
طرابلس – بنغازي – «الرياض» أفادت وكالة الأنباء السعودية بأن المملكة أغلقت سفارتها في طرابلس الليبية وأجلت العاملين بها.
وفي سياق متصل، قال السفير محمد العلي، سفير السعودية لدى ليبيا، ، إنه موجود في بلاده حالياً في إطار إجازة خاصة، وإن الأمر لا يتعلق بمغادرة ليبيا جراء تدهور الأوضاع الأمنية فيها، خاصة في أعقاب اختطاف السفير الأردني بالعاصمة طرابلس من قبل مجموعة من المسلحين، وقال: «سأعود بإذن الله، إن لم يستجد جديد».
وأكد السفير العلي استمرار عمل سفارة السعودية في طرابلس رسمياً، وقال: «إن الوضع الأمني في ليبيا مقلق نظراً للكميات الهائلة المنتشرة من قطع السلاح»، مشيراً إلى تخفيض أعداد البعثة الدبلوماسية والعاملين بالسفارة «بما يتلاءم مع حاجة العمل والظروف الأمنية».
من جهة أخرى، أعرب السفير السعودي عن قلقه من سيطرة الثوار على إدارة مطار طرابلس والتحكم فيه، وقال إن «هناك الكثير من الجوازات المزورة والتأشيرات غير السليمة التي تخرج من المطار جراء الثغرات الأمنية».
من جهة أخرى مددت السلطات الليبية أمس إغلاق مطار بنغازي حتى يوم 25 من الشهر الجاري، وذلك لأسباب أمنية كما قالت.
يأتي هذا فيما لا يزال التوتر يخيم على ليبيا في ظل تطورات أمنية وسياسية متلاحقة، فقد اندلعت صباح أمس اشتباكات في مدينة بنغازي شرق البلاد بين قوات تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر ومسلحين.
وأعلن قائد قاعدة بنينا الجوية العسكرية في بنغازي بشرق ليبيا العقيد سعد الورفلي لوكالة «فرانس برس» أن مسلحين شنوا ليل الأحد الاثنين قصفاً صاروخياً على القاعدة، من دون أن يسفر هجومهم عن وقوع ضحايا.
وقال العقيد الورفلي: «هناك قصف صاروخي على القاعدة، ولكن حتى الساعة الأمر ليس بالخطير»، متهماً جماعات إسلامية متشددة بالوقوف خلف الهجوم. وأضاف أن الصواريخ سقطت في أرض خلاء.
ويأتي هذا الهجوم رداً على غارات جوية شنتها الجمعة طائرات يقودها ضباط في سلاح الجو ضد مواقع عسكرية تابعة لجماعات إسلامية متشددة في عاصمة الشرق الليبي.
وانضم هؤلاء الضباط إلى قوة يقودها اللواء المتقاعد في الجيش خليفة حفتر الذي شارك في الثورة على نظام العقيد الراحل معمر القذافي في 2011.
وبلغت حصيلة المواجهات العنيفة التي اندلعت في بنغازي يومي الجمعة والسبت، حوالي سبعين قتيلاً وأكثر من 140 جريحاً، بعدما شنت قوات موالية لحفتر هجوماً على من أسمتهم بالإرهابيين.
وفي التطورات أيضاً، قال الناطق باسم القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، الرائد محمد حجازي، في مداخلة مع قناة «العربية» إن التحرك الحالي للجيش الليبي يستهدف الجماعات المتطرفة وحلفاءها من جماعة الإخوان، معتبراً أن هذه الجماعات تتبع نفس نهج الإخوان، وليست معنية سوى بالمصالح الدنيوية.
يأتي ذلك فيما أعلن الجيش الليبي تجميد عمل المؤتمر الوطني العام وتكليف حكومة الطوارئ مواصلة تسيير الأعمال إلى حين إجراء الانتخابات.
وشنت قوات حفتر صباح الجمعة، مدعومة بإسناد جوي من طائرات ومروحيات عسكرية، هجوماً على جماعات إسلامية متشددة في بنغازي، معقل العديد من الجماعات الإسلامية المجهزة بأسلحة ثقيلة. وأسفرت تلك الاشتباكات عن 79 قتيلاً و141 جريحا، بحسب وزارة الصحة، في حين وصفت السلطات الانتقالية هذا الهجوم بالمحاولة الانقلابية.
وتعرض مقر قناة «ليبيا الدولية» التلفزيونية في العاصمة الليبية طرابلس ليل الأحد الاثنين لقصف صاروخي، وذلك بعيد بث هذه القناة الخاصة بياناً تلاه عقيد في الجيش الليبي أعلن فيه باسم الجيش تجميد عمل المؤتمر الوطني العام، أعلى سلطة في البلاد.
وقال صحافي يعمل في القناة لوكالة «فرانس برس» طالباً عدم ذكر اسمه إن «ما لا يقل عن أربعة صواريخ سقطت في مقر القناة. هناك أضرار مادية ولكن الاعتداء لم يسفر عن ضحايا».
