
اكد فنانون موسيقيون أهمية التأثير القوي الذي احدثته الاغنية الوطنية في دعم الصمود الكويتي في وجه الغزو العراقي الغاشم عبر صدق الكلمة وقوة اللحن وقوة الصوت وابداع واحاسيس الفنانين الجياشة ما عزز من عدالة وصمود القضية الكويتية امام الغزو العراقي الغاشم.
وقال الباحث في التراث الغنائي الكويتي صالح الغريب في لقاء مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) أمس الثلاثاء ان»الاغنية الوطنية لها اثر كبير وبالغ في نفوس المواطنين والمقيمين على حد سواء حيث يتفاعل الكثيرون معها لا سيما ان الاغاني الوطنية تستمد قوتها من الوجدان وصدق المشاعر».
واكد الغريب ان «الاغاني والاناشيد الوطنية الحماسية تلعب دورا حيويا ومهما وكبيرا لاسيما اثناء فترات الحروب والازمات السياسية فهي تبث روح الحماس والوطنية والولاء والانتماء للارض».
وأوضح ان»اغنية (اللهم لا اعتراض) التي اداها الفنان الكويتي عبدالله الرويشد في (الليلة المحمدية) كانت بمثابة الشجو والنحيب الذي تعاطف معه العرب فدخلت في قلوبهم قبل ان تلامسها مسامعهم وهزت وجدانهم بكلماتها الصادقة المفعمة بالشكوى الى الله من غزو جار لم يرحم جاره».
واستذكر الغريب الأداء الرائع الذي قدمته الفنانة الكويتية سعاد عبدالله على خشبة المسرح في (الليلة المحمدية) «وهي تقدم مأساة التشرد الكويتي وما يتعرض له اهل الكويت من ممارسات الاحتلال وكيف كان لتلك الصرخات أثر في تعريف هذه المأساة للجمهور العربي وفي دعم الصمود الكويتي».
وبسؤاله عن الكيفية التي استطاع من خلالها الكويتيون الصامدون في الداخل من مشاهدة الاوبريت مع حظر سلطات الاحتلال كل اشكال التواصل مع العالم الخارجي أشار الغريب الى تمكن بعض الأهالي من التقاط البث التلفزيوني الكويتي الذي سهلته ودعمته المملكة العربية السعودية قرب الحدود الكويتية وعن طريقه استطاع معظم الصامدين من رؤيته بعد تسجيله ونسخه بأجهزة الفيديو التي كانت منتشرة آنذاك حيث لم نكن وصلنا وقتها الى ما وصلنا اليه اليوم من تطور تكنولوجي في عالم الاتصالات».
وأضاف انه كان للاوبريت والاغاني الكويتية الحماسية ورسائل القيادة الكويتية ابان فترة الاحتلال وقع السحر في نفوس الصامدين اذ بعثت فيهم الامل بقرب التحرير والفرج فكانت رافدا مهما في تعزيز الصمود والمقاومة بكل اشكالها.
من جانبه قال الفنان عبدالله الرويشد ل (كونا) إن الاغنية الوطنية تحديدا بمثابة «حرب الكلمة فالكلمة واللحن والصوت هي اشد ادوات الحروب النفسية فتكا لاسيما في ظل تناغمهم مع الحدث» مؤكدا ان «الليلة المحمدية السادسة في عام 1990 هي محطة لا تنسى في مسيرتي الفنية».
وأوضح الرويشد ان الاعلامي المصري الراحل وجدي الحكيم قرر ان تخصص تلك الليلة للتضامن مع الكويت وشعبها في تلك المحنة وهو من رشحه للمشاركة في هذا العمل مع الفنانة الكبيرة سعاد عبدالله ومجموعة من الممثلين والمطربين المصريين.
وذكر ان ذلك تم بالاتفاق مع الشاعر الكبير الراحل عبدالرحمن الأبنودي فتمت كتابة دراما وأغنيات تلك الليلة ولحنها الموسيقار جمال سلامة وتم تسجيل الأغنية قبل ليلة واحدة من الحفل الذي أقيم بدار الأوبرا المصرية.
واستذكر الرويشد حديثا للراحل الأبنودي عن تلك الليلة حينما قال «أنا والرويشد أبكينا أمة العرب بأغنية (اللهم لا اعتراض) التي هزت وجدان العالم العربي».
وقال انه كان يرغب بشدة في ان يشارك في قضية الكويت بعمل فني يعبر فيه عن معاناة شعب الكويت من خلال صوته قائلا انه «ما ان بدأت بغناء (اللهم لا اعتراض) حتى كان صوتي يعبر عن صوت كل كويتي يصرخ قائلا (بلدي انظلم.. بلدي انظلم) وبكيت وانفجر بالبكاء كل من كان داخل القاعة فكانت الليلة المحمدية بكائية في حب الكويت».
وأضاف ان»هذا العمل لم يكن مجرد دور يتم تأديته أو غنائه وينتهي بل صرخة شعب مظلوم اغتصبت أرضه».
وذكر ان «أغلب الحضور ابان تلك الليلة كان من الشعب الكويتي ما جعل من تلك الأغنية فور سماعها مادة خصبة لانهمار الدموع ووجع القلب».
من ناحيته قال الشاعر بدر بورسلي في حديث مماثل ل (كونا) ان»الروح الوطنية التي يتمتع بها اهل الكويت لا يختلف عليها اثنان وبصوت مليء بالحب للوطن غنى الكويتيون اغنية (وطن النهار) فلا مجال للحديث او المراهنة على حب الوطن عند الجميع وهذه حقيقة لا يختلف عليها اثنان خاصة ان الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت كان قاسيا على الجميع».
واضاف ان»الاغاني الوطنية تثير في نفوسنا الروح الوطنية العالية والحماس والشعور بأن لاشيء يساوي تراب الوطن الخير».
وتطرق بورسلي للظروف التي احيطت بكتابة وتلحين الاغنية الوطنية الخالدة (وطن النهار) ابان فترة الغزو العراقي الغاشم حيث كانت الكويت ترزح تحت الاحتلال بقوله ان»(وطن النهار) كانت من صنع اهل الكويت لانها تعبر عن احاسيسهم في تلك الفترة العصيبة لما تعرضوا له من غزو غادر غاشم».
وذكر ان تفاعل الكويتيين مع اغنية (وطن النهار) هز المشاعر لانها نتاج كويتي شامل.
وأوضح انه كتب كلمات اغنية (وطن النهار) ابان فترة الغزو في منزله في (منطقة مشرف) التي كانت ايضا منطقة سكن الملحن الفنان الراحل سليمان الملا وقد كان يزوره فيكتب ويصيغ الكلمات ويقوم الفنان الملا بالتلحين على آلة العود الى ان انتهيا من الاغنية وقد حفظ الملا اشرطة التسجيل (الكاسيت) في مكان ما في منزله بعيدا عن اعين الغزاة الذين كانوا يقومون بتفتيش المنازل وقد اتفقا على ان خير من يغنيها هو الفنان عبدالكريم عبدالقادر.
واشار الى انه «بعد ان من الله على الكويت بنعمة التحرير توجه الملحن الملا الى القاهرة حيث التقى بالفنان عبدالكريم عبدالقادر وتم تسجيل الاغنية لتخرج مع كل فنياتها من كلمات وتلحين وأداء وتصوير على شكل ملحمة غنائية وطنية تهز وجدان كل كويتي بعد معاناة الجميع من الاحتلال الذي جثم على «الكويت وطن النهار طوال سبعة أشهر».