
روحانية مختلفة تشعر بها عند سماعك للابتهالات الدينية خاصة في شهر رمضان الكريم نظرا لروعة كلماتها المنتقاة بعناية ولعلك تشعر بذلك عند سماعك أشهر ابتهال ديني ارتبط برمضان في ذاكرة الشعوب العربية للشيخ سيد النفشبندي وأشهر صوت رمضاني وهو «مولاي إني ببابك قَد بَسطتُ يَدى .. مَن لي ألوذ به إلاك يا سَندى؟.. أقُوم بالليّل والأسّحار سَاهية.. أدّعُو وهَمّسُ دعائي.. بالدموع نَدى.. بنُور وجهك إني عائد وجل..ومن يعد بك لَن يَشّقى إلى الأبد – وربما لا يعرف الكثيرون أن هذا الابتهال جاء تنفيذه بقرار من رئيس الجمهورية أنور السادات فما هي قصة أشهر ابتهال رمضاني؟
جاء ابتهال «مولاي يا مولاي» كلمات الشاعر عبد الفتاح مصطفى وبصوت قيثارة السماء الشيخ سيد النقشبندى صاحب الصوت البديع بروحانية نقية وكان ذلك بداية أول تعاون مع الملحن الراحل بليغ حمدى والذي لحن له فيما بعد عدد من الابتهالات الدينية
يعود الفضل في التعاون بين الشيخ النقشبندى والملحن بليغ حمدي للرئيس الراحل محمد أنور السادات الذي كان يعشق الإنشاد الديني حيث انه كان يرتبط بالشيخ النقشبندى بعلاقة صداقة وقتما كان السادات رئيسا لمجلس الأمة وأراد أن يجمع عملا بين المنشد الكبير النقشبندى والموسيقار بليغ حمدي فأمر قائلا: أحبسوا النقشبندى وبليع مع بعض لحد ما يطلعوا بحاجة» فكان الابتهال الخالد «مولاى إني ببابك»
والحكاية أن السادات قال لبليغ حمدى: «عاوز أسمعك مع النقشبندى» وكلف الإذاعي وجدي الحكيم بفتح أستوديو الإذاعة لهما وعندما سمع النقشبندى ذلك وافق محرجا وتحدث مع الحكيم بعدها قائلا: «ما ينفعش أنشد على ألحان بليغ الراقصة»حيث كان النقشبندى قد تعود على الابتهال بما يعرفه من المقامات الموسيقية دون وجود لحن معتقدا أن اللحن سيفسد حالة الخشوع التي تصاحب الابتهال ولذلك كان رد الشيخ: على آخر الزمن يا وجدى «هاغنى»؟ في إشارة إلى أن الابتهال الملحن يجعل من الأنشودة الدينية أغنية
ورغم محاولات الشيخ الاعتذار أكثر من مرة للحكيم بأن يعتذر لبليغ عن عدم العمل معه إلا أنه أقنعه بعدم مخالفة قرار الرئيس السادات ويستمع الى اللحن أولا وبعدها يقرر أن كان سيكمل اللحن أم لا على أن يكون بينهما إشارة يعرف منها الحكيم رأى النقشبندى في اللحن وبالفعل ذهب الحكيم بصحبة النقشبندى إلى الأستوديو واتفقا إذا خلع الأخير عمامته فهذه إشارة على إعجابه باللحن وإن وجد الحكيم أن العمامة كما هي على رأسه فيعنى أنه لم يعجبه اللحن على أن يتحجج بعدها وجدي الحكيم بوجود أي أعطال في الأستوديو لإنهاء اللقاء لكن وبعد دقائق من دخول الأستوديو فإذا بالنقشبندى يخلع عمامته والجبة والقفطان قائلا: « يا وجدى بليغ ده جن «
وفى هذا اللقاء انتهى بليغ من تلحين «مولاي إني ببابك» التي كانت بداية التعاون بين بليغ والنقشبندى حيث لحن بليغ للنقشبندى ابتهالات أخرى وتواصلت الأعمال المشتركة بينهما من أشهرها:
- مولاي إني ببابك
- كُن لنا نِعم المعين.
- عليك سلام الله.
- أشرق المعصوم.
- أقولُ أمتي.
- أنغام الروح.
- رباهُ يا مَن أناجي.
- ذِكرى بدر.
- دار الأرقم.
- أخوة الحق.
- أيها الساهر.
وكلها من كلمات الشاعر عبد الفتاح مصطفى لكن تظل أنشودة يا مولاي هي الأشهر والتي ارتبطت برمضان ليرحل الشيخ سيد في 14 فبراير 1976وهو دون الستين في عامه السادس والخمسين رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته .