
عواصم – «وكالات»: لم يعد السؤال المطروح إقليميا ودوليا الآن هو: هل تقع الحرب ضد سوريا ، بل تحول إلى : متى تبدأ هذه الحرب ؟ وذلك في ضوء تسارع التحركات العسكرية الأمريكية والأوروبية، وإعلان روسيا بشكل صريح أنها لن تخوض حربا ضد أي دولة من أجل سوريا ، وما ترافق مع ذلك من تصريحات لكبار المسؤولين الغربيين ، تصب جميعها في إطار الذهاب إلى حرب وشيكة جدا .
في هذا السياق أكد وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاغل أمس أن الجيش الأمريكي مستعد للتحرك على الفور في سوريا ، إذا أصدر الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمراً بذلك.
وقال هاغل، في مقابلة تلفزيونية مع هيئة الإذاعة البريطانية أجراها أمس خلال زيارته لبروناي : «حرّكنا قطعاً حتى تتمكن من التنفيذ والامتثال لأي خيار يودّ الرئيس اتخاذه». ورداً على سؤال حول ما إذا كان الجيش الأمريكي مستعداً لردّ كهذا قال : «نحن مستعدون للتحرك».
وفي سياق آخر، ذكرت مصادر حضرت اجتماعاً بين مبعوثين غربيين والائتلاف الوطني السوري المعارض في إسطنبول، أن القوى الغربية أبلغت المعارضة السورية بتوقع توجيه ضربة لقوات الأسد في غضون أيام.
وقال مصدر حضر الاجتماع الذي انعقد أمس الأول الاثنين لوكالة «رويترز»: «تم إبلاغ المعارضة بعبارات واضحة بأن التحرك لمنع نظام الأسد من استخدام الأسلحة الكيماوية مرة أخرى قد يحدث في غضون الأيام القليلة المقبلة، وبأنها يجب أن تستعد في الوقت نفسه لمحادثات سلام في جنيف».
ويترقب العالم توجيه الضربة العسكرية الغربية ضد النظام السوري بخوف وقلق ، وبحسب ما أشارت إليه وكالات الأنباء والصحف فإن الرئيس باراك أوباما يدرس توجيه ضربة للنظام السوري تكون محدودة في المدى والزمن، في وقت تجري مشاورات مكثفة بين الدول الغربية حول تدخل عسكري محتمل رداً على هجوم مفترض بالأسلحة الكيماوية في 21 أغسطس بريف دمشق.
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية عن مسؤولين كبار في الإدارة الأمريكية، لم تكشف أسماءهم، أن الضربة الأمريكية رداً على هجوم كيماوي تقول الولايات المتحدة إنه مؤكد في ريف دمشق الأسبوع الماضي، لن تدوم على الأرجح أكثر من يومين وستجري بشكل يجنّب الولايات المتحدة التدخل بشكل أكبر في النزاع المستمر في هذا البلد منذ أكثر من سنتين.
كما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن أوباما الذي مازال يدرس الخيار العسكري ضد نظام الرئيس بشار الأسد ، سيأمر على الأرجح بعملية عسكرية محدودة.
وأفادت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين في الإدارة أن الضربة ستتضمن إطلاق صواريخ كروز من بوارج أميركية منتشرة في البحر المتوسط على أهداف عسكرية سورية.
وأشارت «نيويورك تايمز» إلى أن التحرك العسكري لن يكون حملة طويلة تهدف إلى إطاحة الرئيس بشار الأسد أو تغيير موازين القوى في النزاع.
أضافت أن مسؤولي الاستخبارات الأمريكية سيكشفون خلال الأيام القليلة المقبلة معلومات تدعم الاتهامات الموجّهة لدمشق باستخدام أسلحة كيماوية في الهجوم الذي أوقع 1300 قتيلاً، بحسب المعارضة الأسبوع الماضي، في وقت تنفي دمشق أن تكون استخدمت مثل هذه الأسلحة.
وذكرت الصحيفة نقلاً عن المسؤولين أن الولايات المتحدة تجري مشاورات مع حلفائها لكن أملها ضئيل في الحصول على ضوء أخضر من الأمم المتحدة بسبب معارضة روسيا، حليفة دمشق الرئيسية التي وفرت لها تغطية دبلوماسية منذ بدء النزاع من خلال عرقلة أي قرار يدين نظام الأسد في مجلس الأمن الدولي.
