
> سموه حريص على تقديم الدعم الفوري لكل المنكوبين في جهات الأرض الأربع
> إشادة مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية باستضافة الكويت مؤتمر المانحين لمساعدة السوريين توفر أرضية جيدة لنجاحه
> كلمة سموه أكدت أنه من الخطير أن يتفرج العالم على مأساة الشعب السوري ويقف مكتوف الأيدي إزاءها
> صاحب السمو ينطلق من مبادئ إسلامية تفرض تقديم العون للمحتاجين وإغاثة الملهوفين
> أمير البلاد قدم دعمه الدائم للشباب العربي عبر صندوق المشاريع الصغيرة وللمحتاجين في أفريقيا وآسيا
المبادرة التي طرحها سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد على القمة الـ33 لمجلس التعاون الخليجي في المنامة، والتي أعلن من خلالها عن استضافة الكويت مؤتمراً دولياً للمانحين لدعم الشعب السوري، يعقد في نهاية يناير المقبل، أحدثت أصداء إيجابية واسعة، حيث أشاد بها المجلس الأعلى لـ«التعاون الخليجي» في بيانه الختامي الصادر عن قمة المنامة، كما أشاد بها الأمين العام للجامعة العربية د.نبيل العربي في بيان أصدره قبل يومين، وأكد فيه «ترحيبه بالمبادرة التي أعلنها سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، لاستضافة مؤتمر المانحين لتقديم المساعدات للشعب السوري»، وأشار إلى «دعم الجامعة العربية لعقد هذا المؤتمر في دولة الكويت، واستعداد الأمانة العامة للجامعة لتقديم كل ما من شأنه أن يسهم في إنجاح المؤتمر».
وقد وجدت المبادرة السامية أيضاً اهتماماً كبيراً من جانب وكالات الأنباء ووسائل الإعلام، والتي ربطت بين هذه المبادرة والمواقف الإنسانية التي يسجلها دائماً صاحب السمو الأمير، بمساندته ودعمه للشعوب التي تواجه محناً وكوارث، سواء كانت طبيعية بفعل الزلازل والأعاصير، كما حدث مراراً بالدعم الكبير الذي قدمه سموه لمنكوبي إعصار «تسونامي» في إندونيسيا وغيرها من دول جنوب شرق آسيا، فضلاً عن دول عديدة أخرى في الشرق والغرب، أمر سموه بتقديم مساعدات فورية لها عند حدوث أي كوارث طبيعية بها، أو كانت هذه الكوارث ناجمة عن ثورات وحروب، حيث لا تكاد تتوقف قوافل المساعدات الغذائية والطبية التي توجهها الكويت إلى الدول المنكوبة في مناطق مختلفة من العالم.
كما اهتمت وكالات الأنباء ووسائل الإعلام العربية والدولية بما أوضحه سمو الأمير في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للقمة الخليجية الأخيرة، حين قال: «إن مما يدعو إلى الأسى والألم أن الجرح السوري لا يزال ينزف، وآلة القتل تتواصل، لتقضي كل يوم على العشرات من الأشقاء في سوريا، فلم ترحم تلك الآلة من هو طاعن في السن، أو براءة طفل، أو قلة الحيلة لامرأة ثكلى»، وإشارته التي عبر عنها بألم شديد بقوله: «ومما يضاعف من الأسى والألم أن الدلالات على قرب نهاية هذه المأساة مازالت بعيدة المنال، رغم الجهود الإقليمية والدولية»، وهو ما يستوجب - كما أكد سموه - «أن يتحرك المجتمع الدولي وبشكل فاعل وسريع لوضع آليات يتحقق من خلالها دعم إنساني يخفف من معاناة الأشقاء ويضمد جراحهم».
