
كابول – «وكالات» : فيما واصلت حركة «طالبان» أمس السبت، الزحف نحو العاصمة الأفغانية كابول، مع سقوط الولايات واحدة تلو الأخرى، وبعضها دون قتال، حيث باتت الحركة تسيطر على 14 من عواصم الأقاليم الأفغانية البالغ عددها 34 منذ السادس من أغسطس، أكد الرئيس الأفغاني أشرف غني، أن بلاده ستحتفل قريبا بهزيمة حركة طالبان بحسب ما نقلت عنه وسائل الإعلام الأفغانية.
وفي خطاب إلى الأمة، قال غني : إن «مشاورات» داخل الحكومة ومع الشركاء الدوليين، بدأت لإيجاد حل سياسي سريع يضمن «السلام والاستقرار» في أفغانستان، داعياً في الوقت نفسه إلى إعادة تعبئة القوات المسلحة، قائلا إن إعادة تعبئة قوات الجيش أولوية قصوى.
أضاف غني : «بدأت المشاورات» وهي «تتقدم بسرعة» لوقف الحرب داخل الحكومة مع المسؤولين السياسيين والشركاء الدوليين لإيجاد «حل سياسي يضمن توفير السلام والاستقرار للشعب الأفغاني»، لافتا إلى أن «إعادة تعبئة قواتنا الأمنية والدفاعية هي أولويتنا الأولى».
وحققت حركة طالبان، أمس السبت، إنجازات ميدانية جديدة في زحفها الرامي إلى إحكام قبضتها على عموم أفغانستان، وباتت على بعد كيلومترات معدودة عن العاصمة.
وأعلنت طالبان أنها بدأت القتال لدخول مدينة مزار شريف عاصمة ولاية بلخ، في حين أفادت مصادر للقوات الحكومية الأفغانية بمقتل 19 من عناصر طالبان، وإصابة 6 آخرين في عمليات تطهير نفذتها قوات الأمن الأفغانية في منطقة شولجارا بإقليم بلخ.
وأمرت سفارة الولايات المتحدة في كابل موظفيها بإتلاف الوثائق الحساسة والرموز الأميركية التي يمكن أن تستخدمها طالبان لأغراض دعائية، مع اقتراب متمردي الحركة من العاصمة الأفغانية. وتزامنا، بدأت طلائع القوات الأميركية الوصول إلى مطار العاصمة كابل.
وكان السيناتور ميتش ماكونيل، زعيم الأقلية الجمهورية بمجلس الشيوخ، قال الجمعة، إن الوقت لم يفت لمنع طالبان من السيطرة على كابل، وحث إدارة الرئيس جو بايدن على وقف تقدم طالبان باستخدام الضربات الجوية وتقديم الدعم للقوات الأفغانية التي تدافع عن العاصمة الأفغانية.
وقال ماكونيل إنه أصدر هذا البيان بعد أن تحدث مع السفيرة الأفغانية لدى واشنطن عديلة راز.
وأثارت سرعة الهجوم الذي تشنه طالبان، انتقادات لقرار الرئيس بايدن بسحب القوات الأميركية.
في سياق متصل وصلت الدفعات الأولى من القوات الأمريكية، المسؤولة عن إجلاء البعثات الدبلوماسية وغيرها من طواقم العمل الأجنبية من أفغانستان، إلى مطار كابول بينما تسابق دول أخرى الزمن من أجل إجلاء عمالها ومواطنيها من البلاد وسط تقدم سريع تحرزه حركة طالبان في الصراع مع القوات الحكومية.
وسيطرت قوات طالبان الجمعة الماضية على بول علم، عاصمة ولاية لوغهار التي تبعد 80 كم فقط عن عاصمة البلاد
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن الأمور بدأت تخرج عن السيطرة، وأصبحت تخلف عواقب وخيمة يتحملها المدنيون.
واضطر أكثر من 250000 شخص إلى النزوح من منازلهم بسبب الصراع بين طالبان والجيش الأفغاني حتى الآن.
