
أكد تقرير «الشال» الاقتصادي الأسبوعي، أن المؤشر الأول والأهم للحكم على ما سيتحقق في المستقبل، يبدأ من قراءة نهج التشكيل الحكومي القادم، لافتا إلى أنه إذا استمر نهج المحاصصة حتى وإن تغير الأشخاص بنسبة 100 في المئة، سوف تعود الأوضاع إلى أسوأ مما كانت عليه، فالأصل في نهج المحاصصة، وفي أعلى سلطات البلد نفوذاً، أي مجلس الوزراء، هو أن يعين المسؤول وفقاً لجيناته أو انتمائه إلى عصبيته الصغيرة وليس وطنه، ومن يأتِ بهذا الأسلوب سوف ينتهج نهجا مماثلا في تعيينات من يليه درجة، وتركيزه على خدمة انتمائه الصغير صاحب الفضل في بلوغه منصبه، والخلاصة هي غياب القدرة والكفاءة واستمرار شراء الولاءات والتغاضي عن فساد الموالين، والتكلفة مقدرات البلد ومستقبله وتمزيقه فئوياً وطبقياً وطائفياً.
وأوضح التقرير أن حوار السلطتين انتهى ، وأفرز نتائج، اتفق معها البعض وخالفها البعض الآخر، ذلك أمر متوقع وفي تقديرنا نتاج صحي، ويظل الحوار ونتاجه من وجهة نظرنا مجرد مرحلة أولى لا يمكن اصدار حكم نهائي حول نتاجه ما لم يكتمل ويكتسب صفة الحوار الوطني. قد تسهم نتائج الحوار في وقف مرحلة من الشلل التام، ولكنها لن تعنى أكثر من بلوغ مرحلة «سيب وأنا أسيب»، وقد لا تطول ما لم تبدأ مرحلة «ثم ماذا بعد لإنقاذ الوطن».
أضاف أنه لو جاءت تركيبة مجلس الوزراء القادم بما يحفظ كفاءته وهيبته، فلن يعني مكوناته كثيراً الاستمرار في مناصبهم، وستتحول أهدافه الى أهداف وطن.
وشدد على أن أولى أولويات الوطن في بعدها الاقتصادي، هي أزمة سيولته، ثم أزمة اقتصاده العاجز عن خلق فرص عمل لشباب قادمين الى سوقه ومستقبلهم في ذمة من يتخذ قرارته حالياً. فالإدارة الواعية، تعرف خطورة المراهنة على استمرار أسعار النفط عند مستواها المرتفع الحالي، وتعرف أن ما تحقق من إيرادات قياسية لاحتياطي الأجيال القادمة للسنة المالية الفائتة حدث استثنائي، وقد يحدث عكسه تماماً عند البدء برفع أسعار الفائدة على مستوى العالم، بينما بدأت المطالبات بالسحب منه أسوة بالاحتياطي العام، ولم تدخر تلك المطالبات صناديق التأمينات الاجتماعية رغم استمرار عجزها الاكتواري الضخم.
وأشار التقرير إلى أنه من أجل المقاربة، وفي آخر تقرير لوكالة «موديز» حول السعودية، غيرت النظرة المستقبلية لها من سلبية الى مستقرة بسبب تقدير الوكالة بأن لدى السعودية مشروعا حقيقيا للاستدامة المالية والاستدامة الاقتصادية. ولكنها أبقت تصنيفها عند A1، ومبرراتها كانت في أن اعتمادها على النفط لا يزال كبيراً، وأن توقعاتها لأسعار النفط على المدى المتوسط سوف تراوح ما بين 50 – 70 دولارا للبرميل، أي أدنى من مستواها الحالي بما يتراوح ما بين 15 – 35 دولار أمريكي للبرميل.
أضاف : وإذا استثنينا حجم الاحتياطي المالي نسبة إلى حجم الاقتصاد في الكويت، وهي نسبة أعلى، فإن كل مؤشرات الاقتصاد السعودي تؤكد جدية وجدوى مشروعهم التنموي، فالدين العام سينخفض من نحو 32.5 في المئة من حجم الاقتصاد في العام الجاري إلى 25 في المئة في عام 2025، بينما مشروع قانون الدين العام في الكويت يضع سقفاً بحدود الـ 60 في المئة من حجم اقتصادها. وعجز الموازنة سينخفض في السعودية للعام الجاري إلى 2.5 في المئة من حجم اقتصادها، والواقع أنها حققت فائضاً في الربع الثالث، وتمويل ميزانيتها من غير الإيرادات النفطية يقترب من النصف، بينما هو في حدود 90 في المئة في الكويت، ولديها مشروع لإعادة بناء احتياطياتها المالية وليس السحب منها. ومساهمة النفط في ناتجها المحلي الإجمالي نحو 30 في المئة من تكوينه، أو أكثر قليلاً من نصف مساهمته في الاقتصاد الكويتي، أي اقتصادها أكثر تنوعاً، كل ذلك ولا تزال تحت المراقبة حتى تحسن تصنيفها. وآخر الإحصاءات الرسمية المتوفرة تذكر تحقيق اقتصادها في الربع الثالث من العام الجاري نمواً أعلى من المتوقع، أو بحدود 6.8 في المئة عن مستوى نهاية الربع الثالث من عام 2020، وهو أعلى معدل نمو منذ عام 2012 عندما كان معدل أسعار النفط 122 دولاراً أمريكياً للبرميل.
وقال «الشال» : في تقديرنا أنه لن يكون هناك حوار ومن ثم انجاز وطني، ما لم تكن الأولوية لاستدامة الوطن، وليس استدامة ادارته، ولن يضمن الوطن استدامة، ما لم تكن أولويات ادارته هي استدامة ماليته العامة واستدامة اقتصاده، وأول وأهم المؤشرات على طريق مسار البلد في أي من الاتجاهين في المستقبل، سوف يكون قراءة تشكيلة حكومته القادمة.