
زكي رستم أشهر باشا في السينما تمرد على أسرته الارستقراطية وهجر كليه الحقوق واتجه للتمثيل فخيرته والدته فاختار التمثيل فتم طرده من القصر فأصيبت والدته بالشلل من الصدمة حتى ماتت فعاقب نفسه بالعيش وحيدا داخل شقته بلا أصدقاء مع خادمه العجوز وكلبه وكانت علاقته تنتهي بالفن بمجرد خروجه من البلاتوه ولا يحضر أية مناسبات فنية وفي نهاية الستينيات أصيب بالطرش فعاش سنواته الأخيرة في صمت رهيب على السطور التالية نقدم زكى رستم النجم الذي رفض العالمية ولم يمش فى جنازته أحد .
ولد محمد زكي محرم محمود رستم في 5 مارس 1903 في قصر جده اللواء محمود رستم باشا بحي الحلمية الذي كانت تقطنه الطبقة الأرستقراطية في أوائل القرن الماضي وكان والده محرم بك رستم عضواً بارزاً بالحزب الوطني وصديقاً شخصياً للزعيمين مصطفى كامل ومحمد فريد وفي عام 1920 نال شهادة البكالوريا ورفض استكمال تعليمه الجامعي وكانت أمنية والده أن يلحقه بكلية الحقوق إلا أنه اختار هواية التمثيل وكانت رياضة رفع الأثقال هوايته المفضلة وفاز بلقب بطل مصر الثاني في حمل الأثقال للوزن الثقيل .
بدايته الفنية
التقى بالفنان عبد الوارث عسر الذي ضمه إلى إحدى فرق الهواة المسرحية وكانت هذه نقطة التحول في حياته وبعد وفاة الأب تمرد على تقاليد الأسرة العريقة معلناً انضمامه إلى فرقة جورج أبيض فطردته أمه من القصر لأنه مثل سيئ لإخواته بعدما خيرته بين الفن والتحاقه بكلية الحقوق فاختار المسرح فأصيبت بالشلل حتى وفاتها وانضم إلى فرقة عزيز عيد ثم تركها بعد ذلك لينضم إلى الفرقة القومية وظل فيها عشرة أعوام كاملة واختاره المخرج محمد كريم ليشترك في بطولة فيلم "زينب" الصامت تأليف الدكتور حسين هيكل وإنتاج يوسف وهبي وكان أمام الفنانة بهيجة حافظ
فنان عالمي
تمرد زكى رستم الباشا الارستقراطي في السينما المصرية على دور الرجل الارستقراطي وقدم أدوار المعلم في سوق الخضار والأب الحنون والفتوة والموظف الغلبان والمحامي والسياسي والزوج القاسي وتاجر المخدرات ورئيس العصابة وكانت أدوار الشر المتميزة هي بصمته وأداها ببراعة وتقمص شديد فلفت الأنظار عالميا عندما عرضت عليه شركة كولومبيا الأمريكية بطولة فيلم عالمي لأنه يجيد الانجليزية بطلاقة والطريق أمامه مفتوح نحو العالمية قبل عمر الشريف فرفض زكي رستم ولما سألوه عن سبب الرفض قال بغضب اشتغل في فيلم يعادي العرب لا أريد العالمية ولا تلزمني كتب عنه جورج سادول المؤرخ والناقد السينمائي الفرنسي إنه فنان قدير ونسخة مصرية من أورسن ويلز بملامحه المعبرة ونظراته المؤثرة واختارته مجلة باري ماتش الفرنسية بوصفه واحداً من أفضل عشرة ممثلين في العالم وأطلق عليه رائد مدرسة الاندماج فكان نموذجاً رائعاً للنجم السينمائي المتفرد في مواهبه الذي يستطيع تقمص أية شخصية مهما تعددت حالاتها النفسية ومواقفها المتقلبة والمتلونة فكان لا يكاد ينتهي من أداء موقف من المواقف أمام الكاميرا حتى تتصاعد موجة من التصفيق من كل الحاضرين في البلاتوه كان الفن عنده هو البلاتوه ولحظة خروجه منه تنقطع الصلة بينهما تماماً ولهذا لم يكن له أصدقاء صديقه الوحيد سليمان نجيب وكان معروفا بابن الباشا وكان يحترم ويحب الفنان عبد الوارث عسر وعاش طوال حياته أعزب لا يفكر في الزواج لا يشغله سوى الفن
أعماله السينمائية
بلغ رصيده 240 فيلما ولكن المشهور منها والمعروف 55 فيلما حيث قدم خلال فترة الثلاثينيات مجموعة من الأفلام بدأت بفيلم "زينب" الصامت عام 1930 والضحايا والوردة البيضاء1932 ثم كفري عن خطيئتك والاتهام وليلى بنت الصحراء وليلى البدوية والعزيمة وزليخة تحب عاشور وتوالت أفلامه في الأربعينيات ومنها إلى الأبد والمتهمة والشريد وهذا جناه أبي والحياة كفاح وقصة غرام والصبر طيب والسوق السوداء وعدو المرأة والنائب العام وخاتم سليمان وكان فيلم ياسمين مع أنور وجدي وفيروز بداية أفلامه في الخمسينيات ثم معلش يازهر وأنا الماضي والنمر وبنت الاكابر وحكم قراقوش وبائعة الخبز وصراع في الوادي وموعد مع إبليس ورصيف نمرة خمسة وأين عمري والفتوة ولن أبكي أبدا وإمرأة في الطريق والهاربة وكان فيلم نهر الحب مع فاتن حمامة وعمر الشريف هو باكورة أفلامة في بداية الستينيات وتوالت أفلامة ملاك وشيطان ولحن السعادة والخرساء وأعز الحبايب ويوم بلا غد وبقايا عذراء والحرام وكان آخر أفلامه أجازة صيف عام 1967
الرحيل في صمت
في سنواته الأخيرة عانى من ضعف السمع وكان يكره أن يستعين بسماعة من تلك الاختراعات الإلكترونية وكان لايزال يسكن بمفرده في شقة بعمارة يعقوبيان بشارع 26 يوليو ولم يكن يؤنس وحدته سوى خادم عجوز قضى في خدمته أكثر من ثلاثين عاماً وكلبه الوولف الذي كان يصاحبه في جولاته الصباحية وفي عام 1968 توقف زكي رستم تماماً عن التمثيل واعتزل الناس بعد أن فقد حاسة السمع تماما وكان يقضي معظم وقته في القراءة حتى أصيب بأزمة قلبية حادة نقل على أثرها إلى مستشفى دار الشفاء وفي ساعة متأخرة من ليلة 15 فبراير عام 1972 رحل زكي رستم ولم يشعر به أحد ولم يمشِ في جنازته أحد من الفنانين فهل يتصور أحد أن تكون هذه نهاية زكي رستم أشهر من قدم أدوار الباشا والمعلم والموظف والتاجر وغيرها من الأدوار التي لاتزال راسخة في ذاكرة السينما المصرية والعربية فمات وحيدا كما عاش وحيدا ولله في خلقة شؤون .