
استطاع مهرجان أيام المسرح للشباب أن يقدم الى الساحة الفنية الكويتية الكثير من شباب المبدعين في كافة عناصر العرض المسرحي ليحقق جملة من أهدافه برفد الساحة بالمواهب المتميزة ومنحها فرص عديدة لكي تنطلق وفي هذه الليلة من ليالي المهرجان نعيش مع نخبة من هؤلاء المبدعين ومنهم المخرج شملان هاني النصار الذي اختار أن يصنع لنفسه هوية خاصة لا تشبه أحدًا سواه. إنه مخرج شاب، لكنه يحضر في كل ميدان ويخرج منتصرًا، يفرض اسمه بثقة، ويجعل كل من يعمل في المجال يحسب له ألف حساب.
عندما تمتلك حسًا فنيًا وأذنًا موسيقية، فلن تجد صعوبة في التعامل مع واحدة من أجمل الآلات الموسيقية، الطنبورة، التي ارتبطت منذ القدم بحكايات البحر وقصص الجان. لكن الطنبورة التي جلبها النصار إلى المسرح لم تكن مجرد آلة موسيقية، بل كانت مسكونة بجنية عشقت سالم، الشاب اللطيف الذي جسّده باقتدار أحمد بن حسين. هذه الجنية سيطرت عليه وانتزعته قسرًا من حبّه الوحيد، نورة، التي أدّت دورها أحلام التميمي. وهكذا، تحوّلت عبارة ومن الحب ما قتل إلى واقع ملموس على المسرح، حيث عاشت كل شخصية حبّها بطريقتها الخاصة الأب، العاشق، البحّار، الفتاة، والأم… جميعهم كانوا كتلة من المشاعر التي صاغها المؤلف ببراعة، وأعاد المخرج تشكيلها على الخشبة بلمسات إبداعية لافتة.
قرأ النصار النص، ، وأعاد تقديمه بأسلوب مسرحي مشوّق جعل الجمهور يستمتع بعرض بصري مليء بالإبداع الجماعي، من استعراضات إلى غناء ومؤثرات مشهدية متقنة. ومن أبرز العناصر التي ساهمت في نجاح العرض كان حسن اختيار الممثلين، لا سيما الجنية، التي أدّت دورها ميلاني بريرا بصمت مطلق، لكن جسدها كان يتحدث ويصرخ ويضحك دون أن تنطق بكلمة هذه الفراشة المسرحية كانت تحلق في كل زاوية، تسرق أنظار الجمهور وتحبس أنفاسهم، وأثبتت أنها عند حسن ظن المخرج بها.
على صعيد الأداء، قدّم أحمد بن حسين دورًا تمثيليًا استحق عليه التصفيق طويلًا. فهو ممثل واعد له رصيد من الأعمال التراثية، لذا لم يكن غريبًا أن يتقمّص شخصية سالم بجنون، ويتعايش مع الجنية إلى درجة التلاصق. أما آمنة العبدالله (أم راشد)، فتميّزت بصوتها الجميل وإحساسها المرهف، لكن في بعض اللحظات كان صوتها يختفي، وهو أمر كان يمكن للمخرج معالجته خلال البروفات.
في المقابل، كان أداء الممثل الذي جسّد دور النوخذة بوهادي لافتًا، رغم أن مخارج حروفه بدت غريبة بعض الشيء، لكنها لم تفسد أداؤه القوي.
رؤية متكاملة
تميز العرض بلمسات إخراجية بارعة، حيث استغل النصار خشبة المسرح، وملأ الفراغات بخطوط حركة مدروسة، ليخلق صورة مشهدية متناغمة. السينوغرافيا كانت متجانسة ومتكاملة، من الأزياء التراثية المزركشة إلى الديكور والمؤثرات الصوتية والإضاءة، مما عزز من الأجواء السحرية التي غلفت العرض. ليقضي جمهور النسخة الخامسة عشرة من مهرجان أيام المسرح للشباب ليلة مسرحية ابداعية بامتياز
الفريق الفني لمسرحية «الطنبورة»
إخراج: شملان هاني النصار
مدير الإنتاج: علي صوفي
إشراف تقني: محمد سعد
مساعد مخرج: خالد خليفة
تصميم الأزياء: حصة العباد
إضاءة: ناصر السلمان
ماكياج مسرحي: عبدالعزيز الجريب
مؤثرات صوتية: خالد الدرعي
ديكور: إبراهيم التميمي
إشراف فني: الدكتور المذن .