ويأتي تقدم طالبان نحو العاصمة تزامنا مع انسحاب القوات الأمريكية بعد عشرين عاما من العمليات العسكرية التي قام بها الجيش الأمريكي هناك. وأدى القتال بين الجانبين إلى تصاعد مخاوف حيال إمكانية أن يتبدد التقدم الذي أُحرز على صعيد حقوق الإنسان في أفغانستان منذ طرد حركة طالبان.
وكانت الحياة تحت حكم طالبان في التسعينيات من القرن العشرين تتضمن إجبار النساء على ارتداء النقاب، وفرض قيود على تعليم الفتيات الأكبر من عشر سنوات، علاوة على تطبيق عقوبات وحشية، من بينها الإعدام في أماكن عامة.
وسيطرت طالبان أيضا على قندهار، ثاني أكبر مدينة في أفغانستان، الجمعة الماضية أيضا واجتاحت مدينة لاشكار غاه المجاورة لها علاوة على مدينة هيرات في الغرب. وبذاك تكون الحركة قد فرضت سيطرتها على حوالي ثلث عواصم الولايات في البلاد.
ووصف جون كيربي، المتحدث باسم البنتاغون، تقدم طالبان بأنه «مثير لقلق بالغ»، لكنه قلل من شأن ما يتردد عن تهديد وشيك تواجهه كابول من الجماعة.
ويصل أغلب القوات الموفدة لإجلاء البعثة الدبلوماسية الأمريكية من أفغانستان، البالغ عددها 3000 جندي، إلى كابول بنهاية الأسبوع الجاري. وتعتزم الولايات المتحدة حمل الآلاف يوميا جوا إلى خارج كابول.
ويرجح التقييم المخابراتي الأحدث للموقف أن مقاتلي طالبان قد يصلون إلى العاصمة كابول خلال 30 يوما.
وأبلغت السفارة الأمريكية في كابول موظفيها بإمكانية توفير محرقة وأدوات أخرى لإتلاف المواد الحساسة، بما في ذلك الوثائق والمعدات مثل الأعلام التي يمكن استخدامها في الدعاية.
وقالت المملكة المتحدة - التي أرسلت 600 من قواتها لإجلاء مواطنيها وموظفيها الأفغانيين السابقين - إنها سوف تقلل تمثيلها الدبلوماسي في أفغانستان إلى الحد الأدنى، وهو ما أكدته ألمانيا أيضا.
كما أغلقت الدنمارك والنرويج سفارتيهما في كابول.
وطالب أنطونيو غوتيريش طالبان بإنهاء القتال، كما حث المجتمع الدولي على التأكيد على أن الاستيلاء على السلطة بالقوة العسكرية غير مقبول.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة: «كل يوم يروح ضحية الصراع الكثير من القتلى بينهم نساء وأطفال. ومعنى استمرار الصراع الأهلي استمرار المزيد من المذابح التي يروح ضحيتها المدنيون الذين يدفعون أعلى ثمن لها».
وحذر من أن إمدادات الغذاء والدواء تتضاءل بينما دُمرت البُنى التحتية الأساسية مثل المدارس وعيادات الرعاية الصحية بسبب الصراع. وناشدت الأمم المتحدة دول الجوار المحيطة بأفغانستان أن تفتح حدودها وتسمح للناس بالوصول إلى مناطق آمنة.
وقتل حوالي ألف شخص بسبب الصراع في أفغانستان في الشهر الأخير فقط، وفقا لتقارير الأمم المتحدة.
ونصبت المخيمات في الغابات المحيطة بضواحي العاصمة كابول بينما ينام من يسعون إلى الأمان في شوارع العاصمة على مدار الأيام القليلة الماضية.
وبلغ عدد الأطفال بين من شردهم هذا الصراع وفروا إلى العاصمة كابول 72000 طفلا، وفقا لإحصائيات مؤسسة سايف ذي تشيلدرن.