
«وكالات» : لم تكد تنتهي أزمة سجن غويران في محافظة الحسكة السورية، الذي هاجمه تنظيم «داعش» لإطلاق آلاف من أسراه، حتى أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، أمس الخميس، مقتل زعيم تنظيم «داعش» أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، في عملية إنزال جوي للقوات الأمريكية في شمال غرب سورية، الليلة قبل الماضية، فيما قال مسؤول أمريكي إن قرداش فجر نفسه أثناء الهجوم وقتل معه أفراد أسرته في العملية.
وقال بايدن، في كلمة مقتضبة بالبيت الأبيض، أن العملية العسكرية بتوجيهات منه، وأن هدفها «حماية الشعب الأميركي وحلفاء أميركا وجعل العالم أكثر أمانا».
أضاف : «أُزيح أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، زعيم تنظيم الدولة، من ساحة المعركة بفضل مهارة القوات المسلحة الأميركية وشجاعتها»، وإن «جميع الأميركيين المشاركين في العملية عادوا بسلام».
وعدّ بايدن هذه العملية «شهادة على قدرة الولايات المتحدة على الوصول إلى أي موقع يشكل مصدر تهديد».
وقال : «سنستمر بالعمل مع حلفائنا في الجيش العراقي والبيشمركة وقوات سوريا الديمقراطية»، مشيرا إلى أن القوات الأميركية فضلت عدم استهداف زعيم التنظيم بهجوم جوي لمنع إحداث خسائر بشرية.
وكشف بايدن أن زعيم تنظيم الدولة المقتول أشرف على العمليات في مختلف أنحاء العالم، وآخرها في سجن غويران بالحسكة «شمال شرقي سوريا»، حيث اشتبك مسلحون من التنظيم مع «قوات سوريا الديمقراطية».
وكانت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» أعلنت أمس أيضا، أن قوات خاصة أميركية «نفذت بنجاح عملية إنزال جوي» في شمال غربي سوريا الليلة قبل الماضية، وقالت إن الإنزال انتهى من دون وقوع إصابات في صفوف الجنود الأميركيين.
وقال مسؤولون كبار بالإدارة الأميركية إن بايدن أُطلع على العملية قبل شهر، وأعطى صباح أول أمس الثلاثاء الضوء الأخضر بتنفيذها.
في السياق ذاته، نقلت وكالة رويترز عن مسؤول بالإدارة الأميركية تأكيده وقوع خسائر بشرية وسط المدنيين «نتيجة تفجير متشددين شحنة ناسفة» أثناء الهجوم الأميركي.
أضاف المسؤول أن زعيم تنظيم الدولة فجّر نفسه أثناء الهجوم وقتل معه أفراد أسرته وبينهم نساء وأطفال، وأن القوات الأمريكية فجرت مروحية تعرضت لعطب أثناء الإنزال الجوي.
وقال المسؤول الأمريكي إنه «لا يمكن الإفصاح الآن عما إذا كانت هناك جثامين أخذت من موقع العملية».
وفي تفاصيل ما حدث أثناء العملية، قالت مصادر مختلفة إن طائرات مروحية أميركية حلّقت فوق منطقتي «أطمة» و»دير بلوط»، في ريف إدلب الشمالي بسوريا.
وبدأ الأمر بضربات تحذيرية، وتحليق لطائرتين مروحيتين على الأقل، حسب الأهالي، وتبع ذلك إنزال جوي في محيط البلدة في تمام الساعة الواحدة و5 دقائق بعد منتصف الليل.
وسُمعت بعد ذلك أصوات إطلاق النار، ونفذت الطائرات المروحية أكثر من 4 غارات على المبنى الذي كان فيه زعيم تنظيم الدولة، وهو مبنى من طابقين.
وفي وقت سابق أمس قال مراسل قناة الجزيرة إن قوات التحالف الدولي نفذت عملية إنزال جوي استهدف منزلا في ريف إدلب الشمالي؛ مما أسفر عن مقتل 12 -على الأقل- بينهم أطفال.
وأفاد المراسل - نقلا عن مصادر محلية- بأن طائرات مروحية تابعة للتحالف الدولي حلّقت فوق منطقتي أطمة ودير بلوط في ريف إدلب الشمالي، وقامت بإنزال جوي في محيط بلدة أطمة؛ أسفر عن مقتل 12 شخصا، بينهم 7 أطفال و3 نساء.
أضاف المراسل أن طائرات التحالف - الذي شكلته واشنطن لقتال تنظيم الدولة الإسلامية قبل سنوات- شنّت 6 هجمات بالرشاشات الثقيلة، وسُمع صوت اشتباكات بعد الإنزال الجوي.
ولاحقا، أفاد شهود عيان بالعثور على حطام طائرة أميركية في ريف عفرين «شمال غربي سوريا» شاركت في الإنزال الجوي قرب بلدة أطمة.
من جانبه، قال الدفاع المدني السوري «الخوذ البيضاء» إن 13 شخصا على الأقل - بينهم 6 أطفال و4 نساء - قتلوا بقصف واشتباكات عقب الإنزال الجوي الأميركي.
