أربيل – بغداد – عواصم – «وكالات» : ساد الهدوء إقليم كردستان العراق أمس ، بعد يوم من الاستفتاء على الانفصال، ترقبا للإعلان الرسمي عن نتائجه، في حين هاجم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الاستفتاء، ووصفه بأنه سنة سيئة وليّ ذراع للعراق، بالتزامن مع تظاهر العشرات من أهالي القوش في محافظة نينوى تنديدا بالاستفتاء.
وحددت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء إعلان النتائج بعد نحو 72 ساعة بدءا من انتهاء عملية التصويت، وأشارت إلى مشاركة 72% من سكان إقليم كردستان والمناطق المتنازع عليها في الاستفتاء.
وسجلت أقل نسبة مشاركة في محافظتي السليمانية وحلبجة بـ55%، وأعلى نسب المشاركة جاءت من محافظة دهوك، حيث بلغت 90%، وفاقت نسبة المشاركة في المناطق المتنازع عليها 80%، بحسب إحصائيات تسربت إلى الإعلام الكردي.
وأوضحت المفوضية أن ثلاثة ملايين و305 آلاف ناخب أدلوا بأصواتهم، من مجموع ما يقارب أربعة ملايين. وكانت المفوضية مددت عملية التصويت ساعة واحدة بسبب الزحام أمام المقرات الانتخابية.
وقال مدير مكتب الجزيرة من أربيل أحمد الزاويتي إن الشوارع بدت اليوم خالية وهادئة في الإقليم بعد يوم صاخب، لافتا إلى أن هناك رصدا لأي موقف إيجابي دولي حيال الاستفتاء.
وعن سبب ضعف الإقبال في السليمانية، أرجع الزاويتي ذلك إلى الانتقادات الموجهة لعملية الاستفتاء وموقف حركة التغيير والجماعة الإسلامية منه.
يأتي ذلك في وقت قال مصدر حكومي عراقي إن الحكومة الاتحادية ببغداد شرعت في تنفيذ قرارات المجلس الوزاري للأمن الوطني التي اتخذها مساء أمس، ردا على إجراء الاستفتاء في إقليم كردستان، وأضاف المصدر نفسه أن بغداد بدأت التنسيق مع الدول المعنية لوقف التعاون مع إقليم كردستان بخصوص المنافذ الحدودية والمطارات وتصدير النفط.
وأوضح أن توجيهات رسمية صدرت للجهات القضائية لمتابعة الأموال المودعة في حساب الإقليم وسياسيين أكراد من واردات بيع النفط، وقال إن هناك إجراءات ستُتخذ في المناطق الواقعة تحت سيطرة حكومة الإقليم التي فُرضت فيها سياسة الأمر الواقع.
من جهته، وصف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر استفتاء إقليم كردستان بأنه سُنّة سيئة، وأنه لَيُّ ذراع ٍ ليس للحكومة المركزية فقط، بل للعراق كله.
أضاف الصدر أن أولى مساوئ الاستفتاء هو تأجيج النفَس العِرقي ، الذي لا يقل خطورة عن تأجيج النفَس الطائفي.
وقال الصدر في بيان إن القادة الأكراد أخطؤوا وتجاوزوا الحدود بسبب إجراء الاستفتاء، وهو ما يدفع إلى اتخاذ موقف يُمليه الواجب الشرعي والقانوني والوطني.
من جهته، قال كريم نوري القيادي في منظمة بدر، إحدى تشكيلات الحشد الشعبي، إن الوجهة القادمة لقوات هذه المنظمة ستكون كركوك والمناطق المتنازع عليها، لاستعادتها من سيطرة قوات البشمركة الكردية.
ووصف نوري في بيان هذه المناطق بأنها محتلة من عصابات مسلحة خارجة على القانون، وقال في بيانه إن أنصاره ينتظرون «صدور أوامر رئيس الوزراء العراقي بوصفه القائد العام للقوات المسلحة» للتحرك نحو هذه المناطق.
وفي أنقرة شجب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، استفتاء الانفصال الذي أجري في إقليم كردستان العراق الاثنين، واصفا إياه بأنه عمل من أعمال الخيانة.
وقال إن الدفع إلى استفتاء الانفصال فيه مخاطرة بجر المنطقة إلى الحرب، وهدد باتخاذ إجراءات عقابية إن استمر.
