
إذا أردنا أن نقدم قراءة صحيحة لأي قرار يتخذه مسؤول رفيع في أي من مؤسسات الدولة، فإنه لا بد من الربط بين هذا القرار وما سبقه من قرارات وإجراءات، بحيث يتم النظر إلى الأمر في إطار منظومة شاملة متكاملة، تقدم تصورا صحيحا وواقعيا عن تلك المؤسسة، وتعطي انطباعا صادقا وأمينا عنها.
في هذا الإطار ينبغي النظر إلى القرار الأخير الذي اتخذه نائب رئيس الحرس الوطني الشيخ مشعل الأحمد بتشكيل لجنة للشفافية والإصلاح، مهمتها «تعزيز قيم الشفافية والنزاهة والمساءلة والعدالة، وتكريس الإدارة النزيهة ومكافحة الفساد ودرء مخاطره بمختلف الوسائل والإجراءات التي تحقق المصالح العليا للحرس الوطني ومنتسبيه».. ذلك أن هذا القرار ليس منفصلا بأي حال عن السياق العام لما سبقه من قرارات وإجراءات اتخذها الشيخ مشعل الأحمد، وكانت جميعها تصب في الإطار ذاته، إطار «تحقيق الإصلاح والشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد». ونعتقد أننا جميعا نتذكر كيف استطاع أن يجعل مبدأ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، واقعا ماثلا وحيا يلمسه الكافة داخل مؤسسة الحرس الوطني، وقد تجلى ذلك بوضوح وفي أروع صوره من خلال إيجاد أفضل وأرقى شكل لنظام قبول الراغبين في الالتحاق بالحرس، فبعد اجتياز اختبارات اللياقة البدنية والقدرات، تتم التصفية النهائية بواسطة قرعة لا تظلم أحدا، ولا تجور على أحد، وتعطي كل ذي حق حقه. . ولذلك فإننا لم نجد خلال السنوات الماضية أي شكوى من الطلبة المتقدمين للالتحاق بالحرس الوطني أو أولياء أمورهم، بشأن مسألة القبول هذه، رغم المشكلات التي تواجهها مؤسسات أخرى على هذا الصعيد.
لا يكفي إذن أن تعلن مؤسسة ما عن توجهها لتحقيق الإصلاح ومكافحة الفساد، بل لا بد من إيجاد آليات تضمن إنجاز هذا الهدف النبيل، وتفتح الطريق أمام تحققه وبلوغه أهدافه، وهذا بالضبط ما فعله الحرس الوطني، الذي استحق عن جدارة أن يتوج عمله في هذا الشأن بحصوله على جائزة الشفافية لعام 2013، واستوجب أيضا أن تشدد القيادة العليا له، ممثلة في رئيسه سمو الشيخ سالم العلي ونائب الرئيس الشيخ مشعل الأحمد، على ضرورة مواصلة مسيرة الإصلاح المنشود.
إننا إذ نوجه التحية للحرس الوطني وقادته، على هذا الإنجاز الكبير والمتميز، إنما نقدمه نموذجا لما يمكن أن تفعله سائر مؤسسات الدولة، والدرس الأهم في ذلك هو أن الإصلاح المبتغى ليس مجرد شعار نرفعه، أو لافتة نعلقها على الجدران، بل هو حراك فاعل على الأرض، يكفل تحقيق واحد من أهم المبادئ التي نص عليها الدستور، وهو مبدأ المساواة بين جميع المواطنين، والعدالة بينهم في توزيع الحقوق الواجبات، وتكافؤ الفرص أمامهم، وهذا بالتأكيد هو الطريق الموصل إلى الغاية النبيلة، بأن يكون المجتمع آمنا مستقرا، يتساوى فيه الجميع أمام القانون، ويتشاركون نفس الحقوق والواجبات، ويشعرون بقوة الانتماء إلى وطن يحبهم ويحبونه، ويفتدونه بكل غالٍ ونفيس.