
لا جدال في أن القضية التي عرفت إعلاميا باسم «الشريط» ، أو «مجموعة المقاطع بالصوت والصورة»، طبقا لوصف الوزير السابق الشيخ أحمد الفهد ، عقب إدلائه بشهادته أمام النيابة العامة أمس الأول» ، هـــي مصدر جذب كبير للصحف ووسائل الإعلام المختلفة، فقد اجتمعت لها كل عوامل الإثارة، نظرا لتعلقها بشخصيات رفيعة ، وبقضايا دقيقة وحساسة تتعلق بالأمن القومي للبلاد .
غير أن الصحافة كما تبحث عن الخبر المهم ، والمعلومات التي تصنع لها المانشيتات المثيرة ، فإنها ينبغي أن تبحث بالقدر نفسه وأكثر ، عن المصلحة الوطنية العليا ، وتضع في حسبانها أن تكون سندا ودعما لأمن واستقرار بلادها ، حتى لو كلفها ذلك التضحية بسبق صحافي أو «مانشيت» مثير يضمن لها الرواج .
وقد آثرنا في «الصباح» أن ننحاز إلى هذه الرؤية التي تعلي من شأن الوطن ومصلحته ، فوق كل اعتبار ، وقررنا عدم نشر أي شيء يتعلق بقضية «الشريط» . ومن هذا المنطلق نفسه فإننا نناشد السيد النائب العام المستشار ضرار العسعوسي بأن يصدر أمرا بحظر النشر في قضية «الشريط» ، إلى أن تستوفي النيابة العامة تحقيقاتها في القضية ، وتستدعي للمثول أمامها كل من يمكن سماع شهادته في الموضوع، بعيدا عن أي صخب أو ضجيج إعلامي لن يفيد أحدا ، بل إن آثاره الضارة والخطيرة مؤكدة.
لا نتوجه بهذا النداء إلى النائب العام ، من أجل حرمان الصحف الزميلة من متابعة قضية قررنا بمحض إرادتنا الامتناع عن نشر كل ما يتصل بها ، فهذا آخر ما نفكر فيه ، ولا يشكل بالنسبة لنا هاجسا أو أرقا ، فالهدف أكبر وأسمى من ذلك بكثير ، لأننا لا نريد لأمور تتعلق في الصميم منها بأمن الكويت واستقرارها ، أن تكون مضغة في الأفواه، ونهبا لكل طامع في النيل من أمننا القومي ، ومحاولة ضرب وحدتنا الوطنية ، وتكريس الانقسام والتشرذم في صفنا الوطني .
لقد عاشت الكويت مئات السنين تنعم بالأمن والاستقرار والتماسك المجتمعي ، ولم يفلح حتى الغزو الغادر بكل جحافله وعدّه وعتاده ، أن يؤثر فيه، أو ينال من وحدتنا التي شكلت خط الدفاع الأول عن أرضنا وديارنا ، تماما كما كانت هي «الفيلق الأول» في صنع انتصار التحرير العظيم.
لهذه الأسباب وحدها نناشدك يا سعادة النائب العام أن تستجيب لهذا المطلب الوطني ، وتأمر بحظر النشر في تلك القضية ، إعلاء لمصلحة الكويت ، على كل ما عداها من مصالح أو طموحات .