أضاف أردوغان في كلمة ألقاها بالقصر الرئاسي أمس ، أن كل الخيارات متاحة، من الإجراءات الاقتصادية إلى الخطوات العسكرية البرية والجوية.
أضاف أن تركيا لن تتردد في استخدام الوسائل المتاحة لديها إذا وصل السلام إلى طريق مسدود، وأنه يتمنى أن تعود حكومة إقليم كردستان إلى رشدها.
واتهم أردوغان رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود بارزاني بالخيانة ، لمضيه قدما في إجراء استفتاء على الانفصال، محذرا من أن أكراد العراق سيتضورون جوعا عندما تمنع تركيا شاحناتها من عبور الحدود.
ولم تعلن بعد نتائج الاستفتاء الذي أجري الاثنين، ولكن الموافقة الكاسحة عليه نتيجة متوقعة.
وصوت الأكراد بأعداد كبيرة في الاستفتاء، متجاهلين الضغوط التي تمارسها بغداد، وتهديدات تركيا وإيران، وتحذيرات دولية من أن التصويت قد يشعل المزيد من الصراعات في المنطقة.
وهدد إردوغان بإغلاق خط أنابيب ينقل النفط من شمال العراق إلى العالم الخارجي.
وقد أنشأت أنقرة علاقات قوية مع أكراد العراق عبر خط أنابيب نفط يغذي الاقتصاد الكردي، ويفي بحاجة تركيا إلى الطاقة.
كما تعارض السلطات في أربيل جماعة حزب العمال الكردستاني المتشددة، وهي جماعة محظورة في تركيا - وسمحت للجيش التركي بوجود قواعد له في شمال العراق.
ويرى مراقبون أن خطابات أردوغان - الذي يعرف بأنه حاد وجريء في كلامه - لا تترجم أحيانا إلى أفعال.
لكن قوات تركية أجرت مناورات عسكرية في جنوب شرق تركيا قرب الحدود مع العراق . وأفادت وكالة رويترز للأنباء بأن جنودا عراقيين انضموا إلى القوات التركية.
وأضافت الوكالة أن مجموعة صغيرة من الجنود سارت وهي ترفع العلمين العراقي والتركي ، عبر سهل تجرى فيه المناورات التي بدأت الأسبوع الماضي على بعد أربعة كيلومترات من بوابة الخابور الحدودية.
بدورها جددت إيران انتقاداتها لاستفتاء الانفصال الذي أجراه كردستان العراق أمس الاثنين، محذرة من المضي قدما في هذا الاتجاه، في وقت جددت موسكو وواشنطن موقفهما الرافض للاستفتاء الذي تؤيده إسرائيل فقط.
وقال مستشار المرشد الأعلى في إيران للشؤون الدولية علي ولايتي إن استفتاء كردستان العراق غير قانوني ولا يمكن الوثوق بنتائجه كونها غير دقيقة ومرفوضة.
وحذر ولايتي من أن هذا الاستفتاء سيؤدي لاضطرابات سياسية، متهما الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل بالوقوف وراءه بعد «فشلهما الذريع في المنطقة».
وقال المستشار الإيراني إن أمام رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني طريقين، إما التراجع عن الاستفتاء وإما مواجهة الشعب العراقي مجتمعا.
وفي الأثناء، جدد المتحدث باسم الكرملين دميتري بسكوف موقف بلاده الداعم لوحدة أراضي العراق. وقال بيسكوف - في تعقيب على نتائج استفتاء كردستان العراق- إن وحدة العراق مهمة لدعم الاستقرار والأمن في المنطقة، ومن أجل تسوية المشاكل المعقدة التي تزخر بها المنطقة.
وفي الإطار نفسه، أعربت وزارة الخارجية الأميركية عن خيبة أملها العميقة جراء قرار حكومة إقليم كردستان المضي قدما في إجراء الاستفتاء على الانفصال الأحادي الجانب بما فيها مناطق تقع خارج الإقليم.
وأعربت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيثر نويرت عن اعتقاد الولايات المتحدة بأن الاستفتاء سوف يزيد من زعزعة الاستقرار والمعاناة في كردستان ولشعبها.