
مونترو – «سويسرا»: دشنت الدول المشاركة في مؤتمر «جنيف 2» أعمال المؤتمر أمس بمداخلات افتتاحية ساخنة ، حرصت من خلالها على أن تقطع الطريق على أي مساع تبذلها أطراف مشاركة لمحاولة الإبقاء على نظام الرئيس السوري بشار الأسد ، حيث أكد وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري وعدد من وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي على أنه «لا مكان لبشار الأسد وأركان نظامه في مستقبل حكم سوريا» .
كما شددت الكويت على أن هذا المؤتمر لا بد أن يوجه رسالة للشعب السوري مفادها أن المجتمع الدولي معني بمساعدته للخروج من أزمته وتجاوز محنته الكبيرة التي يعيشها الآن.
وأوضح النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد على ان مؤتمر «جنيف 2» مطالب بإعادة التأكيد على المبادئ التي وردت في وثيقة «جنيف 1» ، باعتبارها إطارا دوليا مناسبا لتنفيذ عملية انتقال سلمي للسطلة في سوريا وتحقيق تطلعات الشعب السوري.
وقال الخالد في كلمة دولة الكويت أمام مؤتمر «جنيف 2» المعني بمحاولة العثور على حل سلمي للازمة السورية ان جميع الأطراف السورية مدعوة لاستثمار هذا الحشد الدولي للتصرف بإيجابية ومسؤولية ، من أجل السلام ومن أجل بناء سوريا المستقبل.
أضاف : «إن حشدنا الدولي اليوم ما هو الا رسالة واضحة للشعب السوري الشقيق ، بأن المجتمع الدولي ينظر باهتمام بالغ الى مأساتهم الانسانية ، وبأننا كاعضاء في المجتمع الدولي لدينا التزام قوي بالتصدي لهذه الأزمة ، بما يسهم في الحفاظ على الأمن والسلم في المنطقة .
وذكر أن الكويت تجاوبت مع دعوة الامين العام للامم المتحدة واستضافت المؤتمر الدولي الاول للمانحين لدعم الوضع الانساني في سوريا «كويت 1» في شهر يناير من عام 2013 ، وقدمت مساهمة بمبلغ 300 مليون دولار امريكي تم تخصيصها لوكالات الامم المتحدة المتخصصة ، كما استضافت المؤتمر الدولي الثاني للمانحين ، وتعهدت بتقديم دعم لعمليات الاغاثة الانسانية في سوريا بمبلغ نصف مليار دولار امريكي .
وطالب الخالد بإعادة التأكيد على المبادئ التي وردت في «جنيف 1» باعتبارها إطارا دوليا مناسبا لتنفيذ عملية انتقال سلمي للسلطة ، وتحقيق تطلعات الشعب السوري ، وان كافة الاطراف السورية مدعوة لاستثمار هذا الحشد الدولي للتصرف بايجابية ومسؤولية من اجل السلام ، ومن اجل بناء سوريا المستقبل.
وقال : «إن دولة الكويت وانطلاقا من مسؤولية رئاستها المشتركة للقمة العربية - الافريقية في دورتها الثالثة ، لتدعو المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الامن الى توظيف هذا الزخم الدولي ، لتحقيق الامن والسلم في سوريا من خلال تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في البيان الصادر عن المؤتمر الدولي لمجموعة العمل حول سوريا بتاريخ 30/6/2012 ، لأن البديل عن ذلك ينذر بعواقب وخيمة ليس على الشعب السوري فحسب وانما على صعيد السلم والامن الدوليين.
وشدد على ان «انظار الشعب السوري وشعوب دول الجوار وشعوب المنطقة والعالم بأكمله ، تتركز على هذا اللقاء التاريخي» ، داعيا إلى «أن نرسل رسالة واضحة وقوية ، بأن المجتمع الدولي عاقد العزم والنية على إعادة الامن والامان الى ربوع سوريا العزيزة لتحقيق للشعب السوري امانيه وتطلعاته» .
من جهته حذر وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل ، في كلمته ، من «تغيير مسار مؤتمر جنيف 2»، مؤكداً أن الرئيس السوري بشار الأسد لن يكون له دور في أي ترتيبات قادمة.
وقال الفيصل إنه «من الضروري أن نحذر من أي محاولات لتغيير مسار هذا المؤتمر ، في محاولة لتحسين صورة النظام والادعاء بمحاربته للإرهاب»، داعياً إلى تشكيل حكومة انتقالية في سوريا.
أضاف أن «حضور المملكة المؤتمر جاء بناءً على الضمانات والتأكيدات التي تضمنتها دعوة الأمم المتحدة ، وهو أن الهدف من جنيف 2 هو تطبيق اتفاق جنيف 1».
وتابع : أنه «من البديهي ألا يكون للأسد أو من تلطخت أيديهم بدماء السوريين أي دور بهذا الترتيب».
وقال الفيصل إن «الأمل يحدونا بأن يتم التعامل مع الأزمة بعيداً عن محاولات الاستقطاب والاسترضاء التي كبلت مجلس الأمن» في الملف السوري.
ودعا إلى أن يتبنى مجلس الأمن «ما يتم التوصل إليه من اتفاق» في المؤتمر «وضمان تنفيذه».
من جانبه أوضح وزير الخارجية المصري نبيل فهمي انه يتعين انتهاز هذه الفرصة التاريخية لبدء عملية لإرساء السلام في سوريا م، ن خلال التوصل لحل سياسي، بمشاركة الفرقاء السوريين في استحقاق سعت الدول المشاركة بالاجتماع لعقده على مدى 10 شهور كاملة.
وطالب ممثلي الحكومة السورية بأن يُخلصوا النوايا، ويعملوا بكل جدية على التوصل إلى حل يقي الشعب السوري من استمرار المأساة التي يعيشها، مشدداً على أن تلك الأهداف ليست بعيدة المنال إذا توافرت الإرادة السياسية اللازمة لدى السوريين ، مشددا على ضرورة تبنى موقف واضح يدعو إلى أن يتوازى مع عملية التفاوض على مستقبل سوريا السياسي الجديد عبر تشكيل هيئة حكومية انتقالية ، وتطبيق عدد من إجراءات بناء الثقة المتبادلة بين الحكومة والمعارضة ، معرباً عن ترحيب القاهرة باستضافة اجتماع شامل للقوى الرئيسية للمعارضة السورية في الداخل والخارج بغرض توفيق الرؤى فيما بينها، والدفع نحو الحل السياسي المأمول.
وكان المؤتمر افتتح بكلمة للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أعلن فيها عن وجود تحديات كبيرة أمام المؤتمر، مشدداً على أن تعاون الجميع مطلوب للتوصل إلى حل. وأضاف أن المسؤولية لحل النزاع تقع على الجانبين السوريين. واعتبر كي مون أن المؤتمر هو فرصة تاريخية لإنقاذ سوريا وإنهاء المأساة، مشيرا إلى أن الاستراتيجيات العسكرية حالت دون القدرة على إغاثة الكثير من اللاجئين.
من جهة أخرى: توجه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالشكر الى صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد ، على دعوته الكريمة بعقد المؤتمر الثاني للمانحين لسورية في وق، وعلى «قيادته المثالية لها المؤتمر ودعمه للوضع الإنساني في سوريا »
من جهته تحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ، موضحاً أن روسيا لن تقبل بأي مصالحة تفرض من الخارج ، وأنه لا يمكن التوصل إلى أي حل بالقوة وإنما بالحوار. وأضاف أن «الجماعات المسلحة» في سوريا لا مصلحة لها بحل المسألة السورية ، وقال إن الجماعات المتطرفة دخلت سوريا لتدمر النسيج الداخلي ، ولابد من إشراك معارضة الداخل في الحوار الوطني.
أما وزير الخارجية الأمريكي جون كيري فأكد أن «الثورة السورية بدأت سلمية من أطفال درعا الذين كانوا يحملون علبة ألوان وطالبوا بسلمية وشرعية للتعبير»، وأشار إلى أن التقارير الأخيرة عن التعذيب هو انتهاك للإنسانية وكل المبادئ التي يحاول العالم الالتزام بها. وقال إن بشار الأسد لن يكون جزءاً من الحكومة الانتقالية، وأكد أن العائق الوحيد هو التمسك العنيد بالسلطة من شخص واحد وأسرة واحدة.
وفي الكلمة التي ألقاها وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ أكد أن الحلول السلمية هي الوسيلة الوحيدة للأزمة السورية. وشدد على وجوب أن يكون هناك جدول انتقالي لتنفيذ جنيف 1 ونقل السلطة. ورأى أن الرئيس السوري دمر شرعيته بنفسه.
من جانبه، رأى وزير الخارجية الصيني أنه يجب انهاء النزاع السوري لإيجاد المناخ الملائم لمباحثات السلام، مضيفاً «لابد للمجتمع الدولي من تقديم المساعدات لطرفي الأزمة». وشدد على التزام بلاده بموقف حيادي تجاه طرفي الخلاف.
أما وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس فرأى أن الحل «للدراما» في سوريا لا يمكن ان يكون سوى سياسي، مؤكداً أن بلاده لا تملي شروطاً مسبقة على المؤتمر. لكنه شدد على وجوب اعطاء صلاحيات كاملة للحكومة الانتقالية، وفتح ممرات للمساعدة الانسانية ووقف اطلاق نار.
حضر المؤتمر 45 وفدا منها 39 تمثل 39 دولة، والبقية هي وفود النظام والمعارضة والاتحاد الاوروبي ومنظمة المؤتمر الاسلامي والجامعة العربية. ومن المقرر ان تنتقل المحادثات إلى جنيف يوم الجمعة وسيكون يوم الخميس استراحة للوفود، ويتوقع ان تستمر المحادثات يوما واحدا اذا لم يحصل توافق على الاستمرار فيها واذا حصل توافق ستستمر 7 ايام.