
اختتمت فرقة المعهد العالي للفنون المسرحية العروض الرسمية لمهرجان أيام المسرح للشباب في دورته الخامسة عشرة، الذي نظمته الهيئة العامة للشباب بين 15 و23 فبراير الجاري، بعرض مسرحي لافت حمل عنوان «جثة على الرصيف»، تأليف الكاتب الراحل سعدالله ونوس، معالجة وإخراج مصعب السالم.
دراما مجتمعية بطرح معاصر
تدور أحداث المسرحية حول متسوّل بلا مأوى يفقد رفيقه في الشارع بسبب الجوع والبرد، بينما يرفض الشرطي الاعتراف بوفاته ويأمرهما بالمغادرة، دون أن يدرك أن أحدهما مجرد جثة. وفي هذه اللحظة، يظهر السيد (الذي جسد دوره مشعل العيدان) من قصره الفخم، ويقرر شراء الجثة، في مشهد يرمز إلى موت الضمير الإنساني وسط الصراعات الطبقية.
رؤية إخراجية تواكب الزمن
رغم أن المسرحية كُتبت عام 1965، إلا أن طرحها ما زال معاصراً، حيث يعكس واقع المجتمعات التي تعاني من الطبقية والفساد السياسي. وقدّم المخرج مصعب السالم معالجة حديثة للنص، فحوّله إلى اللهجة الكويتية لإضفاء طابع محلي وجعله أقرب إلى الجمهور. كما أضاف بعداً كوميدياً يعتمد على فكرة «شر البلية ما يضحك»، مما أكسب العرض طاقة تفاعلية مع المشاهدين.
تألق مشعل العيدان في تجسيد شخصية السيد بأسلوب يجمع بين التراجيديا والكوميديا، مستعيناً بخبرته في تقديم الشخصيات المركبة، بينما تألق بقية الممثلين في أدوارهم، ومن بينهم يعقوب جوهري، سيد محمد الموسوي، وصالح البحير. أما العناصر الفنية فقد لعبت دوراً محورياً في إبراز رؤية العرض، بدءاً من الديكور البسيط والمعبّر لفاطمة النصار، مروراً بإضاءة سارة الشمري التي أبدعت في استخدام خيال الظل، وصولاً إلى أزياء شهد البلوشي التي عكست التباين الطبقي بذكاء، والمكياج المتقن لاستقلال مال الله.
العمل تميّز بتنسيق فني متكامل بين عناصره، حيث شكلت الموسيقى والتأثيرات الصوتية إضافة نوعية عززت الحالة الدرامية. كما نجح فريق الإخراج، بقيادة آلاء سليم، أحمد العريفي، وعبد الرحمن التويتان، في إدارة الخشبة بسلاسة وتناغم.
بهذا العرض، أكد مهرجان أيام المسرح للشباب مجدداً دوره في دعم المسرح الجاد وتقديم تجارب فنية تعكس قضايا المجتمع بأسلوب راقٍ يجمع بين النقد اللاذع والطابع الإنساني العميق.