حذر تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي والصادر أمس مما يمكن أن يترتب على تأخير العودة إلى الحياة الطبيعية، في أعقاب جائحة «كورونا»، من تداعيات غير محتملة على المؤسسات والشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، «بما يرفع التكاليف إلى ما هو فوق قدرة أوضاع الدولة المالية والاقتصادية المنهكة، على الاحتمال».
وأوضح التقرير أن «ما يثير القلق، هو ذلك الشعور حول غياب فعل الإدارة العامة، واعتمادها رد الفعل فقط تبعاً لإحصاءات يومية كما يحدث حالياً، ومن دون أي إسقاط على المستقبل، أو غياب فريق استراتيجية مشترك يوازن بين المخاطر المختلفة، ويكثف التركيز على مضاعفة جهود التطعيم. وأشار إلى أن معظم الدول التي باتت تعاني وبشدة من تداعيات الجائحة والتداعيات المالية والاقتصادية، والأخيرة قد تمتد إلى المدى الطويل، هي دول فشلت إدارتها العامة في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، ونأمل ألاّ تكون الكويت إحداها.
من جهة أخرى استشهد تقرير الشال بالتقرير الذي أصدره بنك الكويت المركزي السنوي الاقتصادي صدر الأسبوع قبل الفائت، والذي يغطي عام الجائحة، أي عام 2020، مشيرا إلى أن بنك الكويت المركزي بحكم قانونه يعمل مستشاراً مالياً للحكومة، لذلك من واجبه كتابة تشخيصه للأوضاع الاقتصادية العامة، ويفترض أن يكون التشخيص والنصح داخل الغرف المغلقة، نصحا أشمل وربما أكثر قسوة.
وقال إنه في تقديره لأداء الاقتصاد الكلي، يذكر البنك المركزي استمرار أحادية الاقتصاد بهيمنة قطاع النفط على مكونات الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، الذي شكل نحو 52.9% من حجمه رغم انكماش مساهمة قطاع النفط بنحو 9.5%، أو من نحو 20.8 مليار دينار في عام 2019، إلى نحو 18.8 مليار دينار في عام 2020. يضيف لها نحو 0.3% مساهمة أنشطة الخدمات المتصلة بالنفط والغاز لترتفع هيمنة ذلك القطاع إلى نحو 53.3% من حجم الناتج المحلي الإجمالي. وفي خلاصة، فقدت مساهمة قطاع النفط والغاز والأنشطة المرتبطة بهما نحو 9.4% في عام 2020 مقارنة بعام 2019، ولأن معامل الارتباط مرتفع ما بين ذلك القطاع، وكل الأنشطة غير النفطية، انكمشت تلك الأنشطة بنسبة أعلى أو بنحو 10.5%، لتنتهي تقديرات بنك الكويت المركزي بانكماش حقيقي للاقتصاد في الكويت بنحو 9.9%، أي أعلى من تقديرات الإدارة المركزية للإحصاء -8.9%- وأعلى من تقديرات صندوق النقد الدولي البالغة 8.1%. ما يحاول بنك الكويت المركزي أن يذكره في تقريره هو أن أحادية الاقتصاد بهيمنة قطاع النفط ربما تتعمق خلافاً لأهداف كل الخطط التنموية التي تتبنى هدف رئيسي وهو تنويع مصادر الدخل.
ويقدر التقرير بأن الخلل المالي أو خلل الميزانية العامة أعمق، فهي تعتمد اعتماد شبه كامل في تمويلها على إيرادات النفط، ويذكر التقرير أنه بعد فائض قياسي حققته الموازنة بلغ نحو 10 مليار دينار للسنة المالية 2011/2012، بلغ العجز التراكمي للسنوات المالية 2014/2015 إلى 2019/2020 نحو 24.6 مليار دينار. وذلك في تقديرنا يفسر نفاذ سيولة الاحتياطي العام، وبسببه أوقف تحويل 10% من الإيرادات العامة لإحتياطي الأجيال القادمة وتم سحب ما اقتطع في آخر سنتين ماليتين لمواجهة أزمة السيولة. ويذكر التقرير بأن صندوق النقد الدولي يقدر عجزاً تراكمياً للسنوات الست القادمة بنحو 138 مليار دولار أمريكي، أي نحو 46 مليار دينار ، والفائض أوالعجز سببه تبعية المالية العامة المفرطة للمتغيرات في سوق النفط، وهو أمر لا تملك الكويت قدرة في التأثير عليه.
واختتم الشال بالقول : يلخص بنك الكويت المركزي ما تقدم في الاختلالات الهيكلية الثلاثة، الأول خلل انتاجي وهيمنة حكومية باهظة التكلفة ضعيفة الإنتاجية على الاقتصاد، والثاني خلل المالية العامة، والثالث إختلال سوق العمل وهو في تقديرنا الأزمة الخطرة القادمة. ويحذر التقرير من الإمعان في إدمان الاعتماد على النفط في زمن بات فيه الاعتقاد بأن عصر النفط في أواخر عقوده وهو تحذير كررناه كثيراً، والكويت وفقاً لتقرير «موديز» للأسبوع الفائت الأكثر تبعية للنفط ضمن دول مجلس التعاون الخليجي، كما يستعرض مؤشرات أخرى مثل فائض الحساب الجاري وإن انخفض قليلا والتطور في مستوى التضخم وأرقام السكان والعمالة. وكل ذلك يقع ضمن اختصاصه، فهو من جانب مستشار للحكومة كما ذكرنا، وهو من جانب آخر يفقد الكثير من فعالية سياساته النقدية كلما ساءت الأحوال الاقتصادية والمالية، وتقريره ليس سوى قسط من وظيفته، وتحليله كان موفقاً.