
قبل ساعات قليلة من جلسة غد الثلاثاء ، التي من المرتقب أن تشهد مناقشة ثلاثة استجوابات ، أحدها الاستجواب المقدم لسمو الشيخ جابر المبارك رئيس الوزراء ، والاستجوابان الآخران لوزير النفط وزير الكهرباء والماء بخيث الرشيدي ، ووزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند الصبيح ، حذر نواب وأكاديميون ومواطنون ، من ظاهرة التعاطي مع أداة دستورية خطيرة كالاستجواب ، بشكل يبتعد بها عن الغاية الأسمى التي وضعت لها وهي أن تكون وسيلة للإصلاح ، وتقويم الأداء الحكومي ، ومعالجة أوجه الاختلال فيه ، بعيدا عن أي مصلحة شخصية ، أو تكسب انتخابي .
وشددوا في تصريحات لـ «الصباح» ، على أن سمو الشيخ جابر المبارك موضع ثقة كبيرة ، وتأييد نيابي وشعبي جارف لسياساته وتوجهاته ، مؤكدين أن مجلس سيجدد الثقة بسموه ، عن قناعة تامة بجدارته بذلك .
من جهتهم أكد خبراء دستوريون وأكاديميون أن الاستجواب المقدم إلى رئيس الوزراء ، ولد ميتا ، لأن ما بني على باطل فهو باطل دستورياً ، مشددين على أن استجواب المبارك تحديداً ، مخالف للدستور والمذكرة التفسيرية له ، وأحكام المحكمة الدستورية .
وأشاروا إلى أن مثل هذه الاستجوابات لا تعطي قوة للمجلس، بل على العكس تجعل أداة الاستجواب ضعيفة ، موضحين أن الاستجواب لكي يكون قوياً ، لابد وأن يكون موافقاً للدستور والمذكرات التفسيرية للمحكمة الدستورية .
من جهته قال الخبير الدستوري وأستاذ القانون بجامعة الكويت د. هشام الصالح : إن استجواب سمو الرئيس جابر المبارك مخالف للدستور ، الذي أناط برئيس الوزراء وضع السياسة العامة كما جاء في المادة 101 ، والتي أشارت إلى أنه لا تجوز مساءلة سمو رئيس الوزراء عن أخطاء الوزراء ، مؤكداً أن المحاور في مجملها تخص وزراء معنيين ، وليس رئيس الوزراء فهو استجواب مخالف للدستور ، والمذكرة التفسيرية للدستور وأحكام المحكمة الدستورية ، فكل هذه المحاور لا تخص السياسة العامة لسمو الرئيس ، ومن ثم تخرج عن اختصاصات سموه .
وأضاف أن جميع النواب أقسموا أن يدافعوا عن حقوق الشعب الكويتي وحقوق ناخبيهم ، وأن أي نائب يخرج عن هذه القاعدة فهو بمثابة حنث لليمين ، كذلك فإن الدستور الكويتي دعا الناخبين إلى مراقبة النائب الذي يمثلهم بقاعة عبدالله السالم في مدى استعماله هذا الحق ، وعليه فإن الأمر يرجع إلى الناخبين ، وتقع عليهم المسؤولية فيمن يختارون ، وهي مسؤولية مجتمعية .
وذكر الصالح أنه مع استعمال أداة الاستجواب ، والمراقبة الصارمة للحكومة ووزرائها ، إلا أنني أفضل التدرج في استعمال المساءلة ، إلا إذا وصلت الأمور بالطبع إلى حد الجسامة ، فهنا لابد من تقديم الاستجواب ، موضحاً أنه ليس كل الاستجوابات غير مستحقة ، فهناك بالطبع استجوابات مستحقة .
بدوره أكد الخبير الدستوري وأستاذ القانون بجامعة الكويت د. محمد الفيلي أن رئيس الوزراء لا يُسأل عن الإيقاف الرياضي ، لوجود هيئة الرياضة وهي منشأة بقانون ، ومن حق سمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك أن يقول إن هذا المحور ليس من اختصاصي.
من ناحيتهم أكد نواب أن سمو رئيس الوزراء يحظى بتأييد نيابي كبير ، لاسيما في ظل ما تبديه حكومته من تعاون مع السلطة التشريعية ، وهو بدا بوضوح شديد خلال الفصل التشريعي الحالي .
وأوضح النواب أن سيل الاستجوابات المقدم من المجلس للوزراء لا يخدم بأي حال من الأحوال القضايا التنموية ، مضيفين أن ذلك من شأنه تعطيل عجلة التنمية التي بدأت تنطلق من دون توقف في الآونة الأخيرة .
وأوضح هؤلاء ل «الصباح» ، أن الاستجوابات بدأت تقدم من دون مشاورات فيما بين النواب بعضهم لبعض ، مما أفقدها «وهجها « وقوتها ، وأضحت هزيلة فاقدة لمعنى الاستجواب ، تلك الأداة المغلظة التي تخرج لمحاربة القصور البين ، مؤكدين أن استجواب المبارك قدم من دون مراعاة بأن سموه يختص برسم السياسة العامة ، ولا يسأل فيما يكون من اختصاص الوزراء ، مضيفين أن سمو الشيخ جابر المبارك خطا خطوات واسعة في محاربة الفساد ، وبدأ في محاصرته وتكبيله .
من جهتهم عبر مواطنون عن استيائهم من كثرة الاستجوابات ، ورأوا أنها مضيعة لوقت المجلس الثمين ، الذي لابد وأن يستغل في البحث عن حلول للقضايا الأكثر تماساً مع حياة المواطنين ، مشددين على أن بعض النواب أصبح شغله الشاغل «الشو الإعلامي» ، وتحقيق مصالح شخصية فقط .
وقالوا لـ «الصباح» إن بعض النواب أضاعوا هيبة المجلس بكثرة الاستجوابات التي لا طائل منها ، مؤكدين أن الأجواء المحيطة بالكويت تحتاج إلى استقرار سياسي ، وإيقاف الصراع بين الحكومة والمجلس .