
شهدت الساعات الماضية تحركات خليجية، بقيادة السعودية، تهدف إلى وقف الحرب الدائرة حاليا في السودان، وجمع أطراف الصراع على طاولة مفاوضات، لإيجاد حل دائم وشامل للأزمة السياسية التي أفضت إلى هذه الحرب.
في هذا الإطار أكد مندوب المملكة العربية السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير الدكتور عبد العزيز الواصل، أهمية الالتزام بالهدنة القائمة في السودان.
أضاف الواصل في كلمة له بجلسة مجلس الأمن التي عقدت أمس بشأن السودان، أن المملكة منخرطة مع كل الشركاء لتثبيت الهدنة في السودان، مثمنًا تعاون الأطراف السودانية لتسهيل إجلاء المدنيين.
وكان مندوب السودان لدى الأمم المتحدة السفير الحارث إدريس، قد ذكر أن القوات المسلحة تنتهج سياسة تقليل الخسائر في صفوف المدنيين، مشيرًا إلى أن الجيش السوداني التزم بالهدنة رغم خرقها من الطرف الآخر.
أضاف إدريس خلال كلمة في جلسة طارئة بمجلس الأمن حول السودان، أن القوات المسلحة حرصت على تأمين المقرات الدبلوماسية من تهديدات المتمردين، داعيًا إلى ضرورة إدانة القوات المتمردة لانتشارها في المدن وتهديدها للمدنيين.
وأشار إلى أن القوات المسلحة ساعدت في إجلاء رعايا العديد من الدول تحت التهديدات المعروفة، مشددًا على أن الحل يجب أن يترك للسودانيين.
وأوضح أن بلاده ترفض التدخل الخارجي، مشيرًا إلى أن السودان يمنح للجوار والإقليم الريادة في التعاطي مع أزمته.
وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى السودان فولكر بيرتس، إن اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في السودان «يبدو صامدا في بعض المناطق حتى الآن، لكن لا يوجد ما يشير إلى استعداد الطرفين المتحاربين للتفاوض بجدية وهو ما يشير إلى أن كلا منهما يعتقد أن بإمكانه تحقيق نصر عسكري على الآخر».
وقالت مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد إن العنف في السودان يجب أن يتوقف فورا، مضيفة أن الشعب السوداني يستحق عنايتنا.
أضافت غرينفيلد أن السفارة الأميركية في الخرطوم تعرضت لهجمات مباشرة وغير مباشرة، مشددة على ضرورة ضمان الأطراف السودانية سلامة وأمن البعثات الديبلوماسية.
وأكدت أنه حان الوقت للحوار بدلا من حمل السلاح.
من جانبه، قال مندوب الصين في الأمم المتحدة إنه يدعو طرفي النزاع في السودان لوقف العدوان فورا، مؤكدا دعم بلاده لسيادة السودان وسلامته الإقليمية.
أضاف أن تصاعد النزاع الحالي في السودان سيهدد الأمن الإقليمي، مؤكدا أنه يدعم الجهود الأممية والأفريقية لتسوية الأزمة فيها.
في سياق ذي صلة قال البيت الأبيض، أمس الأربعاء، إن أميركياً ثانياً لقي حتفه في السودان، أمس الثلاثاء، في ظل العنف بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وقال جون كيربي، المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض للصحافيين، إن العنف تراجع بشدة في السودان، وإن الولايات المتحدة تعمل بنشاط لتسهيل إجلاء عدد صغير من الأميركيين الراغبين في مغادرة البلاد.
وشدد على الحاجة للإبقاء على وقف إطلاق النار في السودان وتمديده لمعالجة الأزمة الإنسانية، مضيفاً : «سنواصل العمل دبلوماسياً مع الطرفين من أجل التوصل لوقف دائم لإطلاق النار في السودان».
يأتي هذا في الوقت الذي دخل وقف إطلاق النار المبرم في السودان برعاية أميركية، يومه الثاني أمس، لكنه بقي هشاً وسط تقارير لشهود عن ضربات جوية، وتجدد الاشتباكات بمحيط القصر الرئاسي بالخرطوم، وقرب مبنى الإذاعة والتلفزيون بأم درمان.
