
طهران – عواصم - «وكالات» : أكدت إيران أنها ستزيد خلال ساعات ، نسبة تخصيب اليورانيوم ، التي يسمح بها الاتفاق النووي الموقع في 2015 ، في خطوة قد تؤدي في نهاية المطاف لعودة العقوبات الدولية المفروضة على طهران.
وفي مؤشر على تزايد القلق الأوروبي استنكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس ، قرار إيران تخصيب اليورانيوم لمستوى يتجاوز الحد المتفق عليه وقال إن الخطوة «انتهاك» للاتفاق.
وفيما يثير شبح توتر إقليمي جديد، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، ما أقدمت عليه إيران، بأنه خطوة «بالغة الخطورة» وكرر الدعوة لفرنسا وبريطانيا وألمانيا فرض عقوبات على الجمهورية الإسلامية.
وقال مسؤولون إيرانيون كبار في مؤتمر صحفي إن طهران ستواصل تقليص التزاماتها كل 60 يوما ، ما لم تتحرك الدول الموقعة الأخرى على الاتفاق لحمايته من العقوبات الأمريكية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، بعد انسحابه من الاتفاق العام الماضي.
وقال بهروز كمالوندي المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية : «نحن على استعداد تام لتخصيب اليورانيوم لأي مستوى وبأي كمية» .
وأضاف «بعد ساعات قليلة ستنتهي العملية التقنية وسيبدأ التخصيب بما يتخطى 3.67 بالمئة... وفي الصباح الباكر غدا عندما تحصل الوكالة الدولية للطاقة الذرية على العينة سنكون قد تخطينا 3.67 بالمئة» في إشارة للحد الذي يسمح الاتفاق به لإيران.
لكن إيران قالت إنها مستعدة أيضا لإبداء المرونة.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على تويتر أمس ، إن كل الإجراءات التي اتخذتها بلاده لتقليص التزامها ببنود الاتفاق النووي «يمكن التراجع عنها» إذا أوفت الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق بالتزاماتها.
في غضون ذلك، أكد مصدر في مكتب الرئيس الفرنسي في قصر الإليزيه أمس ، أن آلية فض النزاع بشأن الاتفاق النووي الإيراني لن يتم تفعيلها الآن. وأضاف المصدر «هذا ليس خيارا مطروحا حاليا».
وبموجب تلك الآلية سيعاد فرض كل العقوبات المنصوص عليها في قرارات صادرة عن الأمم المتحدة على إيران إذا أخفقت سلسلة من الخطوات المحددة لحل الخلافات بشأن الاتفاق في تحقيق هدفها.
ودعا نتنياهو، المعارض الشديد للاتفاق النووي، إلى رد فعل صارم على الخطوات الإيرانية.
وقال : «تخصيب اليورانيوم له سبب واحد ووحيد... صنع قنابل ذرية». وكان نتنياهو من المعارضين البارزين لإبرام الاتفاق النووي مع إيران.
من ناحيته أكد مستشار كبير للزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي ، أن المؤسسة الدينية في البلاد تدعم القرار بشكل كامل.
وقصر الاتفاق النووي مستوى تخصيب إيران لليورانيوم عند 3.67 بالمئة ، بما يقل كثيرا عن مستوى 20 بالمئة الذي كانت تقوم به قبل الاتفاق وأقل بكثير من مستوى 90 بالمئة الذي يسمح بصنع أسلحة نووية.
وكانت إيران قبل إبرام الاتفاق النووي تنتج اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمئة ، وهو الحد المطلوب لتزويد مفاعل طهران بالوقود وكان مستوى التخصيب في مفاعل بوشهر في جنوب البلاد خمسة بالمئة.
وقال كمالوندي «سنخصب اليورانيوم وفقا لاحتياجاتنا... حاليا لا نحتاج تخصيب اليورانيوم المطلوب لمفاعل طهران... سنخصب اليورانيوم للمستوى الذي نحتاجه لمفاعل بوشهر».
ويؤكد ذلك الإعلان ما أشارت إليه رويترز أمس الأول السبت ، من زيادة تحدي طهران للضغوط الأمريكية عليها بفرض مزيد من العقوبات.
ولم تبد إيران أي مؤشر على الاستسلام للضغط الذي يفرضه عليها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ف، ي مواجهة اتخذت بعدا عسكريا بعد أن ألقت واشنطن بالمسؤولية على طهران في هجمات على ناقلات نفط ، وإسقاط طهران لطائرة مسيرة أمريكية ، مما أدى لقرار بشن ضربات أمريكية تراجع عنه ترامب في اللحظات الأخيرة.
واتخذت العلاقات المتوترة منذ فترة طويلة بين واشنطن وطهران منحى أسوأ في مايو أيار 2018 ، بانسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الذي أبرم قبل توليه المنصب وعاود فرض العقوبات على طهران.
ويعد تحدي إيران الجديد لواشنطن اختبارا للدبلوماسية الأوروبية. وناشدت الدول الأوروبية، التي عارضت قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق، طهران بالإبقاء على التزاماتها.
وعبرت طهران عن إحباطها مما تقول إنه إخفاق من الأطراف الأوروبية الموقعة على الاتفاق ، في إنقاذه من خلال حماية المصالح الاقتصادية الإيرانية من العقوبات الأمريكية.
وقال عباس عراقجي كبير المفاوضين النوويين لإيران في مؤتمر صحفي في طهران «أخفقت الدول الأوروبية في الوفاء بتعهداتها وهي أيضا مسؤولة... أبواب الدبلوماسية مفتوحة ، لكن ما يهم هو وجود مبادرات جديدة.. هذا هو المطلوب».
ووصف المحلل السياسي حميد فرح فاشيان موقف إيران بأنه «قبضة حديدية في قفاز مخملي».
وقال «هناك رسالة مستترة... مفادها إننا مستعدون.. لدينا قدرات.. يمكننا أن نخالف الاتفاق وفي نفس الوقت نمنح الأطراف الأخرى وقتا لتفي بالتزاماتها».
ورفع اتفاق 2015 النووي بين إيران والقوى الست معظم العقوبات عن طهران مقابل قيود على نشاطها النووي.
وتستهدف تلك القيود تمديد الوقت الذي تحتاجه إيران لإنتاج قنبلة نووية، إذا قررت فعل ذلك، إلى عام من نحو شهرين إلى ثلاثة.