
لا يعرف التاريخ العربي الحديث كاتبا وأديبا ومفكرا استطاع أن يتحدى إعاقته وغياب بصره ليقهر الظلام ويكتب اسمه بحروف من نور على صفحات الزمن مثلما فعل الدكتور طه حسين الذي أصر على استكمال تعليمه متحديا ظروفه ليحصل على الدكتوراه من جامعه القاهرة كما يحصل على الدكتوراه من جامعة السوربون فهو صاحب بصمة خاصة في الثقافة العربية لدرجة أن أطلق عليه «عميد الأدب العربي» إذ كان مثقفاً شاملاً استطاع الإلمام بالعديد من العلوم التي برع فيها ولم يكتف بتعلمها بل قام بدور اجتماعي وسياسي كبير في إنهاض المجتمع وتنوير العقل العربي وهو صاحب شعار «التعليم كالماء والهواء حق لكل إنسان» فله فضل كبير في إرساء قواعد مجانية التعليم لينشر النور رغم أنه يعيش في الظلام وعلى السطور التالية نزور بيته الذي تحول إلى متحف ومركزا ثقافيا للأنشطة الفنية والإبداعية والتعليمية.
تحويل منزله
إلى متحف
يعود المنزل إلى عام 1955 وهو أول منزل يملكه طه حسين في حياته بعد أن اشتراه من الفنان يوسف وهبي وكان يتكون المنزل من دورين وحديقة واسعة مليئة بالأشجار الغنية بالثمار وعاش في هذا المنزل عشرين عاماً حتى وفاته وظل المنزل ملكاً لورثة طه حسين حتى قررت وزارة الثقافة المصرية تحويله إلى متحف ومركز ثقافي تخليداً لذكراه حيث اشترته الوزارة من الورثة تمهيداً ليكون متحفاً ومركزاً ثقافياً في مطلع تسعينيات القرن الماضي بعد أن أهدت أسرة طه حسين جميع محتويات منزل الأديب الراحل إلى الدولة بما في ذلك الأوسمة والميداليات والنياشين والقلادات والشهادات الخاصة بعميد الأدب العربي وفي عام 1994 بنت وزارة الثقافة مركزاً ثقافياً تابعاً للمتحف في جزء من الحديقة لاقامة الأنشطة والندوات التكريمية لكبار المبدعين والفنانين ليتحول المركز إلى بؤرة إشعاع للتنوير والثقافة.
محتويات المتحف
يتكون متحف طه حسين من حديقة تضم مبنى المتحف والمنزل الذي كان يسكنه ومركز رامتان الثقافي وفى منتصف الحديقة يوجد تمثال نصفى صممه النحات عبد القادر رزق لطه حسين عام 1936والمتحف مقام على مساحة 860 مترًا ويتكون من دورين يحتوى الأول على المكتبة حيث كان يستمع فيها طه حسين إلى من يقرأ له كذلك كان يُملى مقالته على أنغام الموسيقى الكلاسيكية كما كانت تعقد فيها اجتماعات اللجان التي كان يرأسها وذلك خلال السنوات الأخيرة من حياته عندما كان يشتد عليه المرض ولا يستطيع مغادرة الفيللا ويوجد بجانب غرفة المكتبة أنتريه صغير يُفضى إلى صالون طه حسين حيث كان يلتقي زواره مساء الأحد من كل أسبوع وملحق بقاعة الاستقبال غرفة دائرية وبعض اللوحات الفنية ويحتوى الدور العلوي من المتحف على غرفة نوم طه حسين وغرفة نوم ابنه مؤنس وغرفة الاستماع إلى الموسيقى .
ويتكون مركز رامتان الثقافي من طابقين يحتوى الأول على قاعة متعددة الأغراض ومجهزة للسماح بتوظيفها بشكل جيد لإقامة الندوات والمحاضرات والمعارض ويحتوى الطابق الثاني على قاعة إطلاع ودراسة وغرفة بنك المعلومات.
محطات في حياة
قاهر الظلام
ولد طه حسين في 14 نوفمبر 1889 بمحافظة المنيا وفقد بصره في سن مبكرة انتقل إلى القاهرة ليلتحق بالأزهر وبعده التحق بالجامعة المصرية عام 1908 وحصل على الدكتوراه عام 1914 وفى نوفمبر من العام نفسه سافر في بعثة إلى فرنسا وحصل على الدكتوراه من جامعة السوربون .
تزوج من «سوزان» كانت تساعده في قراءة دروسه وفى عام 1919 عاد طه حسين إلى مصر وعمل كأستاذ للتاريخ بالجامعة المصرية وعُين عميدًا لكلية الآداب عام 1928.
وفى عام 1950 اختير وزيرًا للتربية والتعليم وكانت تسمى وقتها وزارة المعارف العمومية وقام بإصلاحات مهمة في التعليم وأهمها مجانية التعليم والتوسع في إنشاء المدارس الجديدة وإعلاء شعار التعليم كالماء والهواء .
ألف طه حسين ما يزيد على خمسين كتابًا ترجم معظمها إلى لغات عديدة وتُوفى في فيللا رامتان في 28 أكتوبر 1973 وشُيعت جنازته من جامعة القاهرة.
قدم الفنان الراحل أحمد زكي قصة حياة طه حسين من واقع كتابه الذي يضم سيرته وهو الايام في مسلسل درامي حقق نجاحا كبيرا وقت عرضه وكان سببا في شهرة أحمد زكي وانطلاق نجوميته وشهرته ليحصل على البطولات السينمائية بعدها كما قدم الفنان محمود ياسين شخصية طه حسين في فيلم سينمائي لكنه لم يحقق ذات النجاح الذي حققه المسلسل لتصبح سيرة عميد الادب العربي ملهمة للأجيال ومثالا حيا على قدرة الانسان وقوة ارادته في تحدي اعاقته مهما كانت العقبات والصعوبات فمع التصميم والارادة يستطيع الانسان تحقيق طموحاته واحلامه ولا يستسلم لليأس ابدا .