عقب أقل من أربع وعشرين ساعة، على ضربها الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت أمس الأول، واستهدافها القيادي في «حزب الله» فؤاد شكر، ارتكبت إسرائيل جريمة نكراء جديدة، فجر أمس الأربعاء،باغتيالها رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» الفلسطينية إسماعيل هنية، بإطلاق صاروخ استهدف مقر إقامته في طهران أمس، وسط إدانة واستنكار عربي ودولي واسع، لجريمة الاحتلال التي لن تكون الأخيرة، والتي تندرج ضمن مسلسل جرائمه التي لا تنتهي.
أبرز ردات الفعل على ما حدث، هو إدانة واستنكار دولة الكويت الشديدين حيث أعربت وزارة «الخارجية» أمس الاربعاء ، عن إدانة هذا الفعل الإجرامي، وقالت في بيان لها: «إن دولة الكويت تعبر عن قلقها البالغ إزاء ما أقدم عليه الكيان الإسرائيلي من عمل إجرامي وغير مسؤول»، مؤكدة أن «ذلك السلوك العدواني يعتبر تطورا خطيرا، وانتهاكا صارخا لمبادئ القانون الدولي، وأهمها احترام سيادة الدول المستقلة.
وأشارت إلى دعوة دولة الكويت للأمم المتحدة وسائر المجتمع الدولي، إلى الوقوف وبشكل حازم وفوري، لتفادي أي تصعيد عسكري، قد يدخل المنطقة والعالم في متاهات الفوضى ودوامة العنف ويقوض فرص السلام، مجددة المطالبة بالضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي لإيقاف الاعتداءات وعمليات الإبادة الجماعية، التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الشقيق.
وبينت أن دولة الكويت تتقدم للشعب والقيادة الفلسطينية بالتعازي والمواساة.
وفيما أعلنت حركة حماس أن الاغتيال «عمل جبان ولن يمرّ سدىً»، نعت المساجد في الضفة الغربية، عبر مكبرات الصوت إسماعيل هنية، كماعمّ الإضراب الشامل مختلف المحافظات.
وقالت القوى الوطنية والإسلامية في بيان إنّ اغتيال هنية يأتي في «إطار إرهاب الدولة الصهيوني وحرب الإبادة والتدمير والقتل مع عجز المجتمع الدولي عن وقف الحرب ومحاسبة الاحتلال على جرائمه». كما أدان الرئيس الفلسطيني محمود عباس اغتيال إسماعيل هنية. ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا»، أن عباس «أدان بشدة اغتيال رئيس حركة حماس، القائد الكبير إسماعيل هنية، واعتبره عملاً جباناً وتطوراً خطيراً».
وفيما لم تعلّق إسرائيل رسمياً على اغتيال إسماعيل هنية، وأوعز رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى وزراء حكومته بعدم التصريح أو التطرّق إليه، برز تفاخر الاحتلال بالاغتيال، إذ قال وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو، الذي سبق أن طالب بإلقاء قنبلة ذرية على قطاع غزة، إنّ «موت هنية يجعل العالم مكاناً أفضل قليلاً»، وأضاف: «هذه هي الطريقة الصحيحة لتطهير العالم من هذا التلوّث»، على حد زعمه.
من جهته دان الأزهر الشريف بأشد العبارات الجريمة البشعة التي أقدم عليها الكيان الإسرائيلي المحتل الغادر باغتيال القيادي الفلسطيني إسماعيل هنية، الذي اغتالته الأيدي السوداء المجرمة، فجر الأربعاء، ضمن سلسلة من الاعتداءات المنكرة التي يمارسها الكيان المحتل.
كما عبر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عن إدانته الشديدة واستنكاره العميق لعملية اغتيال إسماعيل هنية، واصفا العملية بالجبانة والجريمة النكراء التي تعد انتهاكًا صارخًا لكافة المواثيق الدولية والأعراف الإنسانية. وقال في بيان: «هذا العدوان الصارخ يكشف الوجه الحقيقي لدولة الاحتلال وسياساتها الإجرامية التي تستهدف قادة الأمة ورموزها»، داعيا قادة الدول العربية إلى «التحرك الفوري والعمل بكل جدية لإنذار العدو الغاشم بالرد العسكري، وقطع العلاقات معه، والمقاطعة الاقتصادية، ولتقديم الجناة إلى المحاكم الدولية، ومحاسبة دولة الاحتلال على هذه الجرائم الجبانة التي ترتكبها بحق قادة وشعب فلسطين».
من جهة أخرى ووسط تكتم إيراني رسمي على تفاصيل اغتيال رئيس حركة «حماس» إسماعيل هنية، في العاصمة طهران، تضاربت الأنباء حول موقع الهجوم، فيما توعدت السلطات بالانتقام من إسرائيل.
وسافر هنية إلى طهران للمشاركة في مراسم أداء اليمين الدستورية للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أمام البرلمان، وسط إجراءات أمنية مشددة فرضتها السلطات، مع توافد مسؤولين من نحو 80 دولة إلى العاصمة الإيرانية.
وذكرت مواقع إيرانية في الساعات الأولى أن المصادر غير الرسمية تشير إلى أن هنية قُتل بالقرب من قصر سعد آباد، في غارة شنتها طائرة مسيرة إسرائيلية، فيما ذكرت مصادر أخرى أن الحادث وقع في منطقة غرب طهران.
