
يعتبر الفنان الكبير خالد النفيسي أحد أعمدة المسرح الكويتي وهرما من أهرامات الفن الخليجي شكل مع رفاق دربه العصر الذهبي للدراما والفنون الكويتية منذ بداية الستينيات فأصبحت الكويت هوليوود الخليج بعدما امتلكت الريادة الفنية والثقافية لمنطقة الخليج وتحولت أعمالهم مع مرور الزمن إلى أيقونات فنية بعدما ساهمت في تشكيل وعي الجماهير والمجتمع الخليجي فاستحق أن يكون رائد مدرسة التمثيل الحديثة والملقب بالوزير العاشق الذي رحل في مشهد درامي أدمى قلوب محبيه وهو يعود إلى أرض الوطن محمولا من المملكة المغربية التي عشقها ورحل على أرضها ليدفن في ثرى الكويت ومابين الميلاد والتألق الفني والرحيل مسيرة نصف قرن من الإبداع والتميز والتفرد وعلى هذه السطور نسرد جوانب مضيئة ومحطات في حياته » .
البدايات
ولد النجم القدير خالد بن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن النفيسي في العام 1938 كما ورد في جواز سفره وليس كما هو متداول في يناير 1937 ويرجع نسبه إلى أسرة النفيسة أو كما تسمى في بعض فروعها بالنفيسي إلى فخذ العفسة المتفرعة من واصل من بريه الجذم الثالث من قبيلة مطير الغطفانية .
والتحق بمدرسة الأحمدية ليلتقي فيها مع رفيق عمره عبد الحسين عبد الرضا ويمثلا معا على مسرح المدرسة بتشجيع من الناظر عبدالملك الصالح الذي رأى فيهما موهبة نادرة فكان تصفيق الطلبة وتشجيع الناظر إيذانا بميلاد نجمين سيسطعان في سماء الفن الكويتي والخليجي وسيكون لهما شأنا كبيرا في السنوات المقبلة تزاملا في معسكر الكشافة واشتركا في حب كرة القدم مع التمثيل لكن شاءت الأقدار أن يخرج النفيسي للحياة العملية مبكرا بعد أن توفي والده وكان في الخامسة عشرة من عمره فترك المدرسة وهو في المرحلة الثانوية.
فعمل في بدايات حياته العملية موظفا في وزارة المالية العام 1954 ثم في ميناء الشويخ ثم عين موظفاً في صندوق الجمارك ولكنه لم يستمر طويلاً حيث انتقل إلى العمل في أملاك الدولة ثم عمل عام 1962 بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ثم عين في وزارة الإعلام بوظيفة مساعد خدمات تسجيل ومونتاج في قسم شئون المسرح وخلال هذه الرحلة كان يتطلع إلى عشقه في الوقوف على خشبة المسرح فقدم أول أعماله المسرحية البارزة مسرحية «ضاع الأمل» من تأليف وإخراج محمد النشمي العام 1956مع فرقة المسرح الشعبي فقدم أداء لفت الأنظار إليه فقد كان بعيدا عن الصوت المرتفع والمبالغات في التشخيص التي كان يعتمد عليها الجيل الذي سبقه كحمد الرجيب ومحمد النشمي وعقاب الخطيب كان طبيعيا وتلقائيا. .
مسرحيات النفيسي
كان المسرح الكويتي يعتمد على الارتجال والمبالغات والاجتهادات فاستقدمت الكويت الفنان الكبير زكي طليمات ليؤسس لمسرح كويتي على أسس علمية وانخرط في فرقة المسرح العربي التى أعلن من خلالها عن استقبال المواهب الشبابية من أبناء الكويت فتقدم العشرات ليستقر طليمات على نخبة من هؤلاء الشباب أصبحوا نجوما كبار فيما بعد وهم عبد الحسين عبد الرضا وخالد النفيسي وغانم الصالح وسعد الفرج ومريم الصالح ومريم الغضبان وتميز النفيسي بين أقرانه بشقاوته وكثرة مقالبه وميله إلى المزاح والمرح فأحبه طليمات وقدمه مع أبناء جيله في أول عمل مسرحي على أساس علمي في مسرحية «صقر قريش» من إخراج زكي طليمات وتأليف محمود تيمور في العام 1961 و قدم فيها دور أبوالرماح مع عدد من نجوم فرقة المسرح العربي وقتها أمثال مريم الغضبان وعبد الحسين عبد الرضا وعبد الرحمن الضويحي وحسين الصالح الدوسري ومريم الصالح وغانم الصالح وعرضت المسرحية على مسرح ثانوية الشويخ ويتزامل عبد الحسين والنفيسي من جديد على خشبة المسرح لتكون بداية رحلة صداقة وعمل لجيل ذهبي صنع مجدا وتاريخا فنيا للكويت والخليج ليقدم النفيسي بعدها - ابن جلا - استارثوني وأنا حي - مضحك الخليفة أبو دلامة - عشت وشفت - إغنم زمانك - 24 ساعة - الكويت سنة 2000 - حط حيلهم بينهم - من سبق لبق- حرم سعادة الوزير - بيت بو صالح - يسوونها الكبار - ممثل الشعب- حامي الديار –
دقت الساعة
أزمة مسرحية «هذا سيفوه».