ووقع الهجوم بعيد بث هذه القناة الخاصة بياناً تلاه العقيد مختار فرنانة، الذي قدم على أنه آمر الشرطة العسكرية في الجيش، وأكد أنه يتحدث «باسم الجيش»، معلناً فيه «تجميد» عمل المؤتمر الوطني العام، أعلى سلطة سياسية في البلاد.
وأضاف أن الجيش قرر أيضاً تكليف لجنة الستين لصياغة الدستور التي انتخبت في فبراير «بالقيام بالمهام والاختصاصات التشريعية في أضيق نطاق ممكن، وكذلك الاختصاصات الرقابية على أداء حكومة الطوارئ الموقتة والإشراف، بالاشتراك مع المفوضية العليا للانتخابات على إنجاز الاستحقاقات الانتخابية البرلمانية والرئاسية في مواعيدها».
كما قرر الجيش، بحسب فرنانة، تكليف الحكومة الموقتة برئاسة عبد الله الثني بتصريف الأعمال.
وفي تطور نوعي، انضمت القاعدة الجوية في طبرق مع لواء القعقاع، وكتيبة «الصواعق»، إلى قوات الجيش الوطني، بقيادة اللواء حفتر في حربه ضد المتطرفين من قوات ما يسمى بـ «17 فبراير» و«أنصار الشريعة»، وهما جماعتان متهمتان بالإسلام السياسي المتشدد، لدرجة القرب من القاعدة.
يذكر أن اللواء الأول لحرس الحدود المعروف بالقعقاع، وكتيبة الصواعق في طرابلس، وكذلك قوات الجيش الوطني بقيادة حفتر في بنغازي، كانت جزءاً من الجيش الليبي، منذ إعلان دمج الثوار في الجيش عقب سقوط نظام القذافي، وتعتبر من الكتائب عالية التدريب، وقد عملت على تحرير رئيس الوزراء السابق علي زيدان بعد اختطافه الذي اتهمت به غرفة ثوار ليبيا في أكتوبر الماضي.
وانضمت غرفة ثوار ليبيا المقربة من الإخوان المسلمين إلى المعارك الدائرة ضد لواء القعقاع وكتيبة الصواعق في طرابلس.
وكانت شرارة الاشتباكات قد انطلقت من بنغازي يوم الجمعة الماضي، وتظهر عملية ما تسمى بـ «كرامة ليبيا» التي تشنها قوات موالية للواء حفتر لتطهير ليبيا من المتشددين ، حسب قول قائد العملية اللواء حفتر، ويظهر بأن هناك ثلاثة أطراف في الصراع الأمني الدائر في بنغازي ودرنة وشرق ليبيا ، بدءاً من القوات التابعة للواء حفتر والتي تضم ضباطاً سابقين في الجيش الليبي، بالإضافة إلى كتيبة «حسن الجويفي» في برقة الحمراء والتي تعد كبرى كتاب الجيش الليبي في الشرق. وكتيبة «أولياء الدم» وعدد من القبائل الكبرى في الشرق الليبي.
أما المستهدفون من هذه العملية فهم تنظيم «أنصار الشريعة» وكتيبة «شهداء 17 فبراير» وكتيبة «راف الله السحاتي» ومتشددين آخرين في درنة وبنغازي، مثل «جيش الشورى الإسلامي» وغيره من الكيانات المتطرفة.
وتبقى القوات الحكومية الطرف الثالث في هذا الصراع، وهي ممثلة في قوات الشرطة التابعة لمديرية أمن بنغازي وتشكيلاتها المختلفة من قوات الأمن المركزي وقوات الإسناد الأمني، وكذلك قوات الصاعقة التي يقودها العقيد ونيس بوخماده وهي قوات الجيش الشرعية المتبقية من الجيش الرسمي، إضافة لقوات الغرفة الأمنية المشتركة التي تضم عناصر من الثوار والجيش والشرطة والتي يقدر تعدادها بـ 6 آلاف عنصر.
يذكر أيضا أن كتيبة الصواعق اشتركت في الهجوم على طرابلس في سبتمبر 2011، وكلفت بحماية كبار أعضاء الحكومة الانتقالية، وأدرجت تحت سيطرة وزارة الدفاع في أكتوبر 2012.
وعدد أفراد الكتيبة غير معروف، لكن تسليحها على مستوى عال، خاصة أنها تمتلك أسلحة مضادة للطائرات.
أما لواء «القعقاع» فعرف بانضباطه وتسليحه الجيد، وقد تكون على يد مجموعة ليبيين من غرب البلاد تمرنوا في منطقة الزنتان عام 2011، وهو مسؤول عن الحفاظ على الأمن وحماية كبار المسؤولين والوزارات.
وقامت الكتيبتان بمغادرة طرابلس إلى الزنتان أواخر العام الماضي ، امتثالا لتوجيهات السلطات، بعد أن كانتا تحتلان عددا من المواقع فيها بعد سقوط نظام القذافي.