وقالت إن «شدة صوت الانفجار كانت كبيرة لدرجة أن جميع أجهزة إنذار السيارات انطلقت، وسُمع الصوت في جميع أنحاء شمال طهران. كما غطى الدخان والغبار الناتجان عن الانفجار المنطقة».
وكانت قناة «صابرين نيوز» التابعة لـ«فيلق القدس» أول من أذاع خبر اغتيال هنية في الساعة 1:45 من منتصف الليل. وفي التوقيت نفسه، أفادت حسابات إيرانية على منصة «إكس» بسماع دوي انفجار كبير في غرب طهران، في إشارة إلى المنطقة التي تنتشر فيها مواقع سكنية خاضعة لـ«الحرس الثوري»، ويقيم فيها عدد من قيادات وعناصر جماعات مسلحة مرتبطة بطهران.
وذكرت «القناة الـ12» الإسرائيلية أنه «وفقاً لتحليل المعلومات الواردة من إيران، يتضح بشكل متزايد أن الصاروخ الذي اغتال هنية أُطلق من داخل إيران، ولم يأتِ من طائرة أو طائرة دون طيار، كما زعمت طهران، بشأن (دولة ثالثة)»، في إشارة إلى تقارير غير رسمية تم تناقلها عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وبحسب القناة، «قُتل هنية مع حارسه الشخصي في مضافة لـ «الحرس الثوري» في حي تشمران شمال العاصمة طهران». وأضافت: «لم يكن رئيس حركة «الجهاد الإسلامي» زياد نخالة الذي كان يقيم في طابق آخر، هدفاً للهجوم».
وقال «الحرس الثوري»، في بيان، إن هنية وأحد حراسه قُتلا إثر استهداف مقر إقامتهما في طهران، دون تقديم تفاصيل. وفي وقت لاحق، قالت وكالتا «تسنيم» و«فارس» التابعتان لـ «الحرس الثوري» الإيراني في روايتهما الأولى إن هنية «قتل في الساعة الثانية بعد منتصف الليل إثر إصابته بقذيفة من الجو».
وبحسب الوكالتين، فإن «هنية الذي جاء إلى إيران لحضور مراسم تنصيب الرئيس، كان مقيماً في أحد الأماكن المخصصة للمحاربين القدامى في شمال طهران».
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، إن الجهات المختصة تجري تحقيقاً في أبعاد وتفاصيل الحادث. وأضاف أن مقتل هنية في العاصمة الإيرانية «سيعزز الروابط العميقة والمتينة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وفلسطين العزيزة والمقاومة».
وقال «الحرس الثوري» الإيراني، في بيان أمس الأربعاء، إن اغتيال هنية في طهران «سيقابل برد قاس وموجع»، وتوعد بأن «إيران ومحور المقاومة سيردان على هذه الجريمة»، في إشارة للحركات المسلحة المتحالفة مع الجمهورية الإسلامية في أنحاء الشرق الأوسط.
وقال المرشد علي خامنئي، إن الانتقام من اغتيال هنية «واجب على طهران»؛ لأنه وقع على الأراضي الإيرانية. وأضاف أن «الكيان الصهيوني المجرم والإرهابي مهّد لنفسه بهذا العمل الأرضية لعقاب قاس».
بدوره، اتهم الرئيس الجديد، مسعود بزشكيان، إسرائيل بالوقوف خلف اغتيال هنية في طهران، متوعّداً بجعلها «تندم» على ذلك.
وأكد بزشكيان أن اغتيال إسماعيل هنية «يعكس المأزق الذي تعيشه سياسات الكيان الصهيوني»، مؤكداً أن بلاده «ستدافع عن سلامة أراضيها وسيادتها الوطنية ولن تتنازل عنها». وتوعد الاحتلال الإسرائيلي بأنه «سيشهد نتائج عمله الجبان والإرهابي قريباً».
وكتب بزشكيان في منشور على منصة «إكس»: «ستدافع الجمهورية الإسلامية في إيران عن سلامة أراضيها وشرفها وعزتها وكرامتها، وستجعل الغزاة الإرهابيين يندمون على فعلهم الجبان».
وترأس محمد عارف، نائب الرئيس الإيراني، الذي وضع صورة هنية أمامه، اجتماعاً طارئاً للحكومة المؤقتة التي تضم وزراء من حكومة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر إيراني أن المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران عقد اجتماعاً بحضور كبار قادة «الحرس الثوري» في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء؛ لمناقشة اغتيال هنية.
وأفادت مواقع إيرانية بأن لجنة الأمن القومي في البرلمان عقدت اجتماعاً طارئاً لمناقشة تداعيات اغتيال هنية. وقال متحدث باسم البرلمان: «ندين بشدة اغتيال قائد المقاومة الفلسطينية الكبير الشهيد إسماعيل هنية. سيتلقى المسؤولون عن هذا الحدث وعملاؤهم ردّاً على شرورهم وجرائمهم».
ونعى رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، هنية بقوله: «إيران وجبهة المقاومة لن تترك دماء شهيدها الأخ دون حساب».
وقال رئيس الأركان السابق في «الحرس الثوري» الجنرال حسين علايي، إن «من المؤكد أن أميركا تعاونت بشكل وثيق مع نظام الاحتلال الصهيوني في تنفيذ عملية اغتيال إسماعيل هنية، سواء على الصعيد العملياتي أو المعلوماتي».
من جهته نفى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أن تكون بلاجه قد شاركت بعملية اغتيال إسماعيل هنية، وقال: لم نشارك ولا علم لنا مسبقاً بالهجوم.