
قبل أيام قليلة من دخول رمضان، اختار سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد هذا التوقيت موعدا لكلمته التي وجهها إلى أبنائه وإخوانه المواطنين، لتكون محفوفة بالنفحات الطيبة لهذا الشهر المبارك، وليكون تأثيرها في النفوس والقلوب أعمق وأرسخ.. ولذلك استهل سموه كلمته بالتذكير بالآية الكريمة : «وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الارض إن الله لا يحب المفسدين»، وحين أراد التنبيه إلى خطورة ترويج الشائعات والأقوال التي لا يسندها دليل، استرجع الحديث النبوي الشريف «كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع»، وعلى هذا النحو سارت الكلمة السامية، تمزج بين القيم الدينية والوطنية، لتوجه من خلالها رسائل بالغة الأهمية في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد.
ولا يسع المرء إلا أن يتوقف عند بعض هذه الرسائل وما تحمله من دلالات وإشارات، وفي الصدارة منها ما حرص صاحب السمو على تأكيده في غير موضع، ونعني به ضرورة التمييز بين الحرية والفوضى، ووضع ضوابط ومعايير لحرية الرأي، حتى لا تصبح وبالا على الكويت وشعبها، ومن هنا تنبع أهمية قول سموه: «الحرية والمسؤولية صنوان لا يفترقان، وإلا فسوف تكون الفوضى بديلا للحرية، ويكون الدمار بديلا للبناء ويحل الجدل والصراع بديلا للحوار والإنجاز»، وتذكيره للجميع بأنه « لا خير في حرية تهدد أمن الكويت وسلامتها، ولا خير في حرية تنقض تعاليم ديننا وشريعتنا، أو تهدم القيم والمبادئ والأخلاق، أو تتجاوز القانون وتمس احترام القضاء، ولا خير في حرية تشيع الفتنة والتعصب وتجلب الفوضى والخراب والدمار».
كما أن من المهم جدا أيضا التوقف عند تحذير صاحب السمو من خطورة أن يكون وراء ترويج الشائعات حول القضية المثارة، رغم إحالتها إلى النيابة العامة، بالإضافة الى تواتر افتعال الأحداث والأزمات، «مخطط مدروس واسع النطاق، يهدف الى هدم كيان الدولة ودستورها، وتقويض مؤسساتها وزعزعة الأمن والاستقرار فيها وشل أجهزتها»، وهو ما يفضي بنا – كما نبهت الكلمة السامية بحق – إلى «القضاء على القيم والثوابت التي بني على أساسها مجتمع الكويت، ونزع ثقة المواطنين في مستقبل بلادهم، وإضعاف الوحدة الوطنية، وتمزيقها فئات متناحرة وطوائف متناثرة، وجماعات متنازعة، حتى تصبح الكويت لا قدر الله لقمة سائغة، وفريسة سهلة للحاقدين والطامعين».
لقد وضع صاحب السمو الأمير يده على الجرح، وكان كعهده مع شعبه واضحا وصريحا وشفافا، فطرح الحقائق كاملة أمام المواطنين، وأشركهم في المسؤولية عن حماية أمن الوطن واستقراره، وذكرهم بأمهم الكويت «النعمة الغالية التي انعمها الله على أجدادكم، وبها أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، والتي كفلت لكم ولأبنائكم الحرية والكرامة والرفاه والحياة الكريمة»، مرددا سموه التساؤل القرآني الحكيم : «هل جزاء الإحسان إلا الإحسان»؟
إن الكلمة السامية تجعل من كل مواطن خفيرا وحارسا أمينا على المال العام، وعلى أمن الوطن واستقراره، وتصر على طرح السلبية جانبا، والتحلي بالروح الإيجابية التي يكون المواطن فيها شريكا وعضيدا للقيادة السياسية في الحفاظ على الديمقراطية ومبادئ الدستور والقانون واحترام القضاء، والحفاظ على الكويت الغالية وصيانتها من كل من يتربص بها سوءا، أو يريد بها شرا.
حفظ الله الكويت وأميرها وقائدها الحكيم، وشعبها الطيب الوفي. . وكل عام وأنتم بخير.