حالة من الحزن خيمت على الأوساط الفنية المصرية والعربية بالرحيل المفاجئ للفنان مصطفى فهمي، في ساعة مبكرة من صباح أمس الأربعاء ، عن عمر ناهز 82 عاماً، بعد تدهور حالته الصحية ، بحسب ما أعلنت نقابة المهن التمثيلية في مصر.
وكان مصطفى فهمي قد تعرض لأزمة صحية مؤخراً، وتم نقله إلى المستشفى في شهر أغسطس الماضي، كما خضع إلى عملية جراحية دقيقة لإزالة ورم سرطاني في المخ.
في حين أتت العملية بعد أن عانى من مشاكل صحية مفاجئة استدعت تدخلاً جراحياً عاجلاً، بإزالة ورم فى المخ نتج عن تعرضة لجلطة فى المخ.
ثم شهدت حالته استقرارا رغمأنه كان يعاني من ثقل باللسان وصعوبة في الحركة، إلى أن جاءت وفاته صباح أمس الأربعاء.
خلال مسيرة فنية دامت نصف قرن، صنع الفنان المصري مصطفى فهمي حالة خاصة مع جمهوره بموهبته وثقافته وتحضّره، وأيضاً وسامته التي ساهمت بشكل كبير في وضعه كممثل ضمن نجوم الصف الأول بسهولة.
واستطاع فهمي بأداء تمثيلي مميز وانتقاء دقيق لأدواره التي جسدها في مختلف أفلامه ومسلسلاته، أن يترك بصمة عميقة في ذاكرة المشاهدين في مصر والوطن العربي.
واحتل مصطفى فهمي وشقيقه الفنان الكبير حسين فهمي، مساحة كبيرة في قلوب الجماهير، وهم أصحاب شعبية داخل الوسط الفني المصري، اشتهرا بوسامتهما، واستطاع كل واحد منهما أن يحقق نجاحاً مختلفاً عن الآخر، حيث تفوّق حسين فهمي على شقيقه في النجومية السينمائية، في حين تألقت نجومية مصطفى فهمي في التلفزيون، وكثيراً ما أعرب كلاهما عن محبته للآخر ودعمه له في مناسبات عديدة ومختلفة.
ولد مصطفى فهمي في عام 1942 لأسرة أرستقراطية ذات أصول شركسية كانت تمارس العمل السياسي؛ جده محمد باشا فهمي كان رئيساً لمجلس الشورى، ووالده محمود باشا فهمي كان سكرتيراً لمجلس الشورى، وجدته أمينة هانم المانسترلي صاحبة استراحة المانسترلي، بينما شقيقه الأكبر هو النجم حسين فهمي.
درس «مصطفى» في المعهد العالي للسينما بالقاهرة، وحصل على بكالوريوس من معهد السينما قسم تصوير. ثم بدأ مشواره الفني كمساعد تصوير في فيلم «أميرة حبي أنا» في عام 1974 مع مدير التصوير عبد الحليم نصر، ثم شارك كممثل في فيلم «أين عقلي» بنفس العام، وهو ما اعترف في وقت لاحق بأنه حدث بالصدفة.
بعدها لفتت موهبته أنظار المخرجين، حتى إنه في عام 1976 شارك في أربعة أعمال: «قمر الزمان»، «لمن تشرق الشمس»، «وجها لوجه»، و»نبتدي منين الحكاية»، لتتوالى بعدها أعماله التي تجاوزت 100 عمل ما بين السينما والتلفزيون، والتي كان أبرزها: «قصة الأمس»، و»حياة الجوهري»، و»أيام في الحلال» و»دموع في عيون وقحة».
تزوج مصطفى فهمي ثلاث مرات؛ الأولى من امرأة إيطالية، أنجب منها ابنيه «عمر ودينا» ثم انفصلا وظلّا على تواصل دائم لأجل الأبناء.
وتزوج بعد ذلك من الممثلة رانيا فريد شوقي في عام 2007 ثم انفصلا في عام 2012، وبعدها تزوج من الإعلامية اللبنانية فاتن موسى في عام 2015 ثم انفصلا في عام 2021 بعد خلافات واتهامات متبادلة عبر وسائل الإعلام.
قبل أعوام شارك الفنان مصطفى فهمي في حملة دعائية ظهر فيها مع شقيقه حسين، وكان يغني ويسأله «راح فين زمن الشقاوة يا حسين؟».
ومنذ عرض هذا الإعلان ودائماً يوجه لمصطفى فهمي سؤالاً عن «زمن الشقاوة» وإن كان قد ذهب أم لا زال يعيش فيه، وهو ما أجاب عنه في لقاء تلفزيوني سابق بأن هذا الزمن لا ينتهي من الحياة، لأن «الشقاوة» تشمل كل شيء في الحياة، سواء كان في السفر أو السهر أو الحب والزواج.
ودوماً ما كان مصطفى فهمي يلفت أنظار الجمهور بمظهره الشبابي الذي يختلف تماماً عن سنه كرجل تخطى الثمانين عاماً، ليكشف في تصريحات سابقة أسباب ذلك بقوله: «أنا شخص نهاري، أستيقظ مبكراً وأنام مبكراً في أغلب الأيام.. أحب الحياة، وأكره الاكتئاب.. أعشق الأماكن المفتوحة، وأمارس الرياضة باستمرار. كما أحب الناس والسفر والحياة نفسها، وهو ما ينعكس عليّ كإنسان».
وخلال مسيرة فنية استمرت نحو 50 عاماً، تألق مصطفى فهمي في عشرات الأفلام والمسلسلات التي لا تزال حاضرة في ذاكرة الجمهور المصري والعربي، بينها «قمر الزمان»، و»لمن تشرق الشمس»، و»وجهاً لوجه»، و»نبتدي منين الحكاية»، و»قصة الأمس»، و»حياة الجوهري»، و»أيام في الحلال» و»حرير مخملي» وغيرهم.
وكان آخر أعمال مصطفى فهمي فيلم «أهل الكهف»، الذي عرض في السينما خلال يونيو الماضي، وهو فيلم مأخوذ عن مسرحية «أهل الكهف» للأديب توفيق الحكيم، وكتب المعالجة والسيناريو والحوار أيمن بهجت قمر.
وشارك في بطولة الفيلم خالد النبوي، وغادة عادل، ومحمد ممدوح، ومحمد فراج، وريم مصطفى، وأحمد عيد، وصبري فواز، وبسنت شوقي، وبيومي فؤاد، وهاجر أحمد، وأحمد وفيق، ورشوان توفيق، وأحمد فؤاد سليم، وجميل برسوم، وعدد من الفنانين الذين يظهرون كضيوف شرف، من إخراج عمرو عرفة.