من جهتها ودعت وزارة الخارجية الروسية الولايات المتحدة والأسرة الدولية أمس إلى «الحذر» بشأن سوريا، محذرة من أن أي تدخل عسكري ستكون له «عواقب كارثية» على دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وفي لندن دعا رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون أمس البرلمان إلى الاجتماع استثنائياً لبحث الأزمة السورية.
وكان متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني قد أعلن في وقت سابق اليوم أن القوات المسلحة البريطانية تضع خططاً لعمل عسكري محتمل ، رداً على هجوم كيماوي مفترض في سوريا.
أضاف: «أي قرار سيتخذ سيكون في إطار عمل دولي صارم. وأي استخدام للأسلحة الكيماوية أمر مقيت وغير مقبول تماماً... والمجتمع الدولي يجب أن يرد عليه».
وكان كاميرون قد قطع عطلته أمس الأول الاثنين ليعود إلى لندن.
وأضاف المتحدث: «نحن نواصل النقاش مع شركائنا الدوليين حول الرد المناسب، ولكن وفي إطار ذلك فإننا نضع خططاً طارئة للقوات المسلحة».
وأكد أن رئيس الوزراء سيواصل المحادثات مع قادة العالم للاتفاق على «الرد المناسب» للهجوم الكيماوي الذي تتهم واشنطن ولندن وباريس القوات النظامية السورية بشنّه.
وأضاف أن ما يجري هو «للردع من استخدام الأسلحة الكيماوية».
بدورها أشارت صحيفة «الغارديان» البريطانية أمس إلى أن «طائرات وحاملات عسكرية بدأت الوصول إلى قاعدة أكروتيري الجوية البريطانية في قبرص، التي تبعد 100 ميل فقط عن الساحل السوري، في إشارة لتزايد الاستعدادات لهجوم عسكري ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد».
وأوضحت الصحيفة - في تقرير أوردته على موقعها الإلكتروني - أن «اثنين من الطيارين التجاريين، اللذين يحلقان بانتظام من مدينة لارنكا القبرصية، أبلغا الصحيفة بأنهما شاهدا عبر نافذتهما طائرات نقل من طراز سي 130 وتشكيلات قليلة من طائرات مقاتلة على شاشات رادارهما، حيث أعربا عن اعتقادهما بأنها محلقة من أوروبا».
وأضافت الصحيفة أن «مقيمين بالقرب من القاعدة الجوية البريطانية أكدوا أن «هناك نشاطات غير عادية في القاعدة تزيد على النشاط الطبيعي منذ 48 ساعة الماضية، مشيرة إلى أنه في حال صدور أمر أو قرار مهاجمة أهداف معنية في سوريا، ستعتبر قبرص مركزاً لهذه الحملة الجوية، كما أن وصول الطائرات الحربية يوحي بأن بريطانيا اتخذت قرار التأهب في الوقت الذي يصعّد فيه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الأمريكي باراك أوباما وقادة أوروبا موقفهم المعارض للرئيس بشار واتهام قواته المسلحة بشنّ هجمات بالأسلحة الكيماوية، وقتل المئات في شرق دمشق الأربعاء الماضي».
وأشارت الصحيفة إلى أن «حالة المواجهة بين سوريا والغرب اشتدت بشكل خطير عندما تعرّض فريق التفتيش عن الأسلحة التابع للأمم المتحدة للخطر بسبب قربه من الموقع الذى تعرض لهجوم بالأسلحة الكيماوية».
من ناحيته واصل وزير الخارجية السوري وليد المعلم تحديه للغرب مؤكداً أن أي عدوان على سوريا يخدم مصالح إسرائيل ثم جبهة النصرة ، وشدد على أن أي ضربة عسكرية لن تؤثر على ما وصفه بالإنجازات الميدانية في الغوطة.
وفي المقابل قال المعلم، خلال مؤتمر صحافي أمس ، إن ما يُروّج له من قبل إدارة أوباما حول الضربة المحتملة مجرد أكاذيب. وأكد أنه إذا كان توازن القيادة التركية اختل بسبب أحداث مصر فسيزداد عمقاً تجاه سوريا.
يأتي هذا في ظل توجه قوي من قبل تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لشن ضربة عسكرية ضد النظام السوري.
وفي حين رأى أن العالم يحتشد لأن سوريا صمدت طيلة الأزمة، قال إنه «إذا وقعت الضربة العسكرية سنواصل الدفاع عن أنفسنا بالوسائل المتاحة»، لكنه في الوقت عينه شدد على أنه لم يجزم إطلاقاً بأن هناك ضربة عسكرية في الأساس.
