
جددت الكويت التأكيد على موقفها المبدئي والثابت في دعم خيارات الشعب الفلسطيني ، لنيل حقوقه المشروعة، وأهمية مواصلة بذل الجهود من أجل إعادة إطلاق المفاوضات ، ضمن جدول زمني محدد للوصول إلى السلام العادل والشامل ، وفق مرجعيات العملية السلمية وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية ، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ، على حدود ما قبل الرابع من يونيو 1967.
وشدد ممثل سمو أمير البلاد، سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد ، في كلمة الكويت أمام الدورة الـ75 للجمعية العامة للأمم المتحدة، على أن القضية الفلسطينية مازالت تحظى بمكانة مركزية تاريخية ومحورية ، في عالمينا العربي والإسلامي.
وجدد دعوة الكويت إيران إلى التعاون مع المجتمع الدولي لنزع فتيل التوتر والتصعيد في المنطقة، واتخاذ تدابير جادة لبناء الثقة ، للبدء في حوار مبني على احترام سيادة الدول ، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وتخفيف حدة التوتر في الخليج ، بما يسهم في إرساء علاقات قائمة على التعاون والاحترام المتبادل وبما يعكس التطلعات المستقبلية لجميع دول المنطقة في حياة يسودها الأمن والاستقرار والرخاء والتنمية لشعوبها.
وقال سموه : إن أعمال الدورة الخامسة والسبعين لأعمال الجمعية العامة ، تنعقد في ظرف قهري غير مسبوق ، دهمت مخاطره وبلا هوادة جميع أوجه الحياة العصرية لعالم اليوم ، موضحا أن ما ألحقته الجائحة من أضرار شديدة الوقع ، على مختلف المسارات والأصعدة الحيوية والأساسية في حياتنا اليوم ، جعلها تعد حدثا له ما بعده، فمن الارتفاع المروع بأعداد الضحايا الذي بلغ حوالي تسعمائة وستين ألف متوفى ، وأكثر من ثلاثين مليون حالة إصابة موثقة ، إضافة لما سجل من أعلى موجات الركود التي تعصف بالعالم ، منذ أعقاب الحرب العالمية الثانية ، وما صحبها من أوسع حالات الانهيار في المداخيل منذ عام 1870م ، وارتفاع مخاطر وقوع أكثر من 100 مليون شخص في براثن الفقر المدقع .. كل ذلك قد كشف للعالم مدى أهمية تعزيز النظم الاقتصادية والصحية والاجتماعية والبيئية المعمول بها ، وبصورة أضحت معها حتمية العمل المتعدد الأطراف ، على محك التجربة الحقة بين قابلية الاستدامة والاستمرار أو التوقف والجمود.
أضاف : في هذا الصدد نثمن عاليا الأدوار الاستثنائية الكبيرة التي قامت بها الأمم المتحدة وأمينها العام السيد أنطونيو غوتيريش ، عبر تسخيرها لكل الوسائل والتدابير ، من أجل التصدي لهذه الجائحة ، من خلال تسريع العمل نحو توفير اللقاح وأدوات التشخيص والعلاج لجميع الناس وفي كل مكان ، وإيلاء الفئات الأكثر تضررا والأكثر ضعفا كالنساء والأطفال والمسنين الأولوية القصوى ، وكذلك السعي نحو التركيز على مراحل التعافي من آثاره المدمرة ، لبناء عالم أكثر مساواة يتحقق في ظله التكامل المنشود بين التعليم والعمالة ، وتحقيق التنمية المستدامة والحماية الاجتماعية القائمة على تحسين الانظمة الصحية الشاملة ، وتعزيز دور المرأة والمساواة بين الجنسين في الحقوق والفرص ، بما يعود نحو تعضيد الروافد واتمام المقاصد الأساسية التي أوجدت من أجلها الأمم المتحدة والهادفة إلى حفظ السلم والأمن الدوليين ، وتجنيب الأجيال القادمة ويلات الحروب.
وأوضح سموه أنه في ظل استمرار حالة المكابدة التي يعيشها العالم أجمع لمواجهة تداعيات «كوفيد 19» ، وطغيان حالة الترقب نحو الإعلان عن الحل المنتظر ، ، مدعاة للتفكر بأحوال مناطق عدة من العالم ، فقد أسهم هذا الوباء في توسيع نطاق الأزمات التي تعاني منها ، وزاد من ثقل التحديات الملقاة على عاتق شعوبها ، والتي للأسف حازت منطقتنا العربية والشرق أوسطية النصيب الأكبر منها .
وقال سموه : إنه في إطار تحمل دولة الكويت لمسؤولياتها في دعم جهود المجتمع الدولي بمحاربة هذا الوباء ، فقد ساهمت بمبلغ ما يقارب مئتين وتسعين مليون دولار ، مؤكدة على التزامها بالتعاون لدعم كل ما يصب في صالح الجهود الدولية للاسراع في عملية تصنيع اللقاح ، وإتاحته بشكل عادل للدول الأكثر احتياجا إضافة لإعلانها الاستعداد لاستضافة الحالات الحرجة لموظفي الأمم المتحدة المصابين بفيروس «كورونا المستجد» والعاملين في الميدان في وسط وغرب آسيا لتلقي العلاج في مستشفيات دولة الكويت.
وشدد على أن القضية الفلسطينية لا تزال تحظى بمكانة مركزية تاريخية ومحورية في عالمينا العربي والإسلامي ، مؤكدين على موقفنا المبدئي والثابت في دعم خيارات الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة ، وكذلك على أهمية مواصلة بذل الجهود من أجل إعادة إطلاق المفاوضات ، ضمن جدول زمني محدد للوصول إلى السلام العادل والشامل وفق مرجعيات العملية السلمية وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية ، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ، على حدود ما قبل الرابع من يونيو 1967 ، مقدرين في هذا السياق جميع الجهود الدولية الرامية لحل هذه القضية المحورية.
وقال سموه : يعد استمرار الأزمة في اليمن الشقيق وما تحمله من تهديدات خطيرة للأمن والاستقرار الإقليمي ، دلالة بارزة على واقع كيفية التعاطي مع قرارات ومخرجات مجلس الأمن ذات الصلة مع أهمية الالتزام بتنفيذ اتفاق ستوكهولم ، وفي هذا الصدد نجدد موقفنا الراسخ بان الحل الوحيد لهذه الأزمة هو الحل السياسي المبني على المرجعيات الثلاثة المتفق عليها ، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ، لا سيما القرار 2216 ، مجددين دعمنا لكل الجهود التي يبذلها المبعوث الخاص للأمين العام إلى اليمن الرامية لاستئناف العملية السياسية ، للتوصل إلى حل سياسي يطوي أمد هذه الأزمة ، داعين كل الأطراف إلى التعاطي الإيجابي ، والموافقة على المقترحات التي تقدم بها مرحبين بذات الوقت بالأدوار البناءة التي قامت بها المملكة العربية السعودية الشقيقة ، من أجل تفعيل تنفيذ اتفاق الرياض ، مجددين بالوقت ذاته إدانتنا لكل الاعتداءات والهجمات التي تعرضت لها الأراضي السعودية ، ومؤكدين دعمنا لجميع الإجراءات التي تتخذها المملكة العربية السعودية ، للحفاظ على أمنها واستقرارها ، مشددين كذلك على المطالبة بأهمية التعجيل بمعالجة مسألة ناقلة النفط صافر تفاديا لكارثة بيئية محتملة قد لا تحمد عقباها.
أضاف : تقف تطورات الأزمة السورية التي دخلت عامها العاشر بكل ما تحمله من معاناة إنسانية ، كشاهد حقيقي على أن فقدان الاجماع الدولي وزيادة التدخلات الخارجية ، كان سببا رئيسيا في إطالة امد هذا النزاع الدامي ، مقدرين استئناف اللجنة الدستورية المصغرة اعمالها وانعقاد جولتها الثالثة في جنيف اواخر اغسطس الماضي ، ومتطلعين إلى أن تواصل عملها تحقيقا لامال وطموحات الشعب السوري الشقيق بالوصول إلى تسوية سياسية ، وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة خاصة القرار 2254 وبيان جنيف 1 لعام 2012 ، مجددين موقفنا الثابت بأن لا حل عسكري لتلك المأساة الا عبر طاولة المفاوضات فهي السبيل الوحيد لإنهاء تلك الكارثة الانسانية ، داعين كافة الأطراف إلى الانخراط بإيجابية في تلك المفاوضات مثمنين وداعمين الجهود الحثيثة التي يقوم بها مبعوث الأمين العام الخاص إلى سوريا.
وأوضح سموه أنه وفي قضية أخرى تعاني منها منطقتنا العربية ، لا تزال ليبيا تشهد حالة انقسام مؤسسي حاد منذ أكثر من ست سنوات ، تفاقمت مؤشراتها الخطيرة على أمن واستقرار البلاد ودول المنطقة مجددين دعوتنا للأطراف الليبية بضرورة ضبط النفس وبأهمية تغليب الحلول السلمية القائمة على الحوار ونبذ العنف ، كما نرحب في هذا السياق بالنتائج الإيجابية التي تحققت خلال جلسات الحوار بين وفدي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة ، عبر التفاهمات المتواصلة لرسم خارطة طريق لتوحيد المؤسسات السيادية للدولة ، وفقا لقرارات مجلس الأمن و منها القرار 2510 ومخرجات المؤتمرات الاقليمية والدولية ذات الصلة ، مقدرين استضافة المملكة المغربية الشقيقة الجلسات الاخيرة ، معربين عن تطلعنا أن تؤدي تلك الجهود إلى التوصل إلى تسوية سياسية شاملة ، تضمن أمن واستقرار ووحدة ليبيا وتلبي تطلعات شعبها الشقيق.
وذكر أنه من المنطلقات المبدئية المتصلة بترسيخ قواعد حسن الجوار والواردة في ميثاق الأمم المتحدة ، فإننا نجدد الدعوة للجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى اتخاذ تدابير جادة لبناء الثقة ، للبدء في حوار مبني على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شئونها الداخلية وتخفيف حدة التوتر في الخليج ، بما يسهم في إرساء علاقات قائمة على التعاون والاحترام المتبادل ، وبما يعكس التطلعات المستقبلية لجميع دول المنطقة في حياة يسودها الأمن والاستقرار والرخاء والتنمية لشعوبها ، كما ندعوها إلى التعاون مع المجتمع الدولي لنزع فتيل التوتر والتصعيد في المنطقة.
أضاف : تعد ظاهرة الإرهاب والتطرف العنيف أحد أشد التحديات واخطرها التي تهدد النظام العالمي في الصميم ، حيث إن ما عانته منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص من تنامي العمليات التخريبية للتنظيمات الإرهابية ، وعلى رأسها ما يسمى بتنظيم داعش الإرهابي الذي اتخذ الإسلام ستارا لنواياه المدمرة ، كان سببا مباشرا يدعو لأهمية تكثيف الجهود لمحاربة هذا الخطر الحقيقي بجميع أشكاله وصوره ، والعمل على تجفيف منابعه والقضاء على مصادر تمويله والعمل على تفعيل الاتفاقيات الدولية والإقليمية المعنية بمكافحة الإرهاب.
وفي ظل ما تشهده عدة دول في منطقتنا من استفحال هذا الخطر المدمر في كل من اليمن وليبيا وسوريا والصومال وأفغانستان ، سجلت تجربة العراق الشقيق بوصفه من أكثر الدول معاناة من جرائم تنظيم داعش الإرهابي ، والذي كان للدور الكبير للمجتمع الدولي ممثلا بمجلس الأمن وبالتعاون مع الحكومة العراقية الأثر الملموس في تطهير الأراضي العراقية من ذلك الكيان الإرهابي ، مؤكدين أهمية استمرار دعم جهود الحكومة العراقية في سبيل إعادة الإعمار وفرض الاستقرار على جميع أراضيها كما نعرب ، وفي هذا السياق كذلك عن ارتياحنا لنتائج مباحثات السلام الأفغانية التي استضافتها مشكورة دولة قطر الشقيقة ، مشيدين بدورها وجهودها المشهودة في هذا الشأن ، ومعربين أيضا عن تقديرنا لما تحلت به الاطراف الأفغانية المشاركة من روح مسؤولة وحرص مشترك على تحقيق الأمن والسلام المنشودين.
وقال سموه أيضا : رغم إعلان الأمم المتحدة في يناير 2020 إن العقد الراهن ، سيوجه ليكون عقدا من أجل التعجيل بتنفيذ هذه الخطة ، إلا أن ما تلحقه هذه الجائحة من آثار وتداعيات ذات طابع شمولي الأبعاد جعل من هذا التوجه يجابه صعوبات جمة ، وبصورة بات معها الحفاظ على التقدم المحرز في مضمار التنمية المستدامة مرتهنا بحتمية تفعيل العمل الدولي المتعدد الأطراف ، وإعلان قيم التعاون والتضامن العالمي وفق قاعدة المصير المشترك بصورة تعيد التوازن الى النظم المالية والتجارية وتوفير المنافع العامة العالمية الحيوية بشكل فعال والاسترشاد بمعايير الاستدامة في اتخاذ القرارات بصورة تأخذ بالحسبان ظروف وأوضاع الدول النامية.
واختتم سموه الكلمة بالقول : لا يسعني إلا أن اجدد تمسكنا بالنظام الدولي المتعدد الأطراف ، وبمبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة ، بما يكفل تطوير وتعزيز الحوكمة الدولية ، لضمان تحقيق رسالتها السامية في حفظ السلم والأمن الدوليين وخدمة البشرية جمعاء.