
بعد سنوات عجاف مرت على الرياضية الكويتية ، بسبب الصراعات السياسية التي عطلت إنجاز عدد من التشريعات الرياضية المهمة ، وأدت إلى تجميد مشاركة الكويت أحيانا في المسابقات الإقليمية والدولية ، عادت الكويت لتدخل من جديد إلى الساحة العالمية ، ولكن من «باب خلفي» ، هو باب الاشتباكات الدامية التي شهدتها بعض ملاعبنا خلال الأيام القليلة الماضية ، والتي وصلت في إحداها إلى حد تبادل حكم المباراة اللكمات والصفعات مع اللاعبين ، وكل ذلك جرى تصويره ووضعه على موقع «يوتيوب» ، وحظي خلال يومين فقط بمشاهدة أكثر من ثلاثة ملايين شخص .
هذه الأحداث المؤسفة في الملاعب الكويتية باتت موضع حديث العالم شرقه وغربه ، في الصحف والفضائيات والمواقع الإلكترونية ، ومن بينها صحيفة «ماركا» الاسبانية ، حيث تناولت ما جرى في مباراة النصر والعربي أمس الأول في افتتاح الجولة السابعة من دوري «فيفا» الكويتي لكرة القدم ، والتي انتهت بفوز العربي 4-1 ، وبدأت أحداثها المؤسفة بقيام حكم اللقاء سعد الفضلي بطرد 4 لاعبين من فريق النصر و5 آخرين من الاحتياط ، وعدد من الاداريين ، كما رد على محاولة الاعتداء عليه من بعض لاعبي النصر بضربهم باللكمات ، في واحدة من أغرب الحالات في عالم كرة القدم.
ووصفت «ماركا» ما حدث في المباراة بأنه «فيلم من الخيال العلمي ، عندما انقسم الملعب الى ضرب متبادل بين الحكم ولاعبي النصر ، علاوة على قيام الحكم بمنح كل من يقابله في الملعب البطاقة الحمراء» ، وأرفقت الصحيفة الإسبانية بالخبر فيديو للاحداث المؤسفة يظهر الحكم عقب احتسابة لركلة جزاء للعربي في الوقت بدل الضائع ، حيث اعترض على قراره لاعبو النصر ، لدرجة ان بعضهم قام بجذب الحكم من قميصه ، فيما قام المحترف جارسيا بضربه بمساعدة زميله احمد الرشيدي ، لكن الحكم بدوره ثأر لنفسه وضرب اللاعبين ، وسدد لهم عدة لكمات كما ضرب بقدمه جارسيا الذي سقط مصابا بسبب ضرب الحكم له ، وبعد ذلك قام حكم المباراة سعد الفضلي «27 سنة» بطرد جارسيا والرشيدي ، وكان قد سبق له طرد احمد دغيم لاعب النصر، واستمر الحكم في توزيع الكروت الحمراء ولكن لعدد من لاعبي النصر الاحتياطيين وبعض افراد الجهاز الاداري.
المفارقة أن مباريات الدوري الكويتي لا تنقل تلفزيونيا نتجة لخلاف بين اتحاد الكرة ووزارة الاعلام حول حقوق البث ، الا ان هذه المباراة تم نقلها لاول مرة عن طريق «يوتيوب» مباشرة من خلال المركز الاعلامي للنادي العربي وتم وضع الروابط على موقع النادي عبر «تويتر» ، وهو ما أتاح مشاهدتها لملايين حول العالم .
وفي واقعة مماثلة شهد النادي العربي مساء أمس الأول مشاجرة دامية بين الجمهور خلال بطولة الألعاب القتالية «GFC».. ، بعد خسارة لاعب الملاكمة جراح الفضلي بالضربة القاضية من خصمه محمد الدعي، وأدت المشاجرة إلى أضرار مادية وإصابات بين عدد من الجمهور ، وسط غياب ملحوظ لرجال الأمن الذين اكتفوا بالتواجد خارج القاعة على قلة عددهم ، وذلك عندما تهكم الملاكم جراح الفضلي بخصمه محمد الدعي ، فرد الدعي «بالضربة القاضية» التي أطاحت بالفضلي ، وأدت لفوز الدعي ، ووسط حماس الجمهور جرى تبادل السباب والشتائم ، فانقلبت الصالة إلى صدام وعراك ساخن بين الجمهور واللاعبين باللكمات والركل ، وبالكراسي والطاولات وكل ما طالته الأيدي ، الامر الذي دفع منظم البطولة عادل الواوان إلى التذمر واتهام وزارة الداخلية بأنها لم توفر سوى أربع دوريات ، في كل منها رجلا أمن جلسا بعيدا ولم يتواجدا داخل الصالة .
الواقعتان المؤسفتان ليستا الوحيدتين في الساحة الرياضية الكويتية ، التي أصبح التراجع هو سمتها الأساسية ، وغاب عنها التميز والتفوق ، إلا في إثارة الخلافات والأزمات التي زادت من تفاقمها ، وجاءت الأحداث الأخيرة لتكشف عن بداية انهيار خطير يهدد رياضة كانت يوما مضرب الأمثال إقليميا ودوليا ، ولعل أحدا لم ينس للكويت ريادتها بأن تكون أول دولة خليجية تشارك في نهائيات كأس العالم لكرة القدم ، عام 1982 ، كما أن «الأزرق « هو صاحب نصيب الأسد من في الفوز بكأس الخليج ، وشهدت اللعبات الأخرى تفوقا كويتيا ملحوظا أيضا .. كل ذلك يمكن أن يندثر ويتلاشى ، مالم يبادر كل المعنيين بالرياضة الكويتية بتدخل عاجل وشامل لانتشالها من الوهدة التي تردت فيها .