
لم يهدأ بعد الجدل النيابي بشأن الاتفاقية الأمنية الخليجية، رغم تأكيد الحكومة المتكرر بأنها لا تتعارض مع الدستور الكويتي، وأنه عند حدوث أي تعارض ، فإن الأولوية للقوانين المحلية ، فقد تواصلت الاعتراضات من أكثر من اتجاه ، فيما صدرت إشارات مهمة إلى وجود توجه لتقريب وجهات النظر النيابية حول الاتفاقية ، والخروج بموقف موحد تجاهها يحقق المصلحة الوطنية ، وفي الوقت نفسه يحافظ على الرابطة المشتركة مع الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي ، فيما أكدت مصادر مطلعة لـ «الصباح» اتساع مساحة المقتنعين بأهمية الاتفاقية وضرورة تمريرها في المجلس ، من أجل مصلحة الكويت وتعزيز أمنها واستقرارها .
فقد أكد رئيس مجلس الامة مرزوق الغانم أنه «يجب ان يعرف الجميع انه لا يمكن أن يمر في مجلس 2013 ، أي أمر مخالف للدستور أو لقوانين الدولة ، سواء كان اتفاقية او قانونا أو أي أمر آخر».
وقال الغانم في تصريح للصحافيين في مجلس الامة أمس : «نحن اقسمنا قسما وملتزمون باحترامه ، وليكن واضحا للجميع أنه لن يمر أي أمر مخالف للدستور أو قوانين الدولة ، والأكثر من ذلك لا يمكن أن تمر أمور غير واضحة أو مبهمة».
أضاف أن الشعب الكويتي لا يقبل «أن ينسلخ عن منظومة التعاون الخليجي ، وعن الأشقاء في الخليج ، بأي شكل من الأشكال» ، موضحا أن «مشكلة الاتفاقية الأمنية الخليجية أن هناك قصورا حكوميا إعلاميا في شرح هذا الأمر للرأي العام ، ولذلك هناك تحرك نيابي مع مجموعة من النواب للتعامل مع هذه الاتفاقية ، وفق الإطار الدستوري وقوانين الدولة وتشريعاتنا ، ومن منطلق رجال دولة، وليس بناء على مصالح آنية او ضيقة ، وإذا حصلنا على العدد الكافي فسأفصح عن ذلك الأمر الأحد المقبل».
واستطرد الغانم بالقول : «أطمئن الجميع أنه في هذا المجلس لا يمكن ان يمر من خلاله أمر مخالف للدستور وقوانين الدولة ، وإجراءاتنا مستمرة في أخذ آراء الخبراء الدستوريين ، وسنفصح عن ذلك الأحد المقبل في مؤتمر صحافي .
المصادر أكدت أيضا أن تصريح الغانم يعد مؤشرا على أن تقريب وجهات النظر حول الاتفاقية أمر ميسور ومتاح ، وأن رئيس المجلس يملك من القرائن والشواهد ما يجعله واثقا من إمكانية تحقيق هذا الهدف .
من جهته دعا النائب نبيل الفضل إلى حظر أن « تتضمن أي معاهدة أو اتفاقية أمنية خليجية ، أي نص أو حكم يتعارض أو يخالف أحكام الدستور ، نصاً أو روحاً أو تفسيراً ، أو القوانين الكويتية».
وقال الفضل في مقترح برلماني : « عند مخالفة هذا الحظر يكون النص أو الحكم المتعارض أو المخالف في هذه المعاهدة أو الاتفاقية ملغى ، ومحذوفاً بحكم القانون قبل إقرارها».
وذكر الفضل في المذكرة الإيضاحية لمقترحه:
نصت المادة 70 من الدستور بأن : «يبرم الأمير المعاهدات بمرسوم ، ويبلغها مجلس الأمة فوراً مشفوعة بما يناسب مـــن البيان ، وتكون للمعاهدة قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها في الجريدة الرسمية . على أن معاهدات الصلح و التحالف ، والمعاهدات المتعلقة بأراضي الدولة أو ثرواتها الطبيعية أو بحقوق السيادة أو حقوق المواطنين العامة أو الخاصة ، ومعاهدات التجارة والملاحة ، والإقامة ، والمعاهدات التي تحمل خزانة الدولة شيئاً من النفقات غير الواردة في الميزانية ، أو تتضمن تعديلاً لقوانين الكويت يجب لنفاذها أن تصدر بقانون . ولا يجوز في أي حال أن تتضمن المعاهدة شروطاً سرية تناقض شروطها العلنية ».
أضاف أنه : «من أخطر الإتفاقيات أو المعاهدات تلك التي توصف بأنها أمنية ، خاصة إن كانت ضمن المنظومة الخليجية نظراً لكون الشعوب الخليجية مترابطة في العلاقات الإجتماعية . والاتفاقيات أو المعاهدات الأمنية تتسم بالخطورة لكونها تمس حقوق الأفراد وحرياتهم اللصيقة بشخصياتهم وإنسانيتهم ، في التعبير عن آرائهم والتنقل ، وما يتخللها من أحكام ونصوص تتعلق بالقبض على الأفراد وتفتيشهم وحجز حرياتهم وتحديد إقامتهم ، واتخاذ كافة الإجراءات والمحاكمات الجزائية بصددهم» .
وبما أن دولة الكويت قد أبرمت في الآونة الأخيرة اتفاقية أمنية خليجية تتضمن عدة أحكام ونصوص يثور فيها شبهة المساس بحريات الأفراد وحقوقهم ، بما يشكل هذا المساس شبهة عدم الدستورية ، فإن القانون المقترح قد أعد لتحقيق ما من شأنه يبعد شبهة عدم الدستورية ومخالفة القوانين الكويتية ، بأن تصبح حقوق الأفراد وحرياتهم في مأمن من أي انتهاك قد يرتكب بسبب الاتفاقية الأمنية الخليجية .
ونصت المادة الثانية من مقترح القانون بأن يلغى كل حكم يتعارض مع أحكام هذا القانون .
بدوره طالب النائب السابق حسين القلاف الحكومة بالتراجع عن الاتفاقية الأمنية الخليجية ورفضها ، كما ناشد مجلس الأمة عدم تمريرها ، مؤكدا أن « هذه الاتفاقية ان أقرت فستكون الشرارة التي ستجعل الناس ينزلون الى الساحات ، ووقتها لن ينفع المروجون عنادهم».
وقال القلاف : إن « حديث بعض نواب الشيعة عن رفضهم ومعارضتهم الاتفاقية الامنية الخليجية ، يشعرني ان هناك توجها من رأس حكومي كبير برفض الاتفاقية » ، معتبرا أنها « مخالفة ولابد من رفضها ، لكن الغرابة في حديث البعض عن الاتفاقية بصيغة الرفض ومهاجمتها ، ولم يعهد عليه الخروج على التوجه الحكومي».