
«وكالات» : حذر الجيش السوداني مما وصفه «بتحشيد القوات والانفتاح داخل العاصمة وبعض المدن»، من جانب قوات الدعم السريع التي يقودها الفريق محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي.
وقال الجيش في بيان له، فجر أمس، إن تحركات قوات الدعم السريع تشكل «انتهاكا واضحا للقانون».
ويُمثّل البيان خلافا علنيا نادرا بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والتي هي مجموعة شبه عسكرية تعمل في السودان بموجب قانون خاص تحت تسلسل قيادي خاص بها.
وقالت قوات الدعم السريع، في بيان لها، إنها تنتشر في جميع أنحاء البلاد في إطار واجباتها العادية.
وذكرت أنها «تنتشر وتتنقل في كل أرجاء الوطن، من أجل تحقيق الأمن والاستقرار ومحاربة ظواهر الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، ومكافحة التهريب والمخدرات والجريمة العابرة والتصدي لعصابات النهب المسلح أينما وجدت».
وقوات الدعم السريع هي ميليشيا سابقة قوية تضم عشرات الآلاف من المقاتلين، اتُهمت بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، لا سيما أثناء الصراع في منطقة دارفور في السودان.
وصعد حميدتي السلم السياسي في السودان من خلال الخدمة في عهد الرئيس السابق عمر حسن البشير، الذي أطيح به في عام 2019.
ويتولى حميدتي الآن منصب نائب رئيس المجلس السيادي في السودان، الذي تولى السلطة إثر انقلاب آخر أواخر عام 2021. ومع ذلك، يقول مراقبون إنه ابتعد مؤخرا عن زملائه العسكريين ووجد أرضية مشتركة مع تحالف سياسي مدني.
وساءت العلاقات بين الجيش وقوات الدعم السريع، ما أدى إلى تأخير توقيع اتفاق مدعوم دوليا مع الأحزاب السياسية، من أجل فترة انتقالية لعامين يقودها مدنيون إلى الانتخابات.
وفشل قادة المجلس العسكري الحاكم هذا الأسبوع في الوفاء بالموعد النهائي لتشكيل حكومة بقيادة مدنية. وألقي اللوم في انهيار المحادثات على الخلافات بين الفصائل العسكرية المتناحرة.
وجاء في تقارير إعلامية أن قائد المجلس السيادي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قد طرد ممثلي قوات الدعم السريع من اجتماعٍ يومَ أمس الأربعاء، واتهمهم بالسعي لمحاربة الجيش.
وقال مصدران عسكريان إن أحد أسباب الخلاف بين حميدتي والجيش، هو إحجام الأخير عن تحديد موعد نهائي واضح، لدمج قوات الدعم السريع في الجيش.
وقالت المصادر العسكرية إن الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان قد نشر مزيدا من الجنود في الخرطوم في حالة تأهب، تحسبا لنوايا حميدتي.
وتسود حالة من التخوف إذا ما استمرت الخلافات الكامنة بين حميدتي والجيش، يإمكانية انخراط هذه القوات في مواجهات مسلحة، ودفع السودان - الذي يقع في منطقة مضطربة بين الساحل والقرن الأفريقي - إلى حالة عميقة من عدم الاستقرار.
في سياق متصل دعا رئيس حزب الأمة القومي السوداني، اللواء متقاعد فضل الله برمة ناصر، الأحزاب السياسية في البلاد لاجتماع عاجل، وأفادت الأنباء بأنه تم تشكيل لجنة من قدامى العسكريين لبحث الأزمة.
وأوضحت مصادر مطلعة أن الاجتماع الذي دعا له حزب الأمة بمقره بمدينة أم درمان، ضم قيادات من مجموعة المجلس المركزي بقوى الحرية والتغيير، فضلاً عن قيادات من الكتلة الديمقراطية وقدامى المحاربين.
وأوصى اللقاء إثر انتهائه بتشكيل لجنة من قدامى العسكريين برئاسة برمة ناصر، ستلتقي مساء اليوم بكل من رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد عام الجيش عبد الفتاح البرهان، ونائبه قائد قوات الدعم السريع حميدتي، لبحث الأزمة الراهنة بعد وصول قوات من الدعم السريع لقاعدة مروى العسكرية بالولاية الشمالية.
كما تقرر أن تعقد جلسة أخرى اليوم الجمعة، تضم نسبة أكبر من القوى السياسية، لوضع تصور موحد وواضح حول مجريات الأحداث ومستقبل العملية السياسية في البلاد.
إلى ذلك، أشار مراسلون إلى أن وفداً أمنياً رفيعاً في طريقه إلى مروي لتفقد الأوضاع هناك، على الرغم من عدم انسحاب قوات الدعم السريع بعد.
وكان حزب الأمة حذر من أن الوضع بين الطرفين بات خطيراً جداً، مشدداً على أن الوضع الأمني الراهن قريب من الانزلاق ولا يتحمل إجراءات روتينية.
أتى هذا التحذير بعد أن شهدت منطقة مروي توتراً غير مسبوق بين القوات المسلحة والدعم السريع.
فيما نبه الجيش بدوره في وقت مبكر أمس، مما وصفه «بتحشيد القوات والانفتاح داخل العاصمة وبعض المدن»، من جانب قيادة قوات الدعم السريع، بشكل مخالف للقانون ودون تنسيق مع القوات المسلحة.
يشار إلى أن التوتر الذي شهدته مروي بدأ بعدما وصلت قوة قوامها أكثر من 100 سيارة من الدعم السريع إلى قاعدة عسكرية قرب مطار المدينة، مفجراً أخطر الأزمات حتى الآن بين الجانبين، لاسيما بعد أن شدد الجيش على ضرورة انسحاب تلك الآليات.