسها عن هذا القرار «ويمكن لنا أن نتوقع من حكومة ستارمر في المملكة المتحدة أن تصوغ استجابة محايدة مدروسة»، ولكن من المرجح تبني العديد من الدول، التي كانت حتى الآن ترى المحكمة الجنائية كأداة في يد العالم الغربي.
وكتبت يولاندا دياز، وزيرة العمل الإسبانية وأحد نواب رئيس الوزراء في البلاد: «دائمًا إلى جانب العدالة والقانون الدولي. لا يمكن أن تمر الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني دون عقاب».
إلى ذلك أكد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أن مذكرات الاعتقال التي أصدرتها الجنائية الدولية بحق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الأمن السابق يوآف غالانت «ليست سياسية». أضاف في مؤتمر مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي: «يجب احترام قرار المحكمة وتنفيذه. القرار ملزم ويجب أن ينفذ من قبل جميع الدول والشركاء في المحكمة».
ونقلت وكالة الأنباء الهولندية «إيه أن بي»، عن وزير الخارجية كاسبر فيلدكامب قوله، إنّ هولندا مستعدة للتحرّك بناءً على أمر الاعتقال الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إذا لزم الأمر
وقال فيلدكامب، في بيان مصور نشره على صفحته في «إنستغرام»، إنّ «هولندا تحترم قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال ضد رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفي حال قدوم نتنياهو إلى هولندا سيُعتقل»، مضيفاً أنّ «هولندا بعد الآن لن تُجري تواصلاً غير ضروري مع نتنياهو».