
سنوات طويلة ونحن نستمتع بأغنية «لا تكذبي» الشهيرة التى كتبها الشاعر كامل الشناوي ولا نعرف أن الشناوي كتبها بدمه ودموعه وزفراته وآهاته في قصة حب فاشلة من طرف واحد بعد أن وقع الشناوي في غرام المطربة نجاة الصغيرة ومنحها مجدا وشهرة ومنحته حياة بائسة لم تبادله الحب وقيل أنها كانت تعبث بمشاعره وحققت الأغنية نجاحا كبيرا لدرجة أن ملحنها عبد الوهاب طمع فيها وغناها بنفسه ثم غناها عبد الحليم حافظ واعتبرت نجاة غناء عبد الحليم لها اعتداء عليها وعلى حقوقها ومحاولة لسرقة نجاحها وفي النهاية مات الشاعر كامل الشناوى حزينا مكتئبا ليصدق عليه المثل ومن الحب ماقتل على السطور التالية نقدم الحكاية بتفاصيلها بآلامها وأحزانها ونجاحاتها ومعاركها لتكون حاضرة في أذهاننا ونحن نستمع إليها
الشاعر كامل الشناوي الذي أمتعنا بروائع الأعمال الشعرية والقصائد الغنائية كان عاطفيا ورومانسيا يرى أن الحياة بلا حب نعيم لا يطاق فتغزل في الحب بقصائد تهز أوتار القلوب وتؤجج مشاعر النفوس فغنى له كبار نجوم الطرب عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش وأم كلثوم وعبد الوهاب ومن أغانيه «حبيبها لست وحدك حبيبها» «لست قلبي» لعبد الحليم حافظ وغنى له فريد الأطرش «عدت يايوم مولدي « «حياتي عذاب» «الليل والحب والموت» وغنت له أم كلثوم «على باب مصر تدق الأكف « وكان آخر أعماله الفنية أوبريت «أبو نواس» هذا الشاعر العظيم حوله حبه لنجاة الصغيرة إلى رجل هائم على وجهه بعد أن ساهم في شهرتها وقدم لها أجمل القصائد التي أظهرت جمال ونعومة صوتها هو وشقيقه مأمون الشناوي ولكنها فضلت عليه الأديب الشهير الراحل يوسف إدريس وهي قصة الحب التي نفتها الصغيرة أكثر من مرة ويقول الصحفي الراحل مصطفى أمين في كتابه «شخصيات لا تنسى» عشت مع كامل الشناوي حبه الكبير وهو الحب الذي أبكاه وأضناه وحطمه وقتله في آخر الأمر أعطى كامل لهذه المرأة كل شيء المجد والشهرة والشعر ولم تعطه شيئاً أحبها فخدعته أخلص لها فخانته جعلها ملكه فجعلته أضحوكة
غنتها نجاة في فيلم الشموع السوداء
ويروى مصطفى أمين أن الشناوي كتب قصيدة «لا تكذبي» في غرفة مكتبه بشقته في الزمالك وكان كامل ينظمها وهو يبكي كانت دموعه تختلط بالكلمات فتطمسها وكان يتأوه ويتألم وبعد أن انتهى من نظمها اتصل بنجاة الصغيرة يسمعها القصيدة وهنا يقول مصطفى أمين بدأ كامل يلقي القصيدة بصوت منتحب خافت تتخلله الزفرات والعبرات والتنهدات والآهات وكانت نجاة صامته لا تعلق ولا تعترض وبعد أن انتهى كامل من إلقاء القصيدة قالت: كويسه قوى تنفع أغنيه لازم أغنيها ودفعت بها لمحمد عبد الوهاب فلحنها وغنتها للمرة الأولى في فيلم «الشموع السوداء» مع أمينة رزق وصالح سليم وفؤاد المهندس وعرض الفيلم عام 1962وحققت نجاحا كبيرا واعتبر كامل أن هذه بداية مبشرة وظل يحاول التقرب منها فكانت تجد متعه أن تعبث به يوماً تبتسم ويوماً تعبس ساعة تقبل عليه وساعة تهرب منه تطلبه في التليفون في الصباح ثم تنكر نفسها منه في المساء ليعيش الشناوي في عذاب دائم
لاتكذبي بصوت عبد الوهاب وعبد الحليم
النجاح الكبير الذي تحقق للأغنية جعل الجمهور في إحدى حفلات عبد الحليم حافظ عام 1963 يطلب منه غناءها فغناها وأعجب بها الجمهور لأن كلماتها موجهة أساسا إلى امرأة وسجلها حليم بعد ذلك على أسطوانة وثارت ثائرة نجاة وهاجمته في الصحف وقاطعت حليم وظلت القطيعة بينهما لسنوات أما عبد الوهاب فقد كان ضيفاً في حوار لهيئة الإذاعة البريطانية وطلب منه المذيع أداء الأغنية بصفته ملحناً لها فغناها على العود كاملة ثم سجلها أيضا في مصر بعد ذلك بتوزيع موسيقي لعلي إسماعيل
الكل حقق النجاح والشهرة من أغنية «لا تكذبي» لكن مؤلفها المسكين ظلت لعنة الحب الفاشل تطارده فهام على وجهه كمجنون ليلى وظلت جراح الحب الأليم تنزف في قلب كامل الشناوي حتى قيل إنه مات مكتئباً في 30 نوفمبر 1965 لنقول بالفعل أن من الحب ماقتل ليظل صوت الشناوى يتردد لعقود طويلة
لا تكذبي.. إني رأيتكما معاً ودعي البكاء فقد كرهت الأدمعا ما أهون الدمع الجسور إذا جرى من عين كاذبةٍ فأنكر وادَّعى إني رأيتكما إني سمعتكما عيناكِ في عينيهِ في شفتيهِ في كفيهِ في قدميهِ ويداكِ ضارعتانِ ترتعشان من لهفٍ عليهِ.. ولله في خلقه شؤون