
أثار الهجوم الذي تعرض له وزير التجارة والصناعة د . عبدالمحسن المدعج، من جانب رئيس لجنة التحقيق البرلمانية في قضية هيئة أسواق المال، على خلفية الجدال الدائر حاليا بشأن تجاوزات منسوبة للهيئة، قضية أخرى تتعلق بالصلاحيات الدستورية لعضو مجلس الأمة، ومدى التزام العضو بالدستور واللائحة الداخلية للمجلس في ممارسته لهذه الصلاحيات .
في هذا السياق أكدت مصادر نيابية أن الأدوات الدستورية الممنوحة للنائب، بحكم عضويته في البرلمان، هدفها تمكينه من ممارسة الرقابة على العمل الحكومي، وتقويم مسار هذا العمل، ومحاسبة الوزير إذا ثبت ارتكابه مخالفات وتجاوزات إدارية أو مالية، أو وقع في وزارته أي نوع من الخلل يستدعي مساءلته .
وأوضحت المصادر أنه لكي تتحقق المصداقية للنائب في ممارسته لصلاحياته الدستورية، لا بد أن يبتعد عن «الانتقائية» و«الشخصانية»، وأن يكون هدفه الوحيد هو خدمة وطنه ومواطنيه وليس شيئا آخر، متسائلة في الوقت نفسه : هل في الهجوم الشرس الذي استهدف الوزير المدعج خلال الأيام القليلة الماضية أي مصلحة للوطن أو للمواطنين ؟!
أضافت : هل يجوز الحكم المسبق على الوزير في موضوع التجاوزات المنسوبة إلى هيئة أسواق المال، قبل انتهاء لجنة التحقيق البرلمانية المختصة من عملها ؟ خصوصا إذا صدر هذا الهجوم من نائب يترأس هو نفسه لجنة التحقيق ويفترض فيه الحياد والموضوعية، ضمانا لنزاهة التحقيق وخروجه بنتائج عادلة ومنصفة لكل الأطراف، بعيدا عن أي تحيزات أو أحكام مسبقة ؟
المصادر ذاتها نبهت إلى أن ما ذكره رئيس اللجنة عن عدم تعاون وزير التجارة والصناعة، في موضوع هيئة أسواق المال، هو أمر مجافٍ للحقيقة، فمحاضر لجنة التحقيق تثبت حضور د . المدعج جميع الاجتماعات التي دعي إليها «من منطلق إيمانه بأهمية دور المؤسسة التشريعية»، كما ذكر هو في تصريح سابق له، قال فيه أيضا : إنه «كان دائما يقف في صف اللجنة ودورها في الحصول على كل المعلومات والبيانات التي تخدم التحقيق».
واستطردت المصادر بالقول : إن المدعج ليس من أولئك الوزراء الذين يمكن أن ترهبهم «فزاعة» التهديد بالاستجوابات، فهو – بشهادة الكثير من النواب – «من الشخصيات الوطنية التي تشهد له مواقفه السياسية وتاريخه الوطني بالالتزام بالنصوص الدستورية سواء حين كان نائبا سابقا أو وزيرا»، وهو – كما وصفه أحد النواب أيضا «يدفع ثمن مواقفه الصلبة في مواجهة الفساد ومن يقف خلفه»، فضلا عما عرف به من كونه احد الوزراء المتعاونين مع مجلس الأمة، ومن ثم فإنه بصفاته تلك يقطع الطريق على أي محاولة لتصيد الأخطاء له، أو اتهامه بارتكاب مخالفات أو تجاوزات دستورية أو قانونية .
واختتمت المصادر حديثها بالقول: إن رغبة أي نائب في استجواب الوزير هي رغبة مشروعة وتساندها النصوص الدستورية، بشرط الابتعاد عن «التعسف» والشخصانية، مستشهدة في هذا الصدد بما ذكره الوزير المدعج نفسه للنائب الذي يهاجمه، عندما دعاه إلى ممارسة صلاحياته الدستورية، قائلا له: «هناك منصتان، إحداهما للنائب والأخرى للوزير»، وهو قول لا يصدر إلا عن وزير يدرك أنه يستند إلى أرضية صلبة، أساسها احترام الدستور والقانون، وحرصه على المصلحة العامة، ولا يبالي بعد ذلك بصعود المنصة لأن لديه ما يجيب عنه عن طروحات مستجوبه، وما يوضح به موقفه للرأي العام.