
لم يتوقع أكثر المتشائمين أن تتطور الأمور في جلسة مجلس الأمة أمس، إلى هذا الحد الذي شهدته قاعة عبد الله السالم، وتحولت معه إلى ما يشبه ساحات المصارعة في الإمبراطورية الرومانية، حيث توارت لغة العقل والحكمة وغطت عليها لغة العُقَل.
فقد دخل بعض النواب في مشادات ساخنة مع زملاء آخرين لهم، تطورت في جانب منها إلى اشتباكات بالأيدي والعُقَل، والضرب بالأيدي والتلاسن الخشن،ولولا تدخل طرف ثالث «محايد»، إضافة إلى الدزور المهم الذي لعبه حرس المجلس في تأمين الجلسة، لانتهى الأمر بمأساة حقيقية أمس .
وعقب الجلسة تواصلت احتجاجات أعضاء «الـ 31»، حيث اعتبر النائب مبارك الحجرف أن الحكومة أسقطت خلال جلسة أمس الثلاثاء، العرف البرلماني في تحديد مقاعد الوزراء، ولا يجوز الاعتداد به مستقبلاً، مضيفاً أنه «من خواص القواعد الدستورية الديمومة والاستمرار».
وقال الحجرف : « الحكومة أثبتت للشعب من المسؤول عن تعطيل الجلسات بحجج واهية لمدة شهرين، وإنه عندما تعلق الأمر بأموال وميزانية ضحت وقامت بالتصويت من خارج القاعة».
أضاف أن «الحكومة التي تقبل على نفسها أن تقر الميزانية بهذه الطريقة هي حكومة لا تستحق البقاء ولا أن تدير الدولة»، مضيفا إن « ما حدث من تصويت الوزراء عند باب قاعة عبدالله السالم طريقة «ساذجة» في إقرار الميزانيات».
وأوضح أن الحكومة التي أرسلت مشروعها اليوم هي الحكومة نفسها برئيسها التي تباكت في المجلس الماضي وأرسلت الكتب إلى وزارات الدولة لتخفيض الرواتب وتقليل الابتعاث وإلغاء العلاوات والبدلات.
واعتبر أن « تلك الحكومة هي نفسها تقول اليوم إذا لم تقر الميزانية فإن النواب هم المسؤولون عن تعطيل الرواتب والعلاوات»، مشيرا إلى أنه «ليس هناك ما يضمن حماية الميزانية من العبث بالمال العام».
وقال الحجرف «إن دخول الحرس إلى بهو قاعة عبد الله السالم هو أمر غير معتاد، حيث جلس الرئيس في موقعه وجعل الحرس يطوقونه ولم يترك النواب يعترضون ودخل الحرس إلى قاعة عبدالله السالم»، معتبرا ذلك انتهاكا صريحا للدستور واللائحة.
من جهته أعرب النائب د. حمد روح الدين عن رفضه ما تم من إقرار الميزانيات في جلسة أمس، متسائلا : كيف نضع أكبر ميزانية في تاريخ الكويت بتصرف مسؤول لا يمكن محاسبته؟
وقال النائب روح الدين : إن ما قام به مكتب مجلس الأمة بالدعوة إلى جلسة خاصة في اليوم نفسه المقرر لعقد الجلسة العادية، بناء على طلب مقدم من مجموعة من النواب أمر غير لائحي ولا يمكن القبول به.
أضاف أن ما تم توضيحه خلال مداخلات جلسة أمس، يشير إلى عدم شرعية وعدم قانونية عقدها، ولإدراك هذا الخطأ تم تقديم طلب من عدد من النواب بتعديل وضع الجلسة وهذا أمر غير لائحي.
وتساءل : كيف تصحح وضع الجلسة في يوم الجلسة نفسه؟ مضيفاً أن هذا يفترض أن يكون على الأقل في وقت سابق.
بدور اعتبر النائب فارس العتيبي أن الحكومة الحالية لا تريد خيرا بالكويت، وتسعى إلى وأد ما تبقى من الحرية والديمقراطية في البلاد.
وأعرب العتيبي عن استغرابه من الطريقة التي تعاملت بها الحكومة مع الجلسة وتصويتها من باب قاعة عبد الله السالم.
وقال إن « الحكومة التي كانت تتباكى في الأشهر الماضية من جلوس النواب في مقاعدها تجلس اليوم مع النواب في المقاعد الأمامية لتمرر الميزانية»، مضيفا أن «رحيل رئيس الحكومة أصبح واجبا وطنيا على كل نائب».
أضاف : « نقول لهم الكويت عصية عليكم والحريات ستبقى في الكويت غصبا عن الحكومة ورئيسها».
وأكد العتيبي أن «الشعب الكويتي يراقب وسيحاسب نوابه وأنه بات واضحا للشعب الكويتي ضرب الدستور من الرئيسين والتحالف السيئ لمصالحهما».
وقال : «نحن كنواب سنؤدي دورنا ومهامنا وواجبنا الوطني شاء من شاء وأبى من أبى ولن نخاف من أحد وسنتحدث بما يمليه عليه ضميرنا ولن نتراجع».
في المقابل أكد النائب أحمد الحمد، أنه لا احد يقبل ما يحصل في المشهد السياسي حاليا، مضيفا : نحن اضطررنا بسببه لطلب هذه الجلسة الخاصة.
وقال الحمد : نحترم خيار الشعب، وشدد على أن تعطيل الميزانية ينعكس سلبا على المواطنين.
أضاف : أتمنى تغيير ما يحصل في المجلس من اخطاء، متسائلا : من قال إن الحكومة لا يوجد بها فساد؟ أنا وقفت ضد قانون الدين العام ولنعمل من أجل الكويت.
بدوره قال النائب عبد الله الطريجي إن الناس لم ينتخبونا لـ «نتهاوش» على الكراسي، وأتشرف أنني قدمت طلب عقد جلسة الميزانيات، رعاية لمصالح أبناء الكويت.
ولفت النائب سعدون حماد إلى أن عدم إقرار الميزانية سيوقف التعيينات والمشاريع ، ويعطل الترقيات والعلاوات والبدلات، ويشكل أزمة للمتقاعدين والطلبة وستتوقف مشاريع المطلاع وجنوب صباح الأحمد.