وقال : إذا هوجمنا سيكون أمامنا خياران إما الاستسلام أو الدفاع عن أنفسنا، مضيفاً «لدينا وسائل ندافع بها عن أنفسنا ستفاجئ العالم».
وعن العلاقة بروسيا لاسيما بعد الموقف الأخير الذي أطلقته بعدم تدخلها في حال وقوع أي ضربة عسكرية ضد سوريا، أكد أن العلاقة مع روسيا راسخة وكلام لافروف بالأمس كان طبيعياً.
كما رأى في رفض الأردن فتح مجاله الجوي لأي ضربة عسكرية على سوريا أمر جيد، مؤكداً أن أمن الأردن مرتبط بأمن سوريا. ولفت إلى أن هناك تنسيقاً كاملاً مع الإيرانيين في مختلف المجالات. مشيراً إلى أن ما يجري في العراق وسوريا مخطط له منذ 2009 للوصول إلى طهران.
من جهة أخرى، نفى المعلم أن يكون الرئيس الأسد هدد بتفجير آبار النفط في الخليج.
أما عن موضوع لجنة التحقيق في الكيماوي، فأكد أن سوريا لم تستخدم الأسلحة الكيماوية، متحدياً مَنْ «لديه أدلة على استخدام النظام للكيماوي إظهارها».
وأضاف في مؤتمر صحافي أن ما حدث في الغوطة هو ضربة استباقية للهجوم على دمشق.
ودعت وزارة الخارجية الروسية الولايات المتحدة والأسرة الدولية إلى «الحذر» بشأن سوريا، مشيرة إلى أن أي تدخل عسكري ستكون له «عواقب كارثية» على دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأعلنت الوزارة في بيان أن «المحاولات الرامية إلى الالتفاف على مجلس الأمن ، وإيجاد ذرائع واهية وعارية عن الأساس مرة جديدة ، من أجل تدخل عسكري في المنطقة ستولد معاناة جديدة في سوريا ، وستكون لها عواقب كارثية على الدول الأخرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، داعية إلى «الحذر وإلى احترام صارم للقانون الدولي».
من جانبها حذرت إيران أمس من أي تدخل عسكري خارجي في سوريا، قائلة إن الصراع الذي سينجم عن ذلك سيلحق بالمنطقة كلها ، وتتمركز بالفعل سفن حربية أمريكية تحمل صواريخ كروز في البحرالمتوسط . وقالت إيران التي تساند الرئيس السوري في مواجهة مقاتلي المعارضة الذين يحاولون الإطاحة به، إن المقاتلين هم من نفذ الهجوم وأعلنتأن الغرب يستغل هذا كمبرر للتدخل في سوريا.
وقال المتحدث باسم وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي خلال مؤتمر صحافي: «نريد أن نحذر بشدة من أي هجوم عسكري على سوريا. ستكون هناك بالقطع عواقب خطيرة على المنطقة. هذه التعقيدات والعواقب لن تقتصر على سوريا. بل ستشمل المنطقة كلها».
وكانت الولايات المتحدة قد أرجأت اجتماعاً كان مقرراً مع روسيا في لاهاي لبحث الأزمة السورية ، في وقت بدا أن واشنطن تعد لضربة عسكرية محتملة إثر التقارير عن استخدام نظام الرئيس بشار الأسد أسلحة كيماوية ، الأمر الذي دعا روسيا لإبداء «أسفها» لإرجاء الاجتماع.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أبلغ رئيس الحكومة البريطاني ديفيد كاميرون في اتصال هاتفي أمس الاول بأنه لا يوجد دليل على أن القوات النظامية السورية استخدمت أسلحة كيماوية ضد المسلحين المعارضين.
وقال المتحدث باسم مكتب رئاسة الوزراء إنه خلال مكالمة هاتفية بين الزعيمين قال بوتين إنه «ليس لديهم أدلة على أن هجوماً بأسلحة كيماوية قد وقع أو من هو المسؤول عنه».
وقد حذرت روسيا القوى الغربية من أي تدخل عسكري في سوريا قائلة إن استخدام القوة دون تفويض من الأمم المتحدة سيكون انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن موسكو ليست لديها النية للدخول في صراع عسكري بسبب الحرب الأهلية في سوريا، وإن واشنطن وحلفاءها سيكررون «أخطاء الماضي» إذا تدخلوا في سوريا.