
مدريد – «كونا» : أكد رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم أن نقد الممارسات الخاطئة المتعلقة بالنظام الديمقراطي ومراجعتها باستمرار، لا يستهدف تقويض هذا النظام، بل حمايته من حالات النكوص والتراجع، وحمايته من كل ما يشوه جوهره ومعناه.
وقال الغانم إن على الجميع التحلي بالجرأة في التعاطي مع التحديات التي يمكن أن تؤثر في جوهر النظام الديمقراطي بعيدا عن حساسية الشعار والرمز.
جاء ذلك في كلمة ألقاها الرئيس الغانم أمام الجمعية العامة لمؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي الـ 143، المنعقد حاليا في العاصمة الاسبانية مدريد.
وشدد الغانم على أنه : «لا بد هنا أن أشيد بما جاء في المذكرة التوضيحية للمناقشة، والتي سلطت الضوء على أبرز التحديات التي تواجه النظام الديمقراطي، ولعل أبرزها كما جاء بالمذكرة «التحزب الحاد المفضي إلى الانقسام»، و»خطر المعلومات المضللة المتدفقة من وسائل التواصل الاجتماعي» وغيرها من النقاط المهمة».
وقال الغانم «برغم انتماء موضوع الديمقراطية إلى ساحة النقاش السياسي ظاهرا، إلا أن الأمر في جوهره يحتاج إلى تأصيل ثقافي وفكري؛ إذ إننا ونحن نتحدث عن تحديات الديمقراطية، لا نتحدث عن منظومة الإجراءات والقواعد التنظيمية المتعلقة بالنظام الديمقراطي، بقدر ما نتحدث عن مآلات الممارسة ومعوقاتها وآثارها المجتمعية والاقتصادية والثقافية، أي بعبارة أخرى، نحن نناقش جوهر النظام الديمقراطي وفلسفته، لا شكله وترتيباته».
وأكد أن «علينا جميعا واجب التحلي بالجرأة ونحن نتعاطى مع هذا الملف المهم، بعيدا عن حساسية الشعار، وخاصة عندما يتحول نقد النظام الديمقراطي نقدا موضوعيا في حال اختلاله، إلى اتهام بالمسّ بما هو مقدّس».
وأوضح «أن تأليه أي نظام، وإن كان نظاماً يحمل شكلا ديمقراطيا، هو أول معوقات تجديد الديمقراطية، ومعالجة اختلالاتها في حال وجودها علينا ألا نخاف، ونحن نشير إلى ممارسة ما خاطئة ؛ إذ إن الديمقراطية في أصلها هي وسيلة لا غاية، وهي ممارسة وليست شعارا أو رمزا، ولا يجوز أن نتحول مع مرور الزمن إلى عبدة لوثن سياسي، أو صنم قانوني، وإن كان يحمل اسما ديمقراطيا».
وذكر ان الديمقراطية هي نظام، اتفق العالم على أنه أفضل من كل بدائله، التي جربتها الإنسانية على مدار الزمن، لكنه ليس النظام المقدس الذي يُمنع فيه تصحيحه وتصويبه متى ما كانت الممارسة مختلة ومعتلة.
وتساءل الغانم قائلا : «ماذا لو كان الاصطفاف السياسي والاستقطابات الحزبية موغلة في الحدة والتصارع غير المسؤول، إلى حد ينتج عنها، وبشكل ظاهر، تصدعاً مجتمعياً يومياً وبشكل فاضح وصارخ؟ هل نحتاج الى أمثلة من واقع العالم الغربي الديمقراطي في فترة ما بين الحربين، وما هي المآلات المدمرة التي أسفرت عنها؟».
أضاف : «ماذا لو أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي وبحجة حرية الرأي، ساحة تصارع استخباراتي وارتزاقي وإجرامي منظم، تحفل بالإشاعات والمعلومات المضللة، والمفضية إلى إذكاء كل النزعات البدائية المتوحشة من عنصرية وطائفية ومذهبية وغيرها من تلك النزعات المدمرة ؟».
وذكر الغانم «ماذا عن تغول الأكثرية في النظام الديمقراطي على حقوق الآخر المختلف؟ هل أتحدث عن الكيان الصهيوني هنا كنموذج؟ أوعن جنوب أفريقيا سابقاً؟ أو عن عشرات الأمثلة؟».
واستطرد الغانم قائلا «ماذا عن الممارسة اليومية التي تحدث في كثير من بلدان العالم في ظل أنظمة ديمقراطية، والتي تتعلق بسوء استخدام الرخص الدستورية في خلق صراعات ثانوية وشخصية وحزبية وما يسفر عنها من تعطيل للتنمية ووقف عجلة التقدم؟».