كما تواصلت عمليات إجلاء الرعايا الأجانب من البلاد.
وكان الطرفان أعلنا التزامهما بهدنة لمدة 72 ساعة. وتبادل الجيش وقوات الدعم السريع الاتهامات بخرق وقف النار.
وخلّفت المعارك أكثر من 459 قتيلاً وما يزيد على 4 آلاف جريح، وفقا للأمم المتحدة.
ومع انخفاض نسبي في حدة القتال في معظم أنحاء مدينة الخرطوم، تواصل الحكومات الأجنبية تنظيم عمليات إجلاء رعاياها عبر قوافل برية وطائرات وسفن لإخراج الآلاف من مواطنيها.
وأفاد مراسلون بتجدد الاشتباكات في محيط القصر الرئاسي بالخرطوم. وقال الجيش السوداني إن مجموعات من الدعم السريع هاجمت مقر القيادة العامة بالخرطوم، مضيفاً: «نتصدى لمجموعات الدعم السريع التي تهاجم القيادة العامة ونكبدهم خسائر».
وحلقت طائرات الجيش السوداني في الخرطوم وأم درمان، فيما تستخدم قوات للدعم السريع مضادات أرضية ومدفعية ضد طائرات الجيش بالخرطوم. كما اندلعت اشتباكات عنيفة في محيط مبنى الإذاعة والتلفزيون بأم درمان، مع تحليق طائرات سوخوي في سماء أم درمان وسماع دوي مضادات أرضية.
كما اندلعت اشتباكات متقطعة بين الجيش وقوات الدعم السريع في أحياء الخرطوم بحري، وتوجهت عربات تابعة للدعم السريع من جنوب أم درمان إلى مركز المدينة. واتهم الجيش عناصر الدعم السريع بالتمركز داخل الأماكن السكنية لاتخاذ ساكنيها دروعا بشرية.
بالمقابل، قالت «الدعم السريع» إن الجيش هاجم قواتها بمحيط القصر الجمهوري وأرض المعسكرات وسوبا في وقت واحد. وأضافت بالقول: «قيادات الجيش لا تلتزم بالهدنة وعلى المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته»، فيما وصف الجيش السوداني الدعم السريع وقائده بأنه «ربيبة العهد البائد».
يأتي ذلك فيما أعلنت نقابة أطباء السودان، أمس الأربعاء، ارتفاع عدد الضحايا المدنيين منذ بداية الاشتباكات في البلاد إلى 295 قتيلا و1790 مصابا. وقالت النقابة في تقرير ميداني نشرته عبر «فيسبوك» إن الاشتباكات ما زالت جارية بين قوات الدعم السريع والجيش. وأوضحت أن الكثير من المصابين والمتوفين غير مشمولين في الحصر، نظرا لعدم التمكن من الوصول للمستشفيات «لصعوبة التنقل والوضع الأمني في البلاد».
واستهدفت غارات جوية جديدة مساء أمس الأول مركبات لقوات الدعم السريع شمالي الخرطوم..
وقالت قوات الدعم السريع إنها سيطرت على مصفاة ومحطة كهرباء على بعد 70 كيلومترا شمالي الخرطوم حسب مقطع فيديو نشر الثلاثاء.
وأبلغ الجيش عبر «فيسبوك» عن تحرك كبير لقوات الدعم السريع نحو المصفاة من أجل الإفادة من الهدنة والسيطرة عليها.
وتراجعت حدة القتال في أحياء عدة بالعاصمة منذ بدء عمليات إجلاء الأجانب السبت، كما تراجعت حدة القتال العنيف الذي اندلع في إقليم دارفور الشاسع منذ بدء الأعمال العدائية في 15 أبريل.
من جهتها حذّرت الأمم المتحدة الثلاثاء، من أن ما يصل إلى 270 ألف شخص آخرين قد يتوجهون إلى تشاد وجنوب السودان المجاورتين.
وبحسب الأمم المتحدة، هناك «219 ألف امرأة حامل في الخرطوم، 24 ألفا منهن يتوقع أن يلدن في الأسابيع المقبلة»، وتواجه الحوامل «صعوبات بالغة» في الحصول على رعاية صحية فيما تؤكد نقابة الأطباء أن نحو ثلاثة أرباع المستشفيات بات خارج الخدمة.