اختار خالد النفيسي الرحيل عن الكويت احتجاجا على منع مسرحيته الجريئة «هذا سيفوه « من العرض في العام 1987خاصة بعد أن خضع أبطالها للمحاكمة وحكم بالسجن ثلاثة أشهرعلى عبد الحسين عبد الرضا مع إيقاف التنفيذ وغرامة 500 دينار وبراءة كل من سعد الفرج وخالد النفيسي لكن النفيسي كان قد اتخذ قراره ليتوقف بعدها ويغادر الكويت ويقيم في المملكة المغربية لسنوات طويلة ممارسا لتجارة العقارات ثم يعود ليقدم بعد توقف طويل جنون البشر في العام 1997 ثم سنطرون بنطرون عام 2000 ثم وزير الناس2002 لتكون آخر عهده بخشبة المسرح .
أعماله الدرامية
قدم خالد النفيسي مجموعة كبيرة من الأعمال الدرامية رسخت وجوده بقوة وشكلت علامات في تاريخ الدراما الكويتية والخليجية منها على سبيل المثال درب الزلق والى أبى وأمي مع التحية وغيرها بدأت بالدرس الأول والأخير ثم توالت الأعمال محكمة الفريج - مواقف- طيبة وبدر- دنيا المهابيل - درب الزلق المصير – الغوص - الأخوة الثلاثة - زوج سعيد جدا جدا – سباعية - إلى أبي وأمي مع التحية(جزئين) الجزء الثاني عام 1982 أشياء ضرورية - الرحيل - أبلة منيرة - الأخوة الثلاثة خالتي قماشة - عائلة فوق تنور ساخن - إليكم مع التحية - الوريث بيت بلا أبواب - السرايات - عيال الذيب - ديوان السبيل - العضب الشريب بزة - خالتي وعمتي – الحيالة - كرت أحمر - فريج صويلح - بريق المال - ليكون أخر أعماله التلفزيونية قبل رحيله مسلسل «عديل الروح».
الأوبريتات
قدم النفيسي فن الاوبريت من خلال أوبريت «المطرب القديم»مع الفنانة القديرة سعاد عبد الله وكذلك «أوبريت الكويت بين الماضي والحاضر»
النفيسي والسينما
لم يقدم النفيسي طوال حياته سوى فيلمان فقط هما « العاصفة» عام 1965 ثم فيلم « الصمت» عام 1980 .
جوائز وتكريمات
حصد الكثير من الجوائز أهمها جائزة فنان المسرح الأول في العام 1977 والجائزة الذهبية عن دوره في مسرحية «حرم سعادة الوزير» في احتفال يوم المسرح العربي لتكريم الفنان المسرحي العام 1980 وكرمه الشيخ سالم الصباح رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى في 2001 وفي عام 2005 تم تكريمه في الاحتفال الذي أقامته وزارة الإعلام لمشاركته في فيلم العاصفة الذي شاركه فيه عبدالحسين عبدالرضا وحياة الفهد.
المشهد الأخير
كان النفيسي في المغرب وشعر بآلام في الصدر فأدخل إلى المستشفى هناك ويأمر سمو الشيخ صباح الأحمد الصباح بنقله بطائرة خاصة إلى لندن للعلاج إلا أن ظروفه الصحية وصعوبة تنفسه حالت دون ذلك ليرحل في السابع والعشرين من مارس عام 2006 في يوم المسرح العالمي ولم يترك وراءه أبناء بعدما عرف تجربة زوجية قصيرة في الستينات ولم يتزوج بعدها ليتبنى بعض الأطفال اليتامى في لبنان والمغرب .