وقال أحد السكان إن منقذين انتشلوا ما لا يقل عن 12 جثة من تحت أنقاض مبنى من طوابق، بينهم أطفال ونساء.
وقال أحد المصادر إن صواريخ مضادة للطائرات أطلقها مقاتلو المعارضة، في حين أكد شهود أن الغارة انتهت بمغادرة الطائرات المروحية المكان.
وبعد مقتل الزعيم السابق لتنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي في أكتوبر 2019، عيّن التنظيم عبد الله قرداش -الذي يلقب أيضا بـ»حاجي عبد الله»- خليفة له، وهو عراقي سبق سجنه في الولايات المتحدة.
وقتلت القوات الأميركية قرداش في المنطقة ذاتها تقريبا التي نفذت فيها عملية قتل البغدادي في 27 أكتوبر 2019.
ومنذ تسلّمه مهامه خلفا للبغدادي، لم يظهر القرشي علنا أو في أي من إصدارات التنظيم، ولا يُعرف كثير عنه أو عن تنقلاته.
وكشفت تقارير استخبارية في السابق عن اسمه الحقيقي، وهو أمير محمد عبد الرحمن المولى الصلبي، الذي كانت الولايات المتحدة قد رصدت في أغسطس 2019 مكافأة مالية تبلغ قيمتها 5 ملايين دولار مقابل أي معلومة تقود إليه.
وضاعفت واشنطن المكافأة في يونيو 2020 إلى 10 ملايين دولار، بعد أسابيع من وضعه على لائحتها السوداء «للإرهابيين الدوليين».
وتولى المولى مهامه بعد أيام معدودة من مقتل البغدادي ليل 27 أكتوبر 2019 في عملية عسكرية أميركية في إدلب.
واختير الهاشمي القرشي زعيماً جديداً للتنظيم، بعيد مقتل زعيمه أبو بكر البغدادي في غارة أميركية في سورية في نهاية أكتوبر 2019، واسمه الحقيقي هو أمير محمّد عبد الرحمن المولى الصلبي.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي، أن القوات الأميركية «نفذت بنجاح مهمة متعلقة بمكافحة الإرهاب في شمال غرب سورية».
وقال كيربي في بيان: «قامت قوات العمليات الخاصة الأميركية التي تعمل تحت إمرة القيادة المركزية الأميركية بمهمة لمكافحة الإرهاب في شمال غرب سورية»، مشيراً إلى أنه «لم تكن هناك خسائر في صفوف القوات الأميركية».
وقالت مصادر محلية إن 13 شخصاً قتلوا، بينهم ستة أطفال وأربع نساء، نتيجة عملية الإنزال الجوي لطائرات «التحالف الدولي» على مبنى سكني مؤلف من طابقين، جرى منتصف ليل الأربعاء- الخميس، بالقرب من معبر دير بلوط، شمالي محافظة إدلب، إضافة إلى عدد من الجرحى.
ووفق المصادر، استمرت عملية الإنزال قرابة ثلاث ساعات في منطقة أطمة، قبل أن تغادر الطائرات إلى داخل الأراضي التركية.
أضافت المصادر أن طائرات مسيّرة تابعة للتحالف الدولي استهدفت محيط عملية الإنزال إثر انسحاب المروحيات بثلاثة صواريخ على الأقل. وبيّنت أن مكان الاستهداف لا يبعد سوى 27 كيلومتراً من مكان قُتل فيه زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي في 27 أكتوبر 2019 بعملية شبيهة.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول كبير بالإدارة الأميركية قوله إن زعيم «داعش» فجر قنبلة قتلته مع أفراد من أسرته عند بدء العملية الأميركية، موضحاً أن «سقوط خسائر بشرية مدنية كان نتيجة تفجير المتشددين شحنة ناسفة أثناء الغارة».
وتخضع المنطقة التي جرت فيها العمليتان لـ»هيئة تحرير الشام» «النصرة سابقاً».
وفي السياق، ذكرت مصادر محلية أن اشتباكات جرت بين القوات الأميركية المهاجمة والمتحصنين في الطابق الثالث من المنزل في منطقة أطمة في ريف إدلب الشمالي، ليس بعيداً عن الحدود السورية التركية.
ولم ترد معلومات مؤكدة عن هوية كل القتلى لوجود أشلاء بينهم، فيما عُرف من بين القتلى مدير أحد مخيمات المهجرين في أطمة ويُعرف بـ»الصوارني»، وقد استُهدف خلال مروره بسيارته باتجاه المنطقة المستهدفة بالعملية.
وتأتي عملية أطمة، والتي تُعد الأكبر منذ عام 2019، في سياق استراتيجية التحالف الدولي في تصفية قيادات المجموعات المتطرفة في سورية، إذ سبق لطائرات هذا التحالف أن قتلت عدة أشخاص فاعلين في هذه المجموعات على اختلاف مسمياتها.