ويهدد النزاع «بحريق كارثي داخل السودان قد يمتد إلى كامل المنطقة وأبعد منها»، حسب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
وتوازيا أبدت منظمة الصحة العالمية قلقها من خطر بيولوجي «هائل» بعد استيلاء «أحد الطرفين المتقاتلين» على «المختبر المركزي للصحة العامة» في العاصمة الذي يحوي عينات مسببة لأمراض الحصبة والكوليرا وشلل الأطفال.
وقال المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرتس لمجلس الأمن الدولي أمس إن وقف إطلاق النار «يبدو صامدا في بعض المناطق حتى الآن».
وفي علامة أخرى على تدهور الوضع الأمني، قال الوزير السابق أحمد هارون المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور إنه سُمح له ولمسؤولين آخرين بمغادرة سجن كوبر.
وعقب أنباء عن عمليات هروب من السجن في الأيام القليلة الماضية، قال هارون إن الأوضاع في سجن كوبر تدهورت بشدة. وقال متظاهر كان مسجونا هناك في تسجيل صوتي نُشر يوم الأحد إن السجناء أُطلق سراحهم بعد أسبوع دون ماء ولا غذاء.
وخدم هارون والمسؤولون الآخرون الذين غادروا السجن تحت قيادة الرئيس السابق عمر البشير الذي تولى السلطة في انقلاب عسكري عام 1989 وأطيح به في ثورة شعبية عام 2019. واتهمت المحكمة الجنائية الدولية هارون بتنظيم ميليشيات لمهاجمة المدنيين في إبادة جماعية في دارفور عامي 2003 و2004. ولم يتضح مكان البشير حتى الآن.
من جهة أخرى أكد الجيش السوداني أن الرئيس المعزول عمر البشير وعدداً من قيادات حزبه، محتجزون في مستشفى علياء العسكري تحت حراسة الشرطة القضائية، رافضا «أي محاولات لربط ما يجري في السجون بمزايدات على مواقفنا الوطنية».
وأوضح بيان للقيادة العامة للقوات المسلحة أن بعضا من «متهمي ٣٠ يونيو من العسكريين كانوا محتجزين بمستشفى علياء التابع للقوات المسلحة نسبة لظروفهم الصحية وحسب توصيات الجهات الطبية بسجن كوبر قبل اندلاع التمرد، ولا يزالون بالمستشفى تحت حراسة ومسؤولية الشرطة القضائية».
وذكرت أن المحتجرين بالمستشفى هم: عمر حسن أحمد البشير، بكري حسن صالح، عبد الرحيم محمد حسين، أحمد الطيب الخنجر، يوسف عبد الفتاح.
وهنالك مدني واحد وهو د.علي الحاج محمد محتجز لتلقي العلاج بمستشفى أحمد قاسم بموجب توصية طبية من سلطات السجن وتقع مسؤولية حراسته على الشرطة. وذكر بيان أن القوات المسلحة أصدرت «هذه التوضيحات سدا للذرائع ومنعا للتضليل الكبير الذي ظلت تروج له بعض الأبواق الإعلامية للمتمردين للتشويش على الناس».
أضاف البيان : «موقف القوات المسلحة سيظل واضحا بشأن هذا الأمر، وهو الرفض القاطع لأي محاولات يائسة لربط ما يجري بالسجون بأي مزايدة على موقفها الوطني الذي تعكف على القيام به الآن في التصدي لمليشيا الغدر والخيانة، ربيبة العهد البائد وأولياء نعمة قائدها بشهادة كل أهل السودان».
وكان مستشار قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي قال في تصريحات خاصة للعربية الأربعاء إن خروج قيادات البشير من سجن كوبر صدمة وانتكاسة للشعب السوداني.
أضاف مستشار حميدتي : البشير وقياداته تم تهريبهم بعد عملية عسكرية وإطلاق نار بتدبير من الاستخبارات العسكرية.
وقال إن البرهان أصبح رهينة لقرار الحركة الإسلامية في الجيش وإن القيادات الموالية للبشير في الجيش هي المسؤولة عن إطلاق سراحه.