
تونس – «وكالات» : خرجت أمس الأحد مظاهرة في العاصمة التونسية بدعوة من حملة «مواطنون ضد الانقلاب»، رفضا لقرارات الرئيس قيس سعيّد وللمطالبة بالعودة إلى المسار الديمقراطي، وتوجه المتظاهرون إلى مقر البرلمان المعلقة أعماله ملوحين ببدء اعتصام في محيطه، وسط انتشار أمني كثيف.
من جانبه اتهم الرئيس التونسي قيس سعيد أمس أيضا، جهات لم يسمها بمحاولة زرع الفتنة، مشددا على أنه سيتم التصدي لكل محاولات ضرب بلاده من الداخل.
وشهدت ساحة باردو في محيط البرلمان المغلق منذ تاريخ الإجراءات الاستثنائية - التي أعلنها سعيد في 25 يوليو الماضي- حالة من التدافع بين قوات الأمن والمتظاهرين الراغبين في التقدم لمحيط البرلمان.
وقال المحتجون إن تونس باتت في عزلة دولية بعد هذا التاريخ. كما طالبوا بإنهاء ما وصفوه بحالة الاستثناء والغموض والعودة إلى مسار الشرعية الدستورية.
وقد أعلن جوهر بن مبارك -عضو «حملة مواطنون ضد الانقلاب»- بدء اعتصام مفتوح في محيط البرلمان.
من جهتها، قالت سميرة الشواشي - القيادية في حزب «قلب تونس» ونائبة رئيس مجلس نواب الشعب- في تصريحات لإذاعة «موزاييك» إن المحتجين سيدخلون باعتصام مفتوح في شارع «20 مارس» بباردو قرب مقر البرلمان إلى غاية رفع الحواجز الأمنية والوصول إلى ساحته.
وأكد نشطاء من حملة «مواطنون ضد الانقلاب» أن التحرك سلمي واستنكروا الوجود الأمني الكثيف.
في المقابل، قالت وزارة الداخلية إن وحداتها الأمنية تمكنت من ضبط عدد من الأشخاص وسط المتظاهرين، يحملون أسلحة بيضاء مختلفة الأحجام والأشكال.
وكانت مبادرة «مواطنون ضد الانقلاب» قد دعت إلى تنظيم مسيرات احتجاجية في العاصمة، من أجل إنهاء «حالة الاستثناء الاعتباطية» ودفاعا عن «الشرعيّة الدستورية والبرلمانية».
واتهمت مبادرة «مواطنون ضد الانقلاب» السلطات بتعطيل وصول مواطنين إلى العاصمة للمشاركة في احتجاجات مناهضة للرئيس، دعت إليها أمس الأحد.
وقال جوهر بن مبارك - خلال مؤتمر صحفي في العاصمة تونس- إن السلطات تقوم بالتضييق على وكالات السفر ووسائل النقل، حتى تمنع المواطنين والمواطنات من القدوم إلى العاصمة للمشاركة في الاحتجاجات.
وحمّل السلطة مسؤولية تعطيل كل من يريد الوصول إلى العاصمة تونس للمشاركة في الاحتجاجات، وقال إنها «تنتهج أساليب القمع ضد المظاهرات والتضييق على حرية التعبير».
وقال سمير الشفي الأمين العام المساعد للاتحاد - في تصريحات صحفية - إن التنكر للوضع الاجتماعي بذريعة صعوبة الوضع الاقتصادي مقاربة فاشلة، ولا يمكن أن تؤدي إلا إلى المزيد من الأزمات والانفجارات الاجتماعية.
وتتصاعد في تونس أزمات سياسية واقتصادية منذ 25 يوليو الماضي، حين بدأ الرئيس قيس سعيّد اتخاذ إجراءات استثنائية؛ منها تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وترؤسه للنيابة العامة، وإقالة رئيس الحكومة، وتشكيل أخرى جديدة عَيّن رئيستها.
ولفت إلى أن الاتحاد كان من القوى التي اعتبرت أن قرارات الرئيس كانت «نتيجة طبيعية لفشل عشرية كاملة، وتنكرها لاستحقاقات الثورة وتطلعات الشعب في بناء الدولة الديمقراطية الاجتماعية العادلة ومحاربة الفساد وتأمين الشغل لمُستحقيه».
وشدد الشفي على ضرورة وجود مقاربة تشاركية لإعادة بناء الوطن والخيارات والتوجهات، مؤكدا أن اتحاد الشغل يتطلع إلى حوار وطني حقيقي تشارك فيه كل القوى المؤمنة بالتغيير.
من جهته، وصف أحمد بلغيث - رئيس ائتلاف الكرامة - تطبيق الرئيس سعيّد للفصل 80 من الدستور بأنه كان انقلابا على الدستور والشرعية البرلمانية.
واعتبر بلغيث أن إجراء رفع الحصانة عن نواب البرلمان لم يكن الهدف منه متابعة ما وصفها بقضايا النواب الفاسدين، وإنما ملاحقة نواب بعينهم بملفات سياسية بامتياز، بحسب تعبيره.
في سياق متصل، تظاهر عشرات التونسيين في العاصمة الفرنسية باريس ضد ما وصفوه بالانقلاب والإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس سعيّد.
ورفع المتظاهرون شعارات رافضة للانقلاب على الدستور، كما نددوا بتجميد البرلمان ودعوا إلى الفصل بين السلطات في البلاد، واعتبروا أن تجميع كل السلطات بيد الرئيس أمر غير دستوري، على حد تعبيرهم.
كما دعا المتظاهرون إلى العودة الفورية للمسار الدستوري والديمقراطي وإعادة عمل البرلمان.
وترفض غالبية القوى السياسية في تونس قرارات سعيد الاستثنائية، وتعتبرها «انقلابا على الدستور»، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها «تصحيحا لمسار ثورة 2011» التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي.