
في حكم تاريخي ، لقي ترحيبا نيابيا وشعبيا كبيرا ، أسدلت محكمة الجنايات أمس الستار على قضية اقتحام مبنى مجلس الأمة قبل سنتين ، والمتهم فيها 70 مواطنا ، بينهم 11 نائبا ، حيث قضت ببراءة جميع المتهمين» من تهم اقتحام مبنى عام ، والاعتداء على الشرطة ، ومقاومة السلطات ، وإلحاق أضرار بممتلكات عامة ، كما قضت المحكمة برئاسة المستشار هشام عبد الله ، بعدم الاختصاص بالدعوى المقدمة بطلب تعويض مؤقت ضد النواب السابقين المتهمين .
وكانت دائرة الجنايات الثامنة في المحكمة الكلية نظرت في قضية المتهمين بدخول مبنى مجلس الأمة على مدى عدة جلسات للاستماع الى مرافعات محامي المتهمين والشهود وكلفت الامين العام لمجلس الامة علام الكندري بتقديم كشف عن حرس المجلس يوم واقعة دخول المجلس وتعود أحداث القضية إلى السادس عشر من نوفمبر 2011
حين دخل المئات من المواطنين إلى مبنى مجلس الأمة ، وبعد ذلك بأسبوعين استقالت الحكومة القائمة وقتها ، وتم تشكيل حكومة جديدة، كما تم حل مجلس الأمة والدعوة إلى انتخابات جديدة . وقد بلغ عدد المتهمين في هذه القضية 70 مواطنا بينهم 11 نائبا سابقا ، هم كل من : مسلم البراك وفيصل المسلم وجمعان الحربش ووليد الطبطبائي ومحمد الخليفة وفهد الخنة وفلاح الصواغ ومبارك الوعلان ومحمد المطير وسالم النملان وخالد الطاحوس ، بالإضافة إلى شباب ونشطاء سياسيين ، وجهت لهم النيابة العامة تهما تتعلق بمخالفة قانوني الجزاء وأمن الدولة الداخلي ، وهي التجمهر والتظاهر غير المرخص ، وعدم الانصياع لأوامر رجال الأمن بفض التجمهر ، ومقاومة رجال الأمن والاعتداء عليهم ، والعنف مع أفراد حرس مجلس الأمة ، والاستيلاء على مطرقة الرئيس ، ودخول عقار في حيازة آخرين من غير موافقتهم ، وإتلاف مرفق رسمي للدولة وتعطيله عن عمله ، وقد أنكر المتهمون جميع التهم الموجهة اليهم .
وقد طالب دفاع المتهمين ببراءتهم من الاتهامات الموجهة إليهم ، مشككاً في أدلة النيابة واتهاماتها، خصوصاً بعدما استمعت المحكمة لأقوال عدة شهود، بينهم وكيل الأمن العام اللواء محمود الدوسري وعدد من رجال الحرس الوطني.
على صعيد ردود الفعل النيابية تجاه الحكم ، قال النائب عدنان عبد الصمد : سواء كنا نقبل او لا نقبل بالحكم ، فنحن نحنرم ما تقرره المحكمة ، وهذا حكم درجة اولى ، ومتوقع ان يذهب درجة ثانية او التمييز ، ونسأل الله التوفيق للجميع ، فيما أكد النائب سعود الحريجي أن « لم الشمل ووأد الفتنة امر مطلوب» ، مؤكدا احترامه للاحكام القضائية .
وقال الحريجي : إن هذا الحكم مهما كان ، فهو حكم القضاء ويحترم ، وهو ينظر للامور بنظرة ما هو موجود امام القاضي ورئيس الدائرة ، لافتا في الوقت نفسه إلى أنه «يمكن ان يبني علي هذا الحكم ، حكم المحكمة الدستورية المرتقب يوم 23 الجاري بشأن ابطال المجلس الحالي أو بقائه .
من جهته اكد النائب أسامة الطاحوس علي «نزاهة القضاء الكويتي الشامخ ، الذي يعتبر ملاذ الجميع» ، مشيرا إلى أن الحكم الصادر أمس «ليس الا شاهدا على نزاهة القضاء الكويتي» .
وقال الطاحوس: «انه وبعد هذا الحكم اليوم علينا ان نطوي صفحة الماضي ، ونتطلع الي الامام بما يسهم في تقدم الكويت ، والسعي نحو وجود نظرة مستقبلية لاجيالنا القادمة» ، مؤكدا اننا الآن «امام مرحلة مفصلية في خضم التطورات السريعة للعالم من حولنا ، فالكويت ليست بمعزل عن احداث المنطقة ، الأمر الذي يتطلب من الجميع ، خصوصا السلطتين التشريعية والتنفيذيه ، اقرار المشاريع والقوانين وكل ما من شأنه يسهم في تقدم البلاد ويساير ركب التطور المتسارع في العالم .
وقال النائب السابق عبداللطيف العميري : «لن ننسى من رفعوا الاعلام السوداء ولبسوا الوشاح الاسود ، داخل قاعة عبدالله السالم وعطلوا الجلسات ومصالح الامة ، فهل سيعتذرون لسوء صنيعهم؟!» ، فيما قال عضو المجلس المبطل اسامة الشاهين «الكل رابح اليوم .. مبروك للكويت وأهلها وطليعتها الساعية للإصلاح ، ولا عزاء للمحرضين الدخلاء ، فقد أطفأ العدل سبحانه نيرانهم، والحمد لله ربنا» . وقال عضو المجلس المبطل خالد شخير : «مبروك البراءة ويستحقون أن نعمل لهم لوحة شرف بأسمائهم ، تخليداً لدورهم الوطني الكبير في محاربة الفساد والمفسدين» .
في السياق نفسه أشاد المحامي جاس الجدعي بالحكم التاريخي لمحكمة الجنايات ، موضحا أن الشارع الكويتي استقبل هذا الحكم بترحاب كبير .
وأكد الجدعي في حديث لقناة «الصباح» الإخبارية أن المحكمة اقتنعت بعدم توافر القصد الجنائي في عملية دخول المجلس ، خصوصا بعدما تناقضت أقوال الشهود ، ولم يثبت وجود «صاعق» مع أي ممن اتهموا في القضية .
ولفت المحامي الجدعي إلى أن القضية تعرضت للتضخيم الإعلامي الزائد عن الحد ، مع أن ما حدث لا يخرج عن كونه نوعا من التعبير الساسي عن مواقف الشباب والنواب السابقين ، موضحا في الوقت نفسه أن القضية ما كان ينبغي أن تحال إلى النيابة العامة ، كما أن الأخيرة كان من الأوفق أن تقوم بحفظها .