![](/media/cache/69/11/69114cd9d2d290f8d04ee57d92dbe569.jpg)
عواصم – «وكالات» : بعد الإعلان عن توقيع الاتفاق النووي الذي ابرمته ايران مع الدول الكبرى ، بات السؤال المطروح إقليميا ودوليا الآن هو : ما موقف دول مجلس التعاون الخليجي من هذا الاتفاق ، وما الذي تنوي فعله مستقبلا ؟
والملاحظ حتى الآن أن دول الخليج استقبلت الاتفاق بحذر وشيء من الفتور، اذ تخشى بحسب المراقبين من ان يؤدي الوضع الجديد الى تقوية طهران التي يتهمونها بالتدخل بشؤون المنطقة.
كما قد يدفع الاتفاق دول الخليج الى المضي قدمًا في برنامج نووي خاص بها ، اذا ما شعرت بأن الجمهورية الاسلامية تستمر بالعمل على صنع سلاح نووي.
ولعل الموقف الاكثر فتورًا وحذرًا عبرت عنه السعودية، القوة الكبرى في دول الخليج العربية، اذ اشادت بعدم رفع عقوبات التسلح عن ايران دون التعبير عن أي اشادة بالاتفاق.
في المقابل كان الموقف الاماراتي الاكثر حرارة، اذ اعتبر مصدر مسؤول في تصريح لوكالة فرانس برس أن الاتفاق يمكن ان يشكل «صفحة جديدة» في العلاقات الاقليمية، فيما هنأت القيادة الاماراتية طهران بالاتفاق «التاريخي»، وهي الصفة نفسها التي اطلقها سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد ، في برقيتي تهنئة بعث بهما إلى كل من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي والرئيس الإيراني حسن روحاني .. ويرى مراقبون أن الموقف الكويتي ينسجم تماما مع توجهات مجلس التعاون الخليجي في هذ الشأن ، حيث كان المجلس يدعو في كل بياناته إلى حل الأزمة بين إيران والدول الكبرى ، بما يسمح لها بإقامة برنامج للطاقة النووية السلمية ، وعدم السماح بتطويره إلى برنامج عسكري ، حتى لا يشكل تهديدا للمنطقة ولإيران ذاتها .
اما ملك البحرين حمد بن عيسى فقد تمنى في برقية ارسلها الى القيادة الايرانية نهاية التدخل في شؤون الجوار، فيما وصفت الخارجية القطرية الاتفاق بأنه «خطوة هامة».
وقال مصدر دبلوماسي غربي لوكالة فرانس برس إن «السعوديين يعتقدون بأن الاتفاق خطأ، الا انهم لا يعبرون بصوت عالٍ عن ذلك».
وذكر المصدر أن الرياض يمكن ان تنخرط في برنامج نووي اذا ما كانت مقتنعة بأن ايران مستمرة في العمل للحصول على اسلحة دمار شامل.
واعتبر المصدر أن السعودية «يمكن ان تعتمد على خبرة حليفها الباكستاني».
وفي كل الاحوال، فإن المخاوف من البرنامج النووي جزء فقط من مخاوف دول الخليج ازاء ايران.
وقال المحلل والكاتب السياسي المقيم في لندن عبدالوهاب بدرخان لوكالة فرانس برس إن «القلق الخليجي يختصر بموضوعين بعد الاتفاق النووي : اولا ما هي التداعيات الاقتصادية مع عودة النفط والغاز الى السوق، وثانيًا، وهو الاهم، ما هي التداعيات السياسية لذلك».
والاتفاق الذي يقلص البرنامج النووي الايراني، يرفع عن ايران العقوبات تدريجيًا ويعيد لها عشرات المليارات من الاموال المجمدة، فضلاً عن انه يفتح الباب امام عودة الانتاج النفطي والغازي الايراني الى الاسواق العالمية، وقد يكون ذلك على حساب حصة السعودية ودول الخليج، شريكات ايران في منظمة «اوبك» للدول المصدرة للنفط.
وفي الوقت نفسه ، تسبب سعي واشنطن الحثيث للتوصل الى اتفاق مع ايران الى اثارة ريبة دول الخليج، ولم تنجح رسائل الرئيس الاميركي باراك اوباما في طمأنة حلفائه التاريخيين في الخليج.
وقال بدرخان إن «الخليجيين عموما ينظرون بتوجس وقلق تجاه ايران والولايات المتحدة على حد سواء».
ولا تعول دول الخليج على الارجح كثيرًا على تغيير كبير وفوري في سياسة ايران في المنطقة.
وقال المحلل السياسي الاماراتي عبدالخالق عبدالله إن «ايران التي تستمر مع الايديولوجيا نفسها بالتدخل في شؤون دول المنطقة ، هي اكثر خطورة من ايران النووية».
وترى دول الخليج أن ايران تنتهج سياسة توسعية في المنطقة، وهي تستخدم لذلك المجموعات الشيعية في الجوار.
وتتواجه السعودية مع ايران بشكل غير مباشر في اليمن ، حيث تقود المملكة حملة عسكرية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من طهران، وفي سوريا حيث تدعم المملكة المعارضة في مواجهة نظام بشار الاسد الحليف لطهران وحزب الله الشيعي اللبناني.
كذلك تتهم دول الخليج ايران بالتدخل بشؤون العراق من خلال المجموعات الشيعية المسلحة ، وبدرجة اقل في البحرين .
وكتب عبدالله في تغريدة على تويتر «لا يمكن خليجيًا السماح لميزان القوة أن تميل كثيرًا لصالح ايران، وعليها (دول الخليج) بذل جهد خارق لتقليم اظافر ايران المذهبية كما تم تقليم اظافرها النووية».
واضاف في تغريدة اخرى، «رغم ان الاتفاق قلم اظافر ايران النووية ، لكن لا بد من الخيار النووي لدول الخليج ، ما يعني سباق تسلح تقليدي وصاروخي ونووي سيستمر عشر سنوات قادمة».