أضاف أن «عشرات من الأسئلة، حريّ بنا، أن نتعاطى معها، ليس لتقويض النظام الديمقراطي كما يشيع تجار الشعار، بل لحماية هذا النظام الذي لم يجد الإنسان حتى وقتنا الراهن بديلا مقنعا عنه؟ ولضمان عدم الوصول إلى حالة نكوص عن النظام الديمقراطي».
واعتبر أن فتح مناقشة عامة حول موضوع تحديات الديمقراطية خطوة مهمة، داعيا رئاسة الدورة ورئاسة الاتحاد والأمانة العامة، إلى استمرار فتح هذا الملف، وجعله مادة نقاش وعصف ذهني دائمة، طوال فترة هذه الدورة، من خلال ورش عمل ومحاضرات وسيمينارات، تغطي كافة مناطق المجموعات الجيوسياسية في الاتحاد البرلماني الدولي.
وأعلن الغانم عن استعداد البرلمان الكويتي لاستضافة أي حلقة نقاشية حول ملف تحديات الديمقراطية برعاية الاتحاد، وبمشاركة المختصين من كافة الحقول، مفكرين، رجال سياسة، رؤساء أحزاب، أكاديميين في العلوم السياسية وعلم الاجتماع السياسي وعلم النفس الاجتماعي، خبراء اقتصاديين وعاملين في حقل التنمية، من أجل تأصيل حوار فكري وثقافي حر وشفاف، يتعاطى مع كل الاختلالات البنيوية المتعلقة بالنظام الديمقراطي وكيفية تصويبه وضمان حيويته وفعاليته المنشودة.
من جهة أخرى أوضح رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، في تصريح صحفي، عقب اجتماع المجموعة الجيوسياسية الإسلامية ،على هامش أعمال مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي، أن البرلمان الكويتي يدفع باتجاه تحقيق التوافق بشأن البنود الطارئة، المقدمة من مختلف البرلمانات والمتعلقة بقضايا المسلمين والعرب في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي، مؤكدا فاعلية مجلس الأمة في المجموعات الجيوسياسية العربية والإسلامية والآسيوية.
أضاف ان اجتماع المجموعة العربية تتطرق ايضا الى البنود الطارئة، فيما تمت مناقشة البند المقدم من اندونيسيا والمتعلق بالوضع الإنساني للشعب الفلسطيني، مبينا أنه تم التوافق بين جميع أعضاء المجموعة على دعم ذلك البند.
وأشار الى البند الطارئ المقدم من البرلمان التركي والخاص بمكافحة الإرهاب والإساءة إلى الشريعة الإسلامية في وسائل التواصل الاجتماعي، مبينا ان هذا البند في غاية الأهمية من حيث المحتوى فيما لفت إلى انه لا يمكن نجاح أكثر من بند في مؤتمر واحد.
واستطرد الغانم : «اقترحنا دمج البندين أو أن يتم تأجيل أحد البندين إلى الاجتماع القادم في بالي في إندونيسيا».
وقد انطلقت في العاصمة الإسبانية مدريد أمس الأول الجمعة أعمال مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي الـ 143، بمشاركة رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم والوفد المرافق وبرلمانيين من جميع أنحاء العالم.
وألقى العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس كلمة الافتتاح، مؤكدا أن انعقاد هذا المؤتمر على الرغم من عدم انتهاء جائحة فيروس «كورونا المستجد - كوفيد 19»، ومع اتخاذ الإجراءات الصحية الضرورية هو خطوة «في غاية الأهمية» لاستعادة الحياة الاجتماعية والاقتصادية في مختلف البلدان وكذلك العلاقات المؤسسية والتعاون بين الدول.
واعتبر أن البرلمانات «مؤسسات مركزية للديمقراطية تمثل المواطنين والأمم لكن وظيفتها تمتد إلى أكثر من ذلك لتكون مراكز لصنع القرار وبناء الاتفاقات وتحقيق التوافق السياسي»، مشيرا إلى أن تلك المهام قد تمر بظروف صعبة في بعض الأحيان، وعليه فإن يرى أنه من المناسب أن تكون التهديدات للبرلمانيين إحدى القضايا المطروحة في المؤتمر.
ويناقش المؤتمر بشكل أساسي قضية «التحديات المعاصرة التي تواجه الديمقراطية : التغلب على الانقسامات وبناء المجتمع»، في ضوء تراجع ثقة الجمهور في الأنظمة السياسية وتزايد التطرف وانتشار المعلومات المضللة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.