
فيينا – عواصم - «وكالات» : وسط ترحيب دولي وترقب خليجي وقلق إسرائيلي ، أبرمت إيران والدول الست الكبرى رسمياً الاتفاق حول الملف النووي الإيراني، أمس الثلاثاء، في فيينا، وأعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيرين عن انتهاء المفاوضات التي استمرت 21 شهراً ، وحذر الرئيس الأمريكي باراك أوباما من أن العقوبات يمكن أن تعاد خلال فترة 65 يوما عند حدوث أي خرق لبنود المعاهدة ، فيما سيصدر مجلس الأمن قرارا منتصف الشهر ، تماشيا مع الاتفاق النووي في فيينا.
وقال مراسلون في فيينا إن المفتشين الدوليين سيتمكنون من الدخول إلى جميع المواقع النووية المشتبه بها، ولن تكون هناك زيارات مفاجئة، ولن يلتقي المفتشون مع العلماء النوويين الإيرانيين ، ونقل بعضهم عن دبلوماسي أوروبي، تأكيده أن حظر الأسلحة على إيران سيبقى قائماً لخمس سنوات، وعلى الصواريخ ثماني سنوات.
وأعلن مسؤول إيراني أن بلاده وافقت في إطار الاتفاق مع الدول الكبرى على السماح بزيارات محدودة لمواقع عسكرية ، في إطار البروتوكول الإضافي الذي يتيح مراقبة معززة للبرنامج النووي الإيراني.
وتابع المسؤول: «مواقعنا العسكرية ليست مفتوحة أمام الزوار ، لأن كل دولة لها الحق في حماية أسرارها وإيران ليست استثناء. إلا أن إيران ستطبق البروتوكول الإضافي لمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية ، وستسمح بناء على ذلك بزيارات محددة» لبعض المواقع العسكرية التي يحددها نص البروتوكول.
وأظهر نص الاتفاق، نقلاً عن موقع وزارة الخارجية الروسية ، أنه سيكون بوسع إيران إجراء أعمال بحث وتطوير تتعلق باليورانيوم لاستخدامه في أجهزة طرد مركزي متطورة خلال أول عشر سنوات من الاتفاق النووي بين الطرفين.
وجاء في نص الاتفاق المنشور: «ستواصل إيران أعمال البحث والتطوير الخاصة بالتخصيب على نحو لا يتيح تراكم يورانيوم مخصب».
وأعلن دبلوماسي فرنسي أن الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني سيتيح رفع العقوبات المفروضة على طهران تدريجياً ، اعتباراً من مطلع 2016 ، لكنه ينص على إعادة فرضها في حال إخلال الجمهورية الإسلامية بالتزاماتها.
ولن يكون بالإمكان رفع العقوبات الأولى إلا بعد اجتماع للوكالة الدولية للطاقة الذرية مقرر في أواسط ديسمبر من أجل تقييم التزام ايران، بحسب المصدر نفسه.
من جهتها، وفي أولى ردود الفعل اتهمت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي تسيبي هوتوفلي القوى الغربية بالاستسلام لإيران .
وأضافت على «تويتر» «هذا الاتفاق استسلام تاريخي من جانب الغرب لمحور الشر وعلى رأسه إيران... ستعمل إسرائيل بكل وسيلة ممكنة لوقف التصديق على الاتفاق.»
واعتبر بنيامين نتانياهو الاتفاق «خطأ تاريخيا». وقال في بداية اجتماعه مع وزير الخارجية الهولندي بيرت كوندرز، «تم تقديم تنازلات كبرى في جميع القضايا التي كان من المفترض أن تمنع إيران فيها من امتلاك قدرة على التزود بأسلحة نووية».
وقد يكون نتنياهو الخاسر الأكبر من الاتفاق، كما أنه لم يتبق له غير معركة خاسرة على الأغلب داخل الكونغرس لإقناع 13 ديمقراطيا بالانضمام إلى 54 جمهوريا لإسقاط الاتفاق في الكونغرس خلال شهري دراسته هناك، وستزيد المحاولة الشرخ مع أوباما إلى جانب غياب منطق ضربة إسرائيلية لإيران قال لها العالم لا بالاتفاق.
وقالت وكالة «فارس» إن مسودة الاتفاق تنص على تفتيش جميع المواقع الإيرانية بما فيها العسكرية، وعلى زيارةٍ واحدة لموقعِ «بارشين العسكري».
وأعلن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أن الاتفاق حول الملف النووي الإيراني الذي تم التوصل إليه أمس الثلاثاء، بين إيران والدول الست الكبرى هو «لحظة تاريخية»، فيما رأت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، أنه «بارقة أمل للعالم بأسره».
وقال ظريف مفتتحاً الاجتماع الموسع الذي يختتم أكثر من 17 يوماً من المفاوضات في فيينا: «إنها لحظة تاريخية»، فيما أبدت موغيريني ارتياحها، لأنه يعتبر «بارقة أمل إلى العالم بأسره»، ويفتح «فصلاً جديداً في العلاقات الدولية».
وقال ظريف في مؤتمر صحافي مشترك مع موغيريني: «نحن نتوصل إلى اتفاق ليس مثالياً بالنسبة للكل، لكن هذا ما يمكن أن نحققه، وهو إنجاز هام بالنسبة لنا جميعا».
من جانبها، قالت موغيريني إن الاتفاق الذي وقع في فيينا بعد مفاوضات طويلة هو أكثر من مجرد مسألة نووية.
أضافت: «إنه قرار يمكن أن يمهد الطريق أمام مرحلة جديدة في العلاقات الدولية، ويثبت أن الدبلوماسية والتنسيق والتعاون يمكنها أن تتخطى عقوداً من التوترات والمواجهات.
ونقلت وكالة اسوشييتد برس للأنباء عن دبلوماسي غربي لم تذكر اسمه قوله إن الصفقة تشمل التوصل الى تسوية بشأن تفتيش المواقع النووية، تسمح للمفتشين التابعين للأمم المتحدة بمراقبة المواقع العسكرية الإيرانية، بيد أنه يمكن لإيران أن تبدي الاعتراض على بعض طلبات دخول هذه المواقع.
في تطور منفصل، قال رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو إنه وقع مع الجانب الإيراني على خارطة طريق لحل عدد من القضايا العالقة.
واشار أمانو أنه يتوقع اكتمال عملية تقييم لأي بعد عسكري محتمل في البرنامج النووي الإيراني بحلول نهاية هذا العام.
و نقلت وكالة رويترز عن دبلوماسيين قولهم إن إيران وافقت على بند يشير أن العقوبات يمكن أن تعاد خلال فترة 65 يوما عند حدوث أي خرق للاتفاق.
كما أشارت الى أن الحظر الأممي على تصدير الأسلحة الى إيران سيبقى لمدة خمس سنوات، وكذلك الحال مع الحظر على الصواريخ يظل لمدة ثمانية أعوام بعد الاتفاق.
ونقلت وكالة ذاتها عن دبلوماسيين إيرانيين لم تذكر اسميهما تأكيدهما في وقت سابق الثلاثاء التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج بلادهما النووي.
وتطالب مجموعة بي 5 زائد واحد «التي تضم كل من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، الولايات المتحدة، بريطانيا،فرنسا،روسيا والصين، فضلا عن ألمانيا» إيران بتقليص نشاطاتها النووية الحساسة لضمان أنها لن تتمكن من صنع أسلحة نووية.
وتحرص إيران، التي تسعى إلى رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها، على التأكيد على أن برنامجها النووي مخصص كليا للأغراض السلمية.
لكن الاتفاق طويل الأمد بشأن البرنامج النووي الإيراني إذا تم التوصل إليه، سيواجه جولة جديدة صعبة في الكونغرس الأمريكي، الذي من الممكن أن يرفضه تاركا العقوبات المفروضة على إيران كما هي.
وتعارض مثل هذا الاتفاق حليفتا الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، إسرائيل والمملكة العربية السعودية، اللتان تشعران بزيادة خطر التهديد الإيراني في حالة رفع العقوبات الدولية عنها.
في سياق متصل وفور الإعلان عن الاتفاق النووي مع إيران، الثلاثاء، تراجعت أسعار النفط أكثر من دولار، وسيبدأ مجلس الأمن مشاوراته لتصديق الاتفاق خلال ثلاثة أيام ليصبح ساري المفعول.
وقالت تقارير إن الاتفاق يخفف تدريجياً العقوبات المفروضة على طهران ويزيد صادراتها النفطية تدريجيًا.
وأضافت ان سعر خام برنت هبط في العقود الآجلة تسليم شهر أقرب استحقاق أكثر من 2% أو ما يزيد على دولار إلى 56.66 دولاراً للبرميل الساعة السابعة بتوقيت غرينتش. وتراجع سعر الخام الأميركي 1.21 دولار إلى 50.99 دولاراً للبرميل.
ويقول محللون إن إيران ستحتاج أشهراً كثيرة كي تتمكن من الوصول لطاقتها التصديرية الكاملة ، بعد أي تخفيف للعقوبات. لكن حتى أي زيادة مبدئية متواضعة في الإنتاج ستكون كافية لحدوث مزيد من التراجع في الأسعار العالمية للنفط، حيث ينتج السوق بالفعل نحو 2.5 مليون برميل يوميًا فوق مستوى الطلب.
إلى ذلك، ذكرت وكالة «تاس» الروسية للانباء نقلا عن مصدر مطلع انه وبعد الوصول الى حصيلة للمفاوضات النووية ، سيتم رفع مسودة القرار المتعلق بها الى مجلس الامن الدولي خلال فترة قصيرة لتجري هنالك المصادقة عليها.
وقالت الوكالة نقلاً عن هذا المصدر الذي هو عضو في احد الوفود الغربية المشاركة في مفاوضات فيينا حول النووي الايراني، بأن هذا المسار من الممكن ان يكتمل حتى نهاية شهر يوليو الجاري.
واضاف المصدر الدبلوماسي آخر بأن مسودة القرار يمكن تقديمها الى امانة مجلس الامن الدولي في غضون يوم الى 3 ايام.
وقالت الوكالة بأن قرار مجلس الامن يتضمن تفاصيل تعهدات الطرفين حول قضية الحظر وآليات المراقبة وكذلك معالجة الخلافات المحتملة.
وقبل ذلك اوردت وكالة «رويترز» نقلاً عن مصدر مطلع بأنه في الحالة المثالية يمكن المصادقة على القرار المذكور حتى نهاية الشهر الجاري.