د. بركات عوض الهديبان
في مصر المحروسة ، البلد الذي ذكره الله في كتابه الكريم ، بقوله تعالى «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين» ، وفي ضيافة فخامة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، حيث الابتسامة التي لا تفارق محياه ، والكرم المصري الأصيل، وحفاوة الاستقبال التي تشعرك أنك لم تغادر قط بلدك وأهلك ، توجهت بالسؤال إلى الرئيس السيسي ، خلال اللقاء الذي جمعنا به في قصر الاتحادية بالقاهرة ، حول أوضاع الطلبة الكويتيين في مصر ، وبعض المضايقات التي يتعرض لها بعضهم أحيانا .. وكم كانت سعادتي غامرة حين لمست التجاوب الفوري منه ، وإصداره تعليمات فورية لمكتبه في التو واللحظة ، بأن ينسقوا مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي ، ومقابلته بصورة عاجلة ، لكي نتبادل الرأي في هذا الموضوع ، في ضوء التوجيهات التي أصدرها فخامة الرئيس خلال لقائنا معه .
وعلى الرغم من أهمية القضايا الأخرى التي أثرناها مع فخامة الرئيس ، والتي تناولت معظم الملفات المصرية والإقليمية والدولية ، فقد كانت سعادتي كبيرة أن هذه الملفات لم تغطِ على القضية المتعلقة بأوضاع أبنائنا الطلبة الكويتيين في مصر ، حيث وجدت لزاما علي ، وفي لقاء بهذا المستوى ، أن أعبر عنهم وأنطق بلسانهم ، وأنقل مطالبهم، وقد أولى فخامة الرئيس السيسي مشكورا هذه القضية ما تستحقه من اهتمام وتركيز .. ففضلا عن ما أكده خلال اللقاء، بقوله «إن مصر ترحب بكل الطلاب العرب والأجانب، ولا يمكنها السماح بأية اساءات ممنهجة تجاه هؤلاء الطلاب ، بل يلاقون كل المحبة والترحيب من جانب الشعب والحكومة المصرية كضيوف كرام ، وقد تكون هناك بعض الأحداث الفردية التي يتم التصدي لها بكل حزم . كما أن مصر تستضيف عدداً كبيراً من المواطنين العرب يعيشون جنباً إلى جنب مع أشقائهم المصريين ويحصلون على نفس الخدمات المقدمة للمصريين» ، جاءت أوامره لمكتبه الرئاسي بصورة عاجلة ، لكي ينقل مباشرة اهتمامه الكبير إلى وزير التعليم العالي .
هذا الاهتمام الكبير الذي أبداه الرئيس السيسي ، أشعرني بأنه يتعامل مع ذلك الموضوع بأبوة خالصة ، وليس فقط من منطلق كونه رئيسا للجمهورية ، وعندما قلت له إن أبناءنا الدارسين في مصر ، هم في عنقك وأمانة لديك ، قابل ذلك بابتسامة وأريحية ، وقال لي : نعم هم أبناؤنا مثلما هم أبناؤكم ، وهم بالفعل أمانة في عنقي وأعناق كل المسؤولين المعنيين عنهم ، وستجدون كل خير بإذن الله في هذا الإطار.
التقيت الوزير الدكتور أشرف الشيحي ، وأنا مقتنع بالطبع بأن ما قد يقع من مضايقات لبعض طلبتنا في مصر ليست «إساءات ممنهجة – كما أوضح السيد الرئيس – وإنما هي تصرفات فردية ، ومع ذلك فمن الضروري أن يتم التصدي لها ومعالجتها . والحقيقة أن الأخ الوزير كان بدوره عند حسن الظن به ، وقال لي «إن أبوابنا مفتوحة لكل الطلبة العرب ولأبنائنا الكويتيين بالطبع ، ونحن جاهزون لتذليل أي عقبات أو مشكلات تعترضهم ، والعمل على معالجتها ، وتوفير كل السبل الكفيلة بتهيئة المناخ الصحي والمناسب لدراستهم وتفوقهم ، وإشعارهم بأنهم في وطنهم الثاني مصر ، وأنهم لم يغادروا بلادهم أو يفارقوها .
ولا بدّ أن ننوه هنا بما يتمتع به وزير التعليم العالي المصري من علم وثقافة وخلق رفيع ، وهي سمات ليست بغريبة عن أبناء الكنانة ، وكذلك إيمانه العميق بالأخوة الخالصة التي تجمع بين الشعبين الشقيقين الكويتي والمصري .
من جهتنا فإننا سنواصل متابعة قضايا وشؤون أبنائنا الدارسين في مصر ، ، والتواصل مع الجهات المعنية في الكويت ومصر ، للاطمئنان على سير دراستهم ، وتوافر كل العوامل المشجعة لهم على النجاح والتفوق ، إدراكا منا لكونهم الشريحة الأكبر التي تمثل الكويت في مصر ، ورغبتنا في أن نراهم في أفضل وضع وأحسن حال .. وما نفعله هو أيضا امتداد لتلبية توجيهات صاحب السمو الأمير ، في لقاءاته المتكررة معنا ، ودعوته لأن نكون دوماً رهن مصلحة الكويت وأبنائها ، وحيثما وجدنا مناسبة للإسهام في تحقيق هذه المصلحة ، فينبغي علينا ألا نقصر في ذلك بأي وجه من الوجوه .
ولا يفوتنا بالطبع أن نتوجه بالشكر والتقدير الكبيرين ، إلى وزير التربية وزير التعليم العالي الكويتي الدكتور بدر العيسى ، خصوصا في ضوء ما لمسته من تقدير رفيع له من نظيره المصري الدكتور الشيحي ، وإشادته بجهوده المبذولة لتطوير التعاون التعليمي والأكاديمي بين الكويت ومصر ، وكذلك مكتبنا الثقافي والمستشار الثقافي بالقاهرة الدكتور فريح العنزي ، الذي يبذل جهودا طيبة ومشكورة لخدمة أبنائه الطلبة ، وتيسير أمورهم ، وهو ما يطمئننا إلى أن مستقبل أبنائنا الطلبة بأيدٍ أمينة ومخلصة ، من قبل القائمين على التعليم في الكويت ومصر .