
واشنطن – عواصم – "وكالات" : دعت الولايات المتحدة لوقف عاجل لإطلاق النار في اليمن، الذي تسببت الحرب الأهلية الدائرة فيه في أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
ودعا وزيرا الدفاع والخارجية الأمريكيان إلى وقف لإطلاق النار في اليمن ، وبدء محادثات سلام خلال 30 يوما.
وقال وزير الدفاع جيم ماتيس إن الولايات المتحدة ترغب في أن تجتمع أطراف الصراع على طاولة التفاوض، تحت مظلة الأمم المتحدة.
كما حث وزير الخارجية مايك بومبيو على وقف جميع الأعمال القتالية وبدء مفاوضات لإنهاء الحرب المستمرة منذ أعوام.
ويواجه اليمن أزمة إنسانية متنامية مع استمرار القتال بين حكومة عبد ربه منصور هادي، المعترف بها دوليا والمدعومة من تحالف تقوده السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران.
وانهارت محادثات سلام، كانت تجري تحت رعاية الأمم المتحدة، في سبتمبر الماضي.
ويقول خبراء حقوق الإنسان إن قوات التحالف بقيادة السعودية قد تكون ارتكبت جرائم حرب في اليمن، وتقول المنظمات الإنسانية إن الحصار الجزئي المفروض على البلاد أدى وقوف نحو 14 مليون شخص على حافة المجاعة.
وأدى أيضا مقتل الصحفي السعودي المقيم في الولايات المتحدة جمال خاشقجي ، في القنصلية السعودية في اسطنبول الشهر الماضي ، إلى توتر العلاقة بين واشنطن والرياض.
وشهد اليمن دمارا كبيرا في الصراع الذي تفاقم في أوائل 2015، عندما سيطر الحوثيون على مناطق كبيرة من غربي البلاد وأجبروا الرئيس عبد ربه منصور صالح على الفرار من البلاد.
وشعرت السعودية والإمارات وسبع دول عربية أخرى بالقلق إزاء صعود الحوثيين، الذين ينظرون إليهم على أنهم موالون لإيران ويخوضون حربا بالوكالة نيابة عنها، مما أدى إلى تدخل هذه الدول لإعادة الحكومة الشرعية في البلاد. وتلقى التحالف بقيادة السعودية دعما لوجيستيا من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.
وقال ماتيس، متحدثا في معهد السلام في واشنطن الثلاثاء، إن الولايات المتحدة ترقب الصراع في اليمن "لمدة كافية".
أضاف "يجب علينا التحرك صوب جهود السلام، ولا يمكننا أن نقول إننا سنفعل ذلك مستقبلا. يجب علينا أن نفعل ذلك في الأيام الثلاثين المقبلة".
وفي تصريح منفصل، دعا بومبيو الحوثيين لوضع حد لهجمات الصواريخ والطائرات بدون طيار على السعودية والإمارات، ودعا دول التحالف لوقف الهجمات على المناطق المأهولة في اليمن.
أضاف "حان وقت إنهاء هذا الصراع، واستبدلال الصراع بالتسوية والسماح لليمنين بالتداوي عن طريق السلام والإعمار".
وأكد ماتيس أن جميع الأطراف يجب أن تلتقي المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتن غريفيث في السويد في نوفمبر وأن "يتوصلوا إلى حل".
وقد رحبت بريطانيا بدعوة الولايات المتحدة لوقف القتال في اليمن وقالت إن هناك فرصة لفتح ممر إنساني لتفادي ”وضع رهيب“.
وقال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت ل "بي.بي.سي" : ”هذا إعلان محل ترحيب شديد لأننا نعمل منذ وقت طويل من أجل وقف الأعمال القتالية في اليمن“.
وكانت إدارة ترامب قد اعلنت من قبل عن دعمها لجهود وساطة غريفيث، ودعا إلى حل سياسي للصراع، تمشيا مع قرار مجلس الأمن رقم 2216، الذي يطالب بانسحاب الحوثيين من جميع المناطق التي سيطروا عليها وأن يتخلوا عن سلاحهم الثقيل. ورفض الحوثيون المطالب.
ويقول جيمس لانديل، المراسل الدبلوماسي ل "بي بي سي"، إنه على مدى شهور لم تقل إدارة ترامب إلا القليل بشأن النزاع الدامي في اليمن، وتركت زمام الأمور في يد حلفائها السعوديين. ولكن تعليقات ماتيس وبومبيو تظهر أن الولايات المتحدة الآن تبدي اهتماما في النزاع في اليمن لم تبده منذ أمد.
ويضيف لانديل إن الولايات المتحدة وبريطانيا حتى الآن لم تطالبا بصورة رسمية بوقف إطلاق النار عن طريق الأمم المتحدة، ولكن يبدو أن الأمر تغير الآن.
ويشير دبلوماسيون إلى أن الضغوط المتزايدة من الكونغرس الأمريكي لاتخاذ اجراء قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس. وقد تكون الولايات المتحدة أيضا تأمل في استخدام ردة الفعل ضد السعودية بشأن مقتل خاشقجي للضغط على الرياض في محاولة لإنهاء الصراع. وأشار بعض الدبلوماسيين إلى احتمال أن تكون تسوية سعودية بشان اليمن جزء من تحسين صورة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعد مقتل خاشقجي.
ويقول لانديل إن السؤال الرئيسي هو كيف سيكون رد الفعل الإيراني. وأشار بعض الدبلوماسيين إلى أن طهران لن تكون سعيدة بالانسحاب من اليمن، وإلى أن تدخلها هناك كان اغتناما للفرصة وليس للمصلحة الاستراتيجية، وأن لديها أولويات أكبر في مناطق أخرى. ولكن من غير الواضح ما إذا كانت إيران على استعداد لمساعدة الولايات المتحدة في الوقت الذي تعيد فيه فرض العقوبات على الاقتصاد الإيراني بعد الانسحاب من الاتفاق النووي.
ولهذه الأسباب يعد التحرك الأمريكي مهما، ولكن ما زال الطريق طويلا قبل التوصل إلى وقف لإطلاق النار وإنهاء الأزمة بصورة كاملة.
ولم يرد رد فعل فوري من التحالف بقيادة السعودية أوالحوثيين أو الحكومة اليمنية.
وقال غريفيث إن الولايات المتحدة ترحب بدعوات وقف إطلاق النار وأكدت على أنه لا يمكن حل الأزمة عسكريا.
أضاف "لا نزال ملتزمين بأن يجلس الأطراف في الصراع في اليمن على مائدة التفاوض في غضون شهر. الحوار هو السبيل الوحيد للتوصل لاتفاق شامل".
وقال وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت في تغريدة "جميع الأطراف يجب أن تستمع إلى الدعوة الهامة من الولايات المتحدة للتهدئة في اليمن، وتمشيا مع موقف بريطانيا. ناقشت ذلك مع مارتن غريفيث...ويجب أن ندعم التوصل لحل دبلوماسي للأزمة".
وقالت المتحدثة باسم لجنة الغوث الدولية، وهي مؤسسة خيرية تعمل في اليمن، إن وقف إطلاق النار ومحادثات السلام يجب أن تحدث في أقرب فرصة ممكنة حتى يمكن توصيل المعونات إلى الأمس حاجة لها.