
بيروت – «وكالات» : أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس الثلاثاء، أنه لا إفراج عن أموال مؤتمر سيدر، الذي أقيم في العاصمة الفرنسية باريس عام 2018 من أجل لبنان، قبل حصول إصلاحات بنيوية على صعيد إصلاح قطاع الكهرباء ومكافحة الفساد، وإصلاح معايير التعاقد الحكومي والنظام المصرفي.
وقال ماكرون خلال جولته في بيروت أمس ، والتي تأخر بسببها لحوالي الساعة عن قصر بعبدا، حيث أقيمت على شرفه مأدبة غداء: «لا أعرف الرجل الذي تمّ تكليفه إثر الاستشارات النيابية الملزمة وبعد مشاورات.. لا بدّ من تشكيل الحكومة بسرعة وتأليفها بما تقتضي مصلحة الشعب اللبناني»، علماً أن وسائل إعلام تحدثت عن أن رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب هو نتاج خيار ماكرون في إطار الخطة السياسية والاقتصادية التي يضعها للبنان، والتي حثّ من خلالها القوى السياسية على التفاهم والاتفاق والإسراع في تشكيل حكومة.
ولفت ماكرون إلى أن «حزب الله» هو حزب «يمثّل جزءاً من الشعب اللبناني، وإذا لم نُرد أن ينزلق لبنان إلى نموذج يسيطر فيه الإرهاب على حساب أمور أخرى، تجب توعية «حزب الله» وغيره من الأحزاب بمسؤولياتها».
وغرّد الرئيس الفرنسي على حسابه عبر «تويتر» كاتباً: «الحرية والحوار والتعايش: إنها قيم مترسّخة في لبنان، هذا البلد الذي يستمدّ قوّته من التاريخ المئوي لدولة لبنان الكبير. سيتمكّن لبنان من التعافي من الأزمة التي يمرّ بها. ودعوني أقول لكم بالنيابة عن الفرنسيين إننا سنقف دائماً إلى جانب الشعب اللبناني».
وأقام الرئيس اللبناني غداء أمس في قصر بعبدا على شرف الرئيس الفرنسي، بحضور رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب، ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورؤساء الكتل النيابية، وعدد من الشخصيات الدبلوماسية والسياسية. وقد اعتذر الرئيس سعد الحريري عن عدم الحضور.
وأشار مصدرٌ شارك في الغداء الذي أقامه عون على شرف ماكرون، إلى أنّ ماكرون كرّر في كلّ موقف ضرورة أن يصار إلى تأليف حكومة على وجه السرعة، وهو تحدث عن ذلك أيضاً خلال خلوة عقدها الرئيسان، لافتاً إلى أن مهامها يجب أن ترتكز على إجراء إصلاحات بنيوية جدية في قطاعات الدولة، ولا سيما الكهرباء، وفي السياسة المالية والنظام المصرفي، بالإضافة إلى دورها في إعادة التأهيل الذي يكلف الدولة اللبنانية ملايين الدولارات، ما يحتم عليها أن تمد يدها إلى المجتمع الدولي، لكن هذه المرّة ليس مجاناً.
وقال المصدر إنّ الرئيس الفرنسي، وإذ عبّر عن التطوّرات الإيجابية التي حصلت على صعيد سرعة الاستشارات النيابية الملزمة، أبدى عدم ثقته الكاملة بالقوى السياسية، من هنا حرص على عودته إلى لبنان لمتابعة موضوع المساعدات الإنسانية والصحية وغيرها من التي قدّمتها فرنسا، وسيشرف على إعادة التأهيل من أجل التأكد من مسارها الصحيح، وهو سيعيد تكرار هذه المسائل عند اللقاء الذي سيعقده مع المسؤولين اللبنانيين في قصر الصنوبر في بيروت.
في السياق، أعلن قصر الإليزيه أنّ ماكرون سيعود إلى لبنان في شهر ديسمبر المقبل، في خطوة تكون الثالثة من نوعها منذ وقوع انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس الماضي، وتعدّ مؤشراً إلى أنّ المساعدات لن تكون عبارة عن هبة، بل مبادرة إنقاذية حقيقية للبلاد والشعب اللبناني بشكل خاص.
وخلال الغداء الذي حضره أيضا وفد فرنسي كبير، توجّه الرئيس عون بكلمة إلى ماكرون، وقال: «أمام ضربات القدر هذه، هناك احتمالان، الاستسلام أو الحفاظ على الأمل. لقد علمنا تاريخنا أن ننهض، ونعيد البناء، متطلعين أبداً نحو المستقبل. إن الماضي الغني بالتجارب يحضنا اليوم على العمل، وهو خير معلّم لنا يدفعنا إلى عدم تكرار الأخطاء».
وشدد الرئيس اللبناني على أن «أملنا اليوم يرتكز على تشكيل حكومة جديدة تكون قادرة على إطلاق ورشة الإصلاحات الضرورية، من أجل الخروج بالبلد من الأزمة الحالية. والأمل يكمن أيضاً في جعل آلامنا حافزاً يدفعنا إلى أن نغدو دولة مدنية، حيث الكفاءة هي المعيار، والقانون هو الضامن للمساواة في الحقوق. وإنني تحقيقا لهذه الغاية، التزمت الدعوة إلى حوار وطني لكي نبلغ صيغة تكون مقبولة من الجميع».
أعلن قصر الإليزيه أنّ ماكرون سيعود إلى لبنان في شهر ديسمبر المقبل، في خطوة تكون الثالثة من نوعها منذ وقوع انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس الماضي، وتعدّ مؤشراً إلى أنّ المساعدات لن تكون عبارة عن هبة، بل مبادرة إنقاذية حقيقية للبلاد والشعب اللبناني بشكل خاص
وختم بالقول: «فليكن الأول من سبتمبر 2020، محطة انطلاق للبنان جديد، حيث المواطن هو الملك وليس زعماء الطوائف: دولة حديثة تستجيب لانتظارات الشعب وتطلعات شبيبتنا الذين هم مستقبل البلد».
من جهته، رد الرئيس الفرنسي: «أنا لا أعرف ماذا ستحمله الأسابيع والأشهر المقبلة، لكنني أعرف أمراً واحداً فحسب، وهو إنه إذا لم تتحقق الدعوة للترفع فوق المصالح الخاصة، فإنه سيكون قد تمت خيانة الوعد، لأن بلدكم هو بحد ذاته وعد لنفسه، كما أنه وطن شقيق وصديق لوطننا».
وقال: «رسالة لبنان ترتدي أهمية أكثر مما كانت عليه قبل مائة عام، لأنكم، من دون أي شك آخر من يحمل هذا الإرث. وأن ينجح ذلك اليوم من قبلكم، في وقت ربما لم ينجح من قبل آخرين، قبلكم وفي ظروف أسهل، فسببه أنتم لأنكم أنتم، تحققون ذلك وفي ظروف أشد قسوة تبلغ حد المستحيل»، مشيراً: «سنكون هنا، وفق الصداقة عينها وروح الأمانة، وحدها أمانة في هذا التاريخ وما يجمعنا من خلاله، وفق التزام بالسيادة والعشق غير المشروط للحرية». خاتماً: «هذا ما رغبت في قوله لكم في هذا اليوم، الذي هو بمثابة احتفال، ولكن أرجو من كل قلبي أن يشكل بداية لعصر جديد».
وكان الرئيس ماكرون قد بدأ زيارته إلى لبنان ، بزيارة للفنانة الكبيرة فيروز أمس الأول الإثنين .