هذا الجانب الذي لمسه سمو أمير البلاد استلفت بقوة أنظار المراقبين، إذ إنه ليس من المعقول أن يترك الشعب السوري هكذا «في العراء» يعاني وحده التشتت والتشرد والجوع والضياع، انتظاراً لنهاية حرب قد تطول، ولا يعلم إلا الله مداها، ومن ثم فلابد من أن تكون هناك مبادرات جادة وعاجلة لمساندة هذا الشعب الشقيق، ومساعدته على اجتياز هذه المحنة القاسية، لأن الانتظار حتى تضع الحرب أوزارها وتستقر الأوضاع تماماً هو أمر غير إنساني وفوق طاقة الاحتمال.
لا يعني ذلك بالطبع إهمال الجهود السياسية التي تبذل لإنهاء الصراع الدائر الآن على الأراضي السورية، وإنما لابد من اقتران الأمرين معاً، وقد تبنت القمة الخليجية مساعي الجامعة العربية ومنظمة الأمم المتحدة المبذولة في هذا الاتجاه، وأكدت تأييدها ودعمها الكاملين لها.
ويرى مراقبون ومحللون سياسيون أن صاحب السمو الأمير يستكمل بهذه المبادرة السامية رؤيته الإنسانية الشاملة التي تهتم بالإنسان أينما كان، وتعطي الأقربين بالطبع حيزاً أكبر من الاهتمام والمتابعة، وسموه ينطلق في هذا من مرتكزات ومبادئ إسلامية عظيمة، تحث على الإحسان إلى الناس والبر بهم، وعلى الرغم من أنها تولي ذوي القربى نصيباً أكبر من الاهتمام والعناية، إلا أنها توصي أيضاً بالرحمة والعطف على كل بني الإنسان، وإقالتهم من عثرتهم، وتقديم يد العون لهم في محنهم ومآسيهم، كما ينطلق سموه من تاريخ حافل له في العمل الدبلوماسي والعلاقات الدولية، مكنه من تكوين رؤية عالمية شاملة تحنو على الإنسان في كل مكان، وتدرك أنه لا يمكن أن يهنأ إنسان وإلى جواره آخر تعيس، أو يسعد شعب وبجانبه شعب آخر شقي، ولعل هذا ما عبر عنه سموه أيضاً في الكلمة ذاتها التي ألقاها أمام قمة المنامة، حين حذر من أن ما تفعله إسرائيل من عدوان صارخ على الشعب الفلسطيني، وانتهاك لكل القيم والأعراف الدولية والانسانية، ومصادرة للأراضي العربية، والتوحش في حركة الاستيطان، كل ذلك ينهي آمال السلام ويقضي على أي فرص لاستتباب الأمن والاستقرار في المنطقة، ومما قاله سموه - ويؤيده فيه كل المحبين للسلام في العالم -: «إن العدوان الهمجي الإسرائيلي الذي وقع على غزة مؤخراً، وما خلفه من قتل ودمار يؤكد ما نقوله دائماً، بأن هذه المنطقة لن تنعم بالأمن والسلام، ولن تشعر شعوبها بالعدالة، دون حصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه المشروعة، وإذعان إسرائيل لهذه الحقيقة الجلية».
ولا ينفصل عن ذلك أيضاً ما أكده سموه من ضرورة «تجاوب إيران مع الجهود الدولية المبذولة لتجنيب الشعب الإيراني والمنطقة بكاملها أسباب التوتر وعدم الاستقرار»، على صعيد ملفها النووي، وكذلك التجاوب مع الدعوات العربية والدولية لحل أزمة الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة وموضوع الجرف القاري، من خلال المفاوضات المباشرة، أو اللجوء إلى التحكيم الدولي.
هكذا إذن تتكامل الرؤية العربية والدولية والإنسانية في فلسفة الحكم لدى صاحب السمو الأمير، الذي ينبه دوماً إلى أن العالم كله متكامل ومتساند، وأنه ليس في مقدور دولة توهم أنها تتحرك وتتصرف وحدها كأنها جزيرة منعزلة، وأن على كل دول العالم أن تتعاون وتتواصل، من أجل خير البشرية جمعاء، ودون ذلك فإن الطوفان إذا حل سيغرق الجميع، ولن ينجو منه أحد.