
أكد أعضاء السلطة القضائية ان اقرار مشروع القانون المقدم من السلطة التنفيذية لا يمثل طموح رجال القضاء وتطلعاتهم ، وسوف يفتح الباب للطعن فيه أمام المحكمة الدستورية ، محذرين من أن هذا المشروع «يكرس بشكل فاضح هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية ، وضمنته مواد تنسف القلة الباقية من الاستقلال الإداري للسلطة القضائية في قانون تنظيم القضاء الحالي ، وجعلت من وزير العدل هو المسيطر على مقاليد الأمور الإدارية والمالية ، وهمشت دور المجلس الأعلى للقضاء الممثل للسلطة القضائية» .
وأوضح القضاة في بيان أصدروه عقب اجتماعهم أمس في مسرح قصر العدل ، لمناقشة مشروع القانون المقدم من وزير العدل بتعديل مرسوم بالقانون رقم 23 لسنة 1990 في شان تنظيم القضاء أن «المتأمل لنصوص ذلك المشروع يصل الى نتيجة مفادها أن السلطة التنفيذية لا تؤمن باستقلال السلطة القضائية ، وتعتبرها أحد المراق الملحقة لها» ، معلنين في الوقت نفسه عن «سحب الشكوى المقدمة ضد الوكلاء ، وايقاف اجراءات تنفيذ الأحكام الصادرة لمصلحة بعض رجال القضاء» ، وذلك «تجاوبا مع المساعي الحميدة التي قام بها رئيس مجلس الأمة ، وبتوجيهات سامية من صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه ، في تقريب وجهات النظر حول مشروع قانون السلطة القضائية» .
وفي ما يلي نص البيان الصادر عن اجتماع القضاة :
ان استقلال القضاء يعد من أهم أركان العدالة ويؤدي بالقطع الى نيل ثقة المجتمع وبالتالي الى زيادة الثقة بالدولة ودورها المنشود في احقاق الحق، ومما لا شك فيه ان القاضي يعد بمثابة القطب من الرحى بالنسبة للعدالة، لذلك سعت التشريعات الحديثة الى توفير المزيد من الضمانات لاستقلال القضاء وتوفير سبل العيش الكريم لرجاله .
لقد تعرض القضاء الكويتي الى هجمة وتشويه للسمعة خلال الفترة الماضية لم يطله في تاريخه، إلا انه ومع ذك صمد رجال القضاء في وجه تلك الهجمة الشرسة ونأي بنفسه عن الدخول في التجاذبات ، ووقف شامخا مؤديا واجباته الرسالية ، باعتبار أنه مكمن الأمن وحصن الدولة الحصين والتي يلجأ اليه كل طالب للحق.
وايمانا من المجتمعين أن استمرار المحافظة على نزاهة القضاء وهيبته تكمن في تعديل القوانين المنظمة لشئونه وأهمها المرسوم بالقانون رقم 23 لسنة 1990 في شأن تنظيم القضاء بان يرتكز التعديل على ثلاث مسائل أساسية وهي:
اصلاح البناء الداخلي للسلطة القضائية، الاستقلال المالي والإداري للسلطة القضائية، التأمينات المالية والاجتماعية الخاصة برجال القضاء.
وقد نازعت السلطة التنفيذية السلطة القضائية في إقرار تلك المبادئ ووضعت امامها في مجالات عديدة الموانع والعراقيل لمنع تحقيقها، مما اضطر عددا من رجال القضاء الى رفع عدد من القضايا سعيا للحصول على تلك الحقوق، وقد باشر رجال القضاء في تنفيذ الأحكام، الا انه وبعد تولي وزير العدل الحالي حقيبة الوزارة وأمام تعهده بالمضي الى الاستقلال المالي والإداري ، عبر قانون يتم التوافق عليه بين السلطات الثلاثة فان رجال القضاء المقضي لهم ، أوقفوا جميع الاجراءات اللازمة لتنفيذ الحكم .
وقد تم اعداد مشروع قانون للسلطة القضائية من بعض رجال القضاء ، وتم عرضه على المجلس الأعلى للقضاء ، يتضمن تنظيم القضاء تنظيما حديثا يواكب التطورات الحالية للدولة ، ويضع الحلول للمشاكل التي تواجهه ، كما نظم مخاصمة القضاء ، ووضع أسس يستطيع من خلال المتضرر اقتضاء حقه في حالات يحددها القانون ، كما نص المشروع على استقلال اداري ومالي للقضاء حسبما نص على الدستور وأعطى للسلطتين التنفيذية والتشريعية الحق في مشاركة السلطة القضائية في بعض المواضع من القانون ، ومنها على سبيل المثال اقرار ميزانية السلطة القضائية بالتوافق بين السلطات الثلاث ، وهي احدى مظاهر التعاون بين السلطات التي نص عليها الدستور.
وامام مشروع القانون المتكامل الذي أعده رجال القضاء، وضعت السلطة التنفيذية مشروعا بقانون بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم القضاء ، يكرس بشكل فاضح هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية ، وضمنته مواد تنسف القلة الباقية من الاستقلال الإداري للسلطة القضائية في قانون تنظيم القضاء الحالي ، وجعلت من وزير العدل هو المسيطر على مقاليد الأمور الإدارية والمالية ، وهمشت دور المجلس الأعلى للقضاء الممثل للسلطة القضائية ، ان المتأمل لنصوص ذلك المشروع يصل الى نتيجة مفادها أن السلطة التنفيذية لا تؤمن باستقلال السلطة القضائية ، وتعتبرها أحد المراق الملحقة لها.
ان اقرار مشروع القانون المقدم من السلطة التنفيذية لا يمثل طموح رجال القضاء وتطلعاتهم ، وسوف يفتح الباب للطعن فيه أمام المحكمة الدستورية.
وتجاوبا مع المساعي الحميدة التي قام بها رئيس مجلس الأمة ، وبتوجيهات سامية من صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه ، في تقريب وجهات النظر حول مشروع قانون السلطة القضائية ، ورغبة منا في احياء نقاش علمي موضوعي ومحايد ، بعيدا عن وسائل الضغط والتأثير في هذا الاتجاه او ذاك، فاننا نعلن عن سحب الشكوى المقدمة ضد الوكلاء ، وايقاف اجراءات تنفيذ الأحكام الصادرة لمصلحة بعض رجال القضاء.