
أصدرت وكالة موديز لخدمات المستثمرين «Moody>s Investors Service» بيانًا صحفيًا ، خفّضت فيه التصنيف الائتماني السيادي لدولة الكويت بواقع درجتين من «Aa2» إلى «A1» ، مع تغيير النظرة المستقبلية إلى مستقرة.
ويعكس هذا القرار زيادة مخاطر السيولة الحكومية وتقييمًا أضعف للقوة المؤسساتية ومعايير الحوكمة. وأشارت الوكالة إلى تصاعد مخاطر السيولة، على الرغم من القوة المالية الاستثنائية للدولة ، مدفوعًا بمجموعة من العوامل ترتبط باستمرار غياب قانون جديد للدين العام وعدم السماح للحكومة بالسحب من صندوق احتياطي الأجيال القادمة، واقتراب الموارد السائلة المتاحة في صندوق الاحتياطي العام من النفاد. فعلى الرغم من أن العلاقة المتوترة بين مجلس الأمة والسلطة التنفيذية التي تشكل قيدًا طويل الأمد على تقييم القوة المؤسساتية، فإن الجمود بشأن استراتيجية التمويل المتوسطة الأجل للحكومة ، وعدم وجود أي تدابير فعالة لضبط المالية العامة يشيران إلى أوجه قصور أكثر أهمية في المؤسسات التشريعية والتنفيذية في دولة الكويت وفعالية السياسات. وتوقعت الوكالة وصول عجز الموازنة الحكومية إلى 13.7 مليار دينار ، في السنة المالية 20/2021
أضافت أنه على الرغم من أن مخاطر السيولة لها أهمية خاصة في الأجل القريب، إلاّ أن مخاطر رفع التصنيف الائتماني للدولة أو تخفيضه متوازنة بشكلٍ عام على المدى المتوسط وتعكسها النظرة المستقرة للتصنيف. وأشارت الوكالة إلى أن الكويت تمتلك مخزونًا ضخمًا من الأصول السيادية التي يتم إدارتها بمنأى عن الموازنة العامة بموجب القانون، فإذا سُمح باستخدامها لتمويل العجوزات ، فإن ذلك سيُقلّص من مخاطر السيولة الحكومية. وعلى النقيض من ذلك، ترى الوكالة أن هناك خطرًا مستمرًا يتمثّل بعدم اتفاق السلطتين التنفيذية والتشريعية على تدابير تمويل عجوزات الموازنة وعدم قدرتهما على وضع رؤية دائمة لتمويل الموازنة. كما تتوقع الوكالة ظهور مخاطر السيولة الحكومية إذا أدى استمرار الجمود بشأن حل أزمة التمويل إلى استنفاد الموارد السائلة المتاحة قبل تواريخ استحقاق السندات الدولية، بما في ذلك الشريحة البالغة 3.5 مليار دولار أمريكي التي ستستحق في مارس 2022.
وحول مبررات التخفيض ، أشارت الوكالة إلى ارتفاع مخاطر السيولة الحكومية في غياب الإذن القانوني لإصدار الدين أو النفاذ إلى موارد صندوق احتياطي الأجيال القادمة ، موضحة أنه من المرجح أن تستنفد أصول صندوق الاحتياطي العام قبل نهاية السنة المالية الحالية 20/2021. كما أشارت إلى التشريعات التي أقرها مجلس الأمة مؤخرًا والتي تتعلّق بعدم تحويل مخصصات صندوق الأجيال القادمة في السنوات التي تشهد عجزًا ماليًا، واسترجاع المخصصات المحوّلة للصندوق في السنة المالية السابقة 18/2019، وهو ما أسهم بتأجيل نضوب الموارد المالية حتى شهر ديسمبر 2020.
وقالت إنه حتى لو تم تمرير قانون الدين العام ، سواء من قِبل مجلس الأمة أو بمرسوم أميري أثناء عطلة المجلس ، فمن المرجح ألا يوفر ذلك استراتيجية تمويل ذات مصداقية على المدى المتوسط، وهو المحرّك الرئيسي لقيام الوكالة بمراجعة التصنيف في مارس 2020. ويتضمن مشروع قانون الدين العام، الذي رفضته اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الأمة، سقفاً للاقتراض قدره 20 مليار دينار، والذي سيتم استنفاده في أقل من عامين في ظل سيناريو خط الأساس للوكالة.
أضافت أنه قد يحظى تقليل سقف الاقتراض بموافقة مجلس الأمة، إلا أنه سيستنفد في وقت أقل نظراً للحجم الكبير لمتطلبات التمويل الفوري والمتوسط الأجل للحكومة. وحتى لو حصلت الحكومة على إذن قانوني بإصدار الدين دون قيود على الحد الأقصى، تتوقع الوكالة أن يبلغ صافي حجم الإصدارات السيادية نحو 27.6 مليار دينار ، لتلبية متطلبات التمويل الحكومية للفترة الممتدة بين السنة المالية الحالية والسنة المالية المنتهية في مارس 2024، مما يختبر قدرة الحكومة على الحصول على مثل هذا التمويل الكبير.
وذكرت الوكالة أن عجز الحكومة المستمر في الاستجابة للصدمات الحادة في أسعار النفط في جانب الإيرادات ، يُشير إلى أن فعالية السياسة المالية أضعف مما كان مفترضًا من قبل. وعلى النقيض من التصريحات السابقة الصادرة عن الحكومة، حول سعيها لخفض نفقاتها على أساس سنوي، فإن إقرار ميزانية السنة المالية 20/2021 يتضمن زيادة بنسبة 1.6 في المئة في الإنفاق العام، على الرغم من انخفاض الإيرادات بنسبة 56 في المئة في الميزانية. كما حققت دولة الكويت تقدماً محدوداً في إصلاح الدعومات، التي تمثل 22 في المئة من الإنفاق الحكومي. وعلى وجه الخصوص، فإن الدعم بخلاف دعم الطاقة، والذي يشمل مجموعة واسعة من الدعومات التي تغطي خدمات مثل الرعاية الصحية والتعليم في الخارج، ظلت أيضًا دون أن تمس إلى حد كبير بسبب معارضة مجلس الأمة. ونتيجة لذلك، ارتفع إجمالي الإنفاق الحكومي على الدعم من 3.1 مليار دينار «9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي» في 15/2016 إلى 4.7 مليار دينار «11 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي» في 19/2020.
وأكدت «موديز» أنه على الجانب الإيجابي، تمتلك الكويت مخزوناً كبيراً من الأصول السيادية في صندوق احتياطي الأجيال القادمة الذي يقدر بنحو 359 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي حتى نهاية العام المالي 19/2020. أما الأصول وإيرادات الاستثمار التي يدرها ذلك الصندوق، فيتم حاليًا إدارتها بمنأى عن الميزانية العامة بموجب القانون، مما يشير إلى أن العقبات التي تواجهها دولة الكويت في حل تحديات التمويل هي عقبات سياسية في المقام الأول، وليست خارج سيطرة الدولة.
وأشارت الوكالة إلى أن هناك عدة عوامل قد تدفع باتجاه رفع التصنيف، وتتمثّل تلك العوامل بوجود أدلة على التحسن المستدام في القوة المؤسساتية ومعايير الحوكمة في دولة الكويت وذلك من خلال الاتفاق بين الحكومة ومجلس الأمة، مما يؤدي إلى تشكيل سياسة أكثر سلاسة ويمكن التنبؤ بها، فضلاً عن تحسين فعالية السياسة المالية من خلال تحسين القدرة على الاستجابة للصدمات وتنفيذ الإصلاحات المالية التي تقلل بشكلٍ جوهري من متطلبات التمويل